طور جديد من التمييز ضد المسلمين

وحدة رصد اللغة الإنجليزية

  • | الأحد, 13 مارس, 2016
طور جديد من التمييز ضد المسلمين

يبدو أن التمييز على أساس الدين أو العرق أو اللون ينتقل من طور الأفراد لمرحلة الجماعات؛ فبينما أصبحت حوادث الاعتداء على مسلم هنا أو هناك أمرًا اعتياديًّا لدى المطلع على الصحافة الغربية، فقد بدأت الجماعات العنصرية تشق طريقها نحو التحريض والتشجيع على أعمال عنف أكثر ضد المسلمين، الأمر الذي أصبح – بصورة ما- ديدنًا لنسبة ليست بالقليلة من الشعوب الغربية، ويبدو أن نشاط هذه الجماعات المتهمة بالكراهية على أسس دينية أو عرقية شجعت بصورة ما أو بأخرى على إعطاء الضوء الأخضر للأفراد بارتكاب المزيد من الأفعال العنصرية ضد المسلمين.
نقلت صحيفة Breitbart أن ولاية كاليفورنيا تضم أكبر عدد مما يطلق عليها جماعات الكراهية في الولايات المتحدة عام 2015م، ونقلت الصحيفة أيضًا بأنه يوجد في الولايات المتحدة حوالي 892 من جماعات الكراهية؛ حيث يوجد 68% من هذه الجماعات في ولاية كاليفورنيا تحديدًا، وأفاد تقرير صادر عن مركز قانون الفقر الجنوبي 'SPLC' أن هذا العدد ارتفع بنسبة 14% عن عام 2014م وجدير بالذكر أن نسبة الجماعات المعادية للمسلمين خاصة ارتفعت بنسة 45% عن عام 2014م.
وبعيدًا عن النواحي الإنسانية والأخلاقيات المهنية التي لا تعترف بالفوارق الدينية أو الثقافية أو العرقية، أطلعتنا الصحف على هذا الخبر الذي يشير إلى قيام مستشفى هالامشاير الملكي في مدينة شفيلد بانجلترا، الشهر الماضي، بتوقيف أحد استشاريي التخدير التشيكيين – دكتور روجزلوف، 46 عاما – لخرقه قوانين المستشفى بنشره معلومات عن واقعة حدثت عام 2013م على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وذكرت صحيفة(Daily Mail)  أن الواقعة التي كتب عنها  دكتور روجزلوف تتضمن اعتراضه على دخول جرَّاحة مسلمة لغرفة العمليات بحجابها، وهو ما اضطر الجرَّاحة لترك غرفة العمليات وتقديم شكوى ضده بالتمييز العنصري، إلا أن المستشفى وقفت في صف الاستشاري معتبرة ارتداء الحجاب داخل غرف العمليات خرقًا لأنظمة السلامة المعترف بها داخل المستشفى وهو ما اضطر الجرَّاحة المسلمة إلى ترك العمل بالمستشفى، والجدير بالذكر أن الاستشاري تم إيقافه بسبب نشره معلومات عن الواقعة وليس بسبب موقفه من ارتداء الجرَّاحة للحجاب.
كما نقلت صحيفة "Mirror" بأنه تم إخراج سيدتين مسلمتين من طائرة تتبع شركة بلو جيت، وذلك بعد ادعاء المضيفة بأن السيدتين كانتا تحدقان فيها بطريقة لم تعجبها، وجدير بالذكر أن الواقعة تم تسجيلها من قبل أحد الركاب ونشرها على موقع اليوتيوب، وفي سياق متصل قال أحد شهود العيان علي صفحته على الفيس بوك أن السيدتين كانتا في غاية الهدوء ويشاهدان الأفلامـ، كما يذكر أن الشركة صرحت فى بيان أن إحدى السيدتين كانت تصور إجراءات الرحلة، وهو ما يمثل قلقًا أمنيًّا، وأشارت إلى أن الأولوية الأولى لفريق الطائرة هي أن تكون الرحلات آمنة، وذكرت الشركة اعتذارها بشأن سوء التفاهم.
لا يقتصر وجود هذه الأعمال العنصرية فقط في أمريكا بل لا تكاد تخلو دولة من دول أوروبا من هذه المظاهر التي تحمل طابع العنصرية والاضطهاد ضد المسلمين؛ حيث يعاني المسلمون في فيينا ليس فقط من تزايد معدلات الإسلاموفوبيا في الدول الأوروبية خاصة عقب هجمات باريس الواقعة في شهر نوفمبر 2015م التي أسفرت عن مقتل 130 شخصًا وإصابة آخرين بل أيضًا من الثغرات القانونية التي تتيح لللمجرمين الإفلات من العقوبة، ومن المؤسف أن قوات الشرطة الأوروبية تقوِّض حق المسلمين خاصة في ظل الثغرات القانونية التي تُمكن المجرمين من عقوبة جرائم الكراهية ضد المسلمين.
ردود أفعال إيجابية:
على صعيد آخر تنوعت ردود الأفعال حول تنامي هذه الظاهرة بوتيرة سريعة سواء على المستوى الحكومي والمؤسسي أم الشعبي؛ حيث صرح بياترو جراسو، رئيس مجلس الشيوخ الإيطالي، في مؤتمر لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا قائلاً: "مساواة الإسلام بالإرهاب أمر خطير للغاية ويساعد على زيادة معدلات جرائم الكراهية، ومن ثمّ يجب علينا أن نرفض -وبقوة- الربط بين الهجرة والإرهاب وبين التنوع والتطرف"، وأضاف قائلاً "يجب علينا أن نرفض التشكيك في الإسلام والأجانب واللاجئين والحنق عليهم، الأمر الذي تؤججه بعض القوى السياسية الأخرى"، كما ذكر أنه ليس من قبل المصادفة أن ترتفع معدلات جرائم الكراهية والتعصب والعنف القائمة على أساس الكراهية الدينية والعرقية والثقافية، وأضاف قائلاً "كما نعلم من قاموا بهجمات باريس الأخيرة من داخل أوروبا، وبالتالي يعتبر ربط تقليل المخاطر الأمنية ومكافحة الإرهاب بعملية التحكم في تدفق اللاجئين والمهاجرين أمرًا تضليليًّا، وبالطبع فإن عملية مراقبة الحدود أمر حتمي، ولكن مع مراعاة المستجدات الأمنية والاستخباراتية وضمان حقوق الجميع: سواء كانوا مواطنين أومهاجرين، أو لاجئين، وتجدر الإشارة أن المحرر أخذ يلقي الشكوك حول تصريح رئيس مجلس الشيوخ قائلاً "على أي أساس بنى بياترو جراسو رأيه؟ هل قرأ القرآن؟ هل درس حياة سيرة النبي محمد؟" وتشير هذه الأسئلة إلى أن الكاتب يتبنى رأيًا مخالفًا لرأي بياترو جراسو.
كما نظمت الجالية الإسلامية لمدينة بوندابيرج بولاية كوينزلاند بأستراليا مؤخرًا ورشة عمل للتوعية بشأن الدين الإسلامي، وتناول اللقاء عدة قضايا من بينها مناقشة الشريعة الإسلامية في ضوء القرآن والسنة بالإضافة إلى دور المرأة في الإسلام كما تطرق إلى الإرهاب والجهاد، كما أتاح اللقاء فرصة التفاعل للحضور وإجراء محادثات مع أعضاء الجالية الإسلامية، وتهدف تلك الورشة إلى دحض المفاهيم المغلوطة حول الدين الإسلامي وإنهاء الشائعات المثارة حوله، وصرح أحد المشاركين أن تنظيم داعش لا يمثله كمسلم بوجه خاص ولا يمثل الإسلام بوجه عام، موضحًا أن المسلمين الأستراليين جزء من المجتمع الأسترالي، إلا أن وسائل الإعلام تتعمد تشويه صورة الإسلام ورفع معدلات الإسلاموفوبيا.

كما أعلنت مؤسسة بيوريا الإسلامية في شمال بيوريا فتح مسجدها للعامة في يوم الاثنين في الساعة السادسة مساء للمرة الثانية في ثلاث سنوات وتريد الجماعة الدينية المستضيفة لفاعلتي "اعرف الإسلام" و " اعرف السلام" معالجة ودحض الاتجاهات المضادة للإسلام المتزايدة في منطقة وسط إلينوي، كما تهدف الفاعلية إلى تبسيط الإسلام للأشخاص الذين لم يدخلوا المسجد من قبل، وستشهد الفاعلية حضور من ممثلي الطوائف الدينية المسيحية واليهودية التابعة لمؤسسة التحالف بين الأديان في وسط إلينوي وقادة المناطق المجاورة.
وفي لمحة للإيجابية الفردية في سياق مواجهة تنامي هذه الظاهرة قامت الفتاة عزة سلطان المواطنة الماليزية المقيمة بأمريكا التي صرحت أنها قدمت إلى مدينة نيويورك وهي في سن 16 عاما لدراسة الفنون الجميلة في مدرسة "بارسونز للتصميم"، ونظرًا لكونها بعيدة عن عائلتها ولمواجهتها للصورة السلبية عن الإسلام من قبل الأمريكيين، اتخذت عزة سلطان الفن قناة للتعبير عن مشاعرها، فتقول: "إنني أستخدم الفن للتعبير عن مشاعري وشعوري بالإحباط تجاه المجتمع"، ومن أجل التحضير لقطعتها الفنية الأخيرة التي  أطلقت عليها Home Sweet Home ،  قامت بنشر نداءات على فيس بوك وتمبلر وانستجرام تحث المسلمات في أرجاء الولايات المتحدة على التبرع بأوشحة حمراء أو بيضاء أو زرقاء لمشروعها وقامت بتجميع هذه الأوشحة في شكل علم أمريكا، وأضافت أن الغاية من هذه القطعة هو توصيل رسالة أن "كونك مسلمًا لا يعني بأنك أقل من أي أمريكي".
ليس بإمكان أحد أن ينكر أن انتشار مظاهر العداء والعدوانية على أسس عرقية ودينية وغيرها أمر مقلق، ولا يشجع على روح التفاعل والتعاون بين الشعوب، إلا أنه بدرجة ما وقود لشحن المهارات والوسائل المتنوعة التي يساهم بها المضطهدون من أجل الدفاع عن وجودهم.

 

طباعة
كلمات دالة: مرصد الأزهر