التَّطرُّفُ بينَ الخطورَةِ والمواجهَةِ (أيديولوجيا ألان جوبيه)

  • | الإثنين, 17 أكتوبر, 2016
التَّطرُّفُ بينَ الخطورَةِ والمواجهَةِ (أيديولوجيا ألان جوبيه)

أصبحت ظاهرةُ انتشارِالتطرفِ في فرنسا وسبل مواجهتها قضيةً ملحَّةً تطرح نفسها بقوة على جميع برامج المرشحين لانتخابات الرئاسة الفرنسية لعام 2017 لاسيما بعد تعرضِ فرنسا لأحداثٍ إرهابيةٍ غير مسبوقةٍ خلالَ العامين الماضيين.
في هذا الصدد، يعرض مرصدُ الأزهرِ الإجراءات التي سيعتمدها المرشح الرئاسي (ألان جوبيه) لمواجهة التطرف حال فوزه بالمعركة الانتخابية ومدى تأثير هذه الإجراءات على حياة المسلمين بفرنسا خلال الخمسة أعوام المقبلة.
وفي بداية حديثه حول ظاهرة التطرف يؤكد البرنامج الانتخابي لــ(ألان جوبيه) على حقيقة أن فرنسا بصدد مواجهة تهديد شديد ومتواصل يتصف بخطورته من حيث أسلوبه واتساع نطاقه حيث يمكن للهجمات الإرهابية أن تَطالَ الجميع في جميع أنحاء الجمهورية الفرنسية. كما يتصف أيضاً باستدامته بسبب تعدد المنفذين ما بين منتمين "لجماعات جهادية وأفراد متطرفين ومنعزلين وكذلك العائدين من مناطق القتال وغيرهم الكثير."
ويرى جوبيه أنه يجب على فرنسا أن تغير نهجها في التعاطي مع ظاهرة التطرف كما يتوجب عليها أن تمحي كل تبعات الوضع الاستثنائي الذي تقبع فيه منذ فترة طويلة، ففرنسا الآن، أكثر من أي وقت مضى، بحاجة إلى دولة قوية تستطيع استخدام كافة الأدوات اللازمة، سواء كانت قضائية أومالية أو حتى تنفيذية.
وجاءت الإجراءات المقترحة من أجل مواجهة الإرهاب في البرنامج الانتخابي لجوبيه كالتالي:

1-    تعزيز الاستخبارات الأمنية.
2-    تحسين وسائل التأمين.
3-    تشديد عقوبة مرتكبي الجرائم الإرهابية.
4-    منع ومكافحة التطرف.
5-    هيكلة مشروع "إسلام فرنسا".
6-    تعزيز القدرات الدفاعية في أوروبا.

•    وفيما يتعلق بتشديد عقوبة مرتكبي الجرائم الإرهابية، يطرح البرنامج النقاط التالية :
-    إعادة تطبيق العقوبة المزدوجة من أجل ترحيل الأجانب الصادر أحكام بشأنهم.
-    عزل المتطرفين المعتقلين وتفتيشهم باستمرار للتأكد من عدم وجدود هواتف محمولة بحوزتهم وتأمين مراقبة الرسائل من خلال متخصصين في مكافحة الإرهاب.
-    استحداث شرطة بالسجون الفرنسية المكتظة لتفتيش المسجونين ومراقبتهم عن كَثَب حيث أن السجون الفرنسية أصبحت أماكن للتطرف وتجارة المخدرات كما أصبحت "ملاذاً" للإهمال بدلاً من أن تصبح أماكن لتقييد الحريات وللإصلاح وذلك بسبب حقوق المسجونين التي تمنع تفتيشهم.
-    إلغاء التخفيض التلقائي للأحكام حيث ينبغي على القضاة الأخذ في الاعتبار مدى فاعلية فترة العقوبة قبل إصدارالأحكام حيث يحصل السجين وفقاً للنظام الحالي على 3 أشهر تخفيضاً  عن السنة الأولى وعلى شهرين عن كل عام بعد ذلك كما يحصل أيضاً على شهرين آخرين إذا ما تم تقييم برنامج إصلاح السجين إيجابياً.
-    إلغاء العقوبات البديلة التي تمنح لذوى الأحكام ما دون العامين.
-    إعادة تطبيق الحد الأدنى للعقوبات.
-    إنشاء 10000 زنزانة في خلال خمسة أعوام بتكلفة 1.6 مليار يورو. فالسجون الفرنسية مكتظة كما أن فرنسا لا تمتلك الكثير منها. ونتيجة لذلك تم تقليل مدة العقوبات بدلاً من سجن الجناة.
•    أما فيما يخص منع ومكافحة التطرف، فإن البرنامج طرح بعض الإجراءات التي من شأنها، بحسب البرنامج، أن تقلل أو تمنع انتشار هذه الظاهرة في الأراضي الفرنسية. جاءت هذه الإجراءات كالتالي:
-    مراقبة دور العبادة من أجل إغلاق المساجد ذات النشاط المتطرف.
-    طرد الأئمة السلفيين.
-    معاقبة المترددين على المواقع الجهادية بعقوبات فعالة من أجل السيطرة على التجنيد من خلال الإنترنت.
-    بث خطاب علماني مضاد على الإنترنت لمكافحة الدعاية المتطرفة.
•    وفيما يتعلق بهيكلة مشروع (إسلام فرنسا)، فيرى جوبيه :
-     أنه يجب على الدولة إبرام اتفاقية مركزية رسمية مع ممثلين عن الدين الإسلامي من أجل إرساء قواعد "إسلام فرنسا"، كما أنه يجب الاتفاق على النقاط التالية :
-    القواعد المتعلقة باختيار الأئمة.
-    التدريب الإلزامي للأئمة.
-    الشفافية في تمويل دورالعبادة.
-    اعتماد اللغة الفرنسية في الخطاب الديني.
       جدير بالذكر أن معظم الإجراءات المقترحة لمواجهة التطرف في برنامج المرشح الرئاسي (آلان جوبيه) تتشابه كثيراً مع مثيلاتها في برامج المرشحين من أحزاب اليمين الفرنسية. كما أن بعض هذه الإجراءات قد تبنته الحكومة الفرنسية بالفعل. فالحكومة الفرنسية الحالية كانت قد أعلنت عبر موقعها الرسمي في السادس والعشرين من شهر أغسطس العام الجاري عن عزمِها اتخاذِ تدابيرَ حازمة لمواجهة ظاهرة التطرف داخل الأراضي الفرنسية. كما صرحت بأنها في سبيلها لاستكمال المنظومة القانونية المتعلقة بأحداث العنف المرتبطة بالدين وأنها تعمل على تعزيز قدرات القوات الأمنية والاستخباراتية لديها بما يتناسب مع ضخامة التهديد الذي تواجهه فرنسا.
             وفي وقت سابق أطلقت الحكومة الفرنسية موقعاً على شبكة الإنترنت أسمته "stop djihadisme" لمواجهة التطرف وتقديم محتوى علماني يتناسب مع مبادئ الجمهورية الفرنسية كما أنها خصصت رقماً للإبلاغ عن الاشتباه في حالات التطرف أسمته "الخط الأخضر". وتعمل الحكومة في الفترة الأخيرة على إعادة هيكلة مؤسسة "إسلام فرنسا" التي تهدف لتقديم نسخة من الإسلام في فرنسا لا تتعارض مع مبادئ العلمانية التي تتبناها الجمهورية الفرنسية.
             ويرى مرصد الأزهر أنه من المهم اتخاذ جميع التدابيرالأمنية التي تحول دون تنفيذ عمليات إرهابية ضد مواطنين آمنين، غير أنه من الضروري أيضاً مراعاة عدم تأثير مثل هذه التدابير على الحريات الشخصية للمواطنين. كما أنه لا يجب الاعتماد على الإجراءات الأمنية كحل وحيد للتخلص من آفة التطرف، بل يجب أن تعمل الحكومات الغربية أيضاً على تعزيز اندماج المسلمين في مجتمعاتهم واعتبارهم جزءاً أصيلاً منها.

تقرير صادر عن وحدة رصد اللغة الفرنسية

 

طباعة