مهلاً داعش فهذا ما قدمت يداك

  • | الخميس, 27 أكتوبر, 2016
مهلاً داعش فهذا ما قدمت يداك

في إطار متابعته لأحوالِ المسلمين بفرنسا، قام مرصدُ الأزْهَرِ (فرنسي) بتفريغِ محادثةٍ صوتيةٍ (فيديو) علي شاشة قناة   TV Libertés تحدث فيه أحدُ الكُتَّابِ الفرنسيين عن خوفه من سيطرةِ الإسلامِ على فرنسا في المستقبل القريب، كما أعرب عن استيائه من الدِّين الإسلامي واصفًا إيَّاه بأنَّهُ دِينُ الغزو والإخضاع.
يأتي هذا في غضونِ ما تنتويه فرنسا بالفعل من إعادة هيكلة مؤسسة (إسلام فرنسا)، والتي تهدُفُ في مقامِها الأول إلى سياسة إخضاع الإسلام للعلمانيَّة ولِقيمِ الجمهورية الفرنسية، ومن الواضح من خلالِ إلصاقه الإرهاب بالإسلام أنَّهُ جَدُّ متأثر بداعش وأخواتها، ولكن يرى المرصدُ أنَّه ليس من الإنصافِ التعميم، بل يجب أنَّ تُصحَّحَ مفاهيمٌ خاطئةٌ لديه، وهو أنَّ الإسلام بريءٌ من داعش وأخواتها، وأنَّ مثل تلك الجماعات لا تُمثِّلُ إلا نفسها.

وإليكم نص المحادثة مُفَرَّغاً:
حللت ضيفًا علينا منذ قرابة العام، وقام حوالى 400000 شخص بمشاهدة اللقاء، واليوم نستضيفكم بمناسبة نشر كتابكم بعنوان "هل سيتوقفُ قرعُ الأجراسِ بالمستقبلِ"، والذي تقولون فيه أنَّ الوقت قد حان لشرح رؤيتكم لمستقبل فرنسا، يُذكر أنكم أصدرتم من قبلُ كتاب "مساجد رواسي" عام 2006، وجاء في صفحته رقم 169 أنَّه: "لن يكون هناك إسلامٌ في فرنسا، بل سيكون هناك فرنسا إسلامية"، وبعدها بعشر سنوات تقولون أنَّه يُوجد بالفعل فرنسا إسلامية الآن.
نعم، لقد تطورت الأمور على غير ما تشتهيه الأنفسُ، وأتذكَّر جيدًا أنه عندما قُدِّمَ بجولةٍ لوسائل الإعلام عام 2006، كان أول سؤال للصحفيين: "سيد فييله، هل أنت متأكد مما تقول؟" في حين كان الكتاب يحتوي، تمامًا كالكتاب الأخير، على مستندات أجهزة سرية وأجهزة استخبارات فوق مستوى الشبهات. في الواقع، اتَّضح أنَّ كلَّ ما كتبته عام 2006 كان صحيحًا، ومع ذلك لم يُجْرِ أيُّ صحفيٍّ حوارًا معي، وما فاجئني أنني تعرضت لنفس الموقف عندما نشرتُ كتابي الأخير أيضاً.
سألني أحد الصحفيين: من أين تأتي بتلك المعلومات؟ هذا يعني أن هنالك مئات المناطق تُشبه حي "مولينبيك"، ويقول جهاز الاستخبارات المختص بملف الإرهاب: إن هناك بعض المجتمعات الريفية الصغيرة في طريقها إلى أن تصبح قرى سلفية، إنهم لا ينظرون إلى فرنسا كما نراها نحن ولا يعيشون بنفس البلد أو بالأحرى هناك ثلاثة قوي تتنافس :
* العلمانية والتي تسبب الفراغ الذي سيملئه المتطرفون.
* التعددية الثقافية، والتي ستؤدي إلى الحرب الأهلية.
* اليسارية الإسلامية، والتي تسيطر على شركات وسائل الإعلامي.
ويتضح الآن جليًّا أنه لو كُنَّا قد اتَّبعنا دستور المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ودستور مجلس الدولة باسم مبدأ عدم التفرقة العنصرية، لكُنَّا قد أسكتنا قرع الأجراس تمامًا - كما يحدث في البلاد الإسلامية - لتحل محلها أصواتُ المؤذنين.
إن سمفونية الإرث الخاص ببلادنا تتعرض الآن لخطر وجود أصوات المؤذنين وخطر أسلمة فرنسا وبناء المساجد؛ ولهذا ألفتُ هذا الكتاب.
لقد تلقيت الكثير من مستندات الأجهزة الاستخبارية تُؤكِّد للنُّخَبِ السياسية في بلادنا تحالفات شرق أوسطية وتحالفات مع كلٍّ من المملكة العربية السعودية وقطر؛ وذلك لأن المملكة العربية السعودية تقوم بدعم السلفيين وإيوائهم وتمويلهم وحكمهم، ومن ناحية أخرى تقوم قطر بدعم وإيواء وتمويل وتوجيه جماعة الإخوان المسلمين المنافسة للجماعة السلفية في فرنسا.
وبما أنه يجب الاختيار بين قطر وبين المملكة العربية السعودية، فهناك بعض الأحياء التي تنتمي لقطر وأحياء أخرى تنتمي للسعودية فيشبه هذا "السوق" على غِرار النموذج الشرقي لبيع الأسلحة في مقابل خدمة السياسة الوهَّابية الخارجية، ويمكننا القول بأن هناك سوقًا انتخابيًّا آخَر لبيع الأصوات مُقابل المساجد.
وفي الكتابِ أُقَدِّمُ للفرنسيين الأجوبة على السؤال: كيف ولماذا تركت النخبةُ الدولةَ منذ 40 عامًا للإسلام؟ وكيف ولماذا تتهيَّأ للتخلِّي عن الأرض؟ وكيف ولماذا يجب الاختيار بين فرنسا والقرآن؟
إننا بصدد غزو سكاني مُتوافق عليه فيما يُشبه نوع من أنواع الطقوس التي يُشارك فيها كلٌّ من النُّخَبِ والإسلام، فالنُّخَبُ تبحث عن العمالة بسعرٍ قليل، وبما أننا لا نملك السكان توجَّبَ عليهم البحث عن الشعوب بالخارج، وهذا هو مشروع استبدال الشعب الذي يتوافق مع مشروع الإخوان المسلمين، والذي يسمى "التمكين" أي: الأسلمة بسلاسة، فالنُّخْبَةُ من ناحية تُنادي بتجديد التوزيع السكاني، وطارق رمضان من ناحية أخرى يُنادي بتغيير الشعب.

> يطالب البعض بالتخلي عن بعض المناطق من أجل إنقاذ المناطق الأخرى، ما رأيكم؟
باسم الحرية سنُعطيكم جزءًا من الأراضي الفرنسية؛ حيث يمكنكم تطبيق الشريعة الإسلامية على غرار بعض المناطق بالمملكة المتحدة في صفقة تبادل السلام مُقابل التقسيم.
لقد وقفتُ طويلاً في حالةٍ من الذهولِ أمام تصريحات الرئيس "فرانسوا هولاند" لاثنين من صحافيٍّ جريدة "لو موند"، عندما رد عل سؤل: كيف يمكن أن نتجنَّب التقسيم؟ هذا هو ما يحدث بالفعل.
ويُعزِّز هذا ما قاله رئيس الوزراء الفرنسي "مانويل فالس" بالأمس القريب "الإسلام يحتلُّ مكانًا في فرنسا"؛ إذا فالهدف نقول للفرنسين: نحن الفرنسيون نُصافح النساء، ولا ترتدي نساؤنا تنُّورات القرون الوسطي، والأجراس تدقُّ في بلادنا، والقرآن ليس فرنسيًّا، إنَّ القُرآن لا يحمل سوى:
أولاً: "الجهاد" أي: الغزو، وبناء أمَّةٍ أخرى تخضع لله، وهذا ما لا يُمكننا القبول به، لا أن هذا لا يعني الهجمات الإرهابية وحسب، بل يعني الغزو، فهو دِين الإخضاع.
ثانيًا: "الشريعة فالإسلام"، كما يقولُ أحد الكُتَّاب، هو دِين البربر، إنَّه أكثر من مجرد دِين؛ لأنَّه نظامٌ سياسيٌّ دينيٌّ، وهذا يعني وجود كلٍّ من أمةٍ ومجتمعٍ ودِينٍ وقانون؛ فالقانون في الإسلام هو شريعة الله المقدسة التي لا يمكن تعديلها أو سنها، فجميعنا يعلم حكم ضرب المرأة في هذا القرآن الذي بجواري الآن.
وفي حوارٍ مع الملك "محمد الخامس" قال لي: إنكم لن تستطيعوا جعل المغاربة فرنسيين؛ وذلك يرجع إلى وجود مفهوم الأمة الإسلامية التي تجمع المسلمين فقط؛ حيث يوجد في الإسلام ما يُسمى بـ"دار الإسلام"، فما من مؤاخاة خارج هذا السياق؛ لذا لا يمكن أن يصير المسلم جزءًا من أمةٍ أُخرى؛ لذا فقد قام المسلمون بتكوين أمَّةٍ خاصة بهم في قلب الأمة الفرنسية تحتلُّ المناطق الريفية، وتبني علاقات مع سوريا، ولو كنَّا قطعنا تلك العلاقات لما حدث هجوم مسرح "الباتاكلان".
كما قرَّورا أن يجعلوا من الإسلام قوة انتخابية؛ ولذا لا يستطيع أحدٌ التطرُّق لهذا الأمر، في الواقع لم تعد فرنسا مستقلة حيث إنَّنا نعمل مع حَلِيفين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط، لقد انخرطنا في حرب مع الولايات المتحدة في كوسوفا في الماضي، والآن نتحالَفُ ضدَّ بوتن وضد الأسد فيما يُقاتل بوتن والأسد جماعتي أحرار وأنصار الشام، الذين وصفهم السيد "فابيوس" بأنهم "يقومون بعمل جيد". أما عن مرشحي الانتخابات الرئاسية كـ"ألان جوبية" الذي يصفُه المسلمون في بوردو بأنه خاتم في إصبعهم، و"نيكولا ساركوزي"، فيتصوَّرون أنَّ الحلَ لأزمة الإسلام في فرنسا هو جعل المجتمع الفرنسي مجتمعًا متعددَ الثقافات، وأنا أرى أنَّ هذا ليس حلاًّ، إنما هو مدخلاً للحرب الأهلية.
أما عن دوري، فأنا أسعى إلى إيقاظ الفرنسين وتنبيههم إلى أن فرنسا تُواجه خطرَ الاندثار؛ حيث يجب أن يعلموا أنَّ الإسلام والمسلمين ليسوا أمرًا واحدًا، ويقولوا نحن نرفض الإسلام، وفرنسا لا تريد أن تكون الابنة البكر للإسلام، فلا مزيد من بناء المساجد، ولا لتسلُّل الوهابية والأموال الأجنبية.
في حقيقة الأمر يحب الاختيار بين القرآن وبين فرنسا، فقد شهدت فرنسا كثيرًا من المسلمين ممن اختاروا فرنسا وممن اختاروا الإسلام؛ لذا يمكن أن يُوجد مسلمون فرنسيون ولا يمكن أن يُوجد إسلام فرنسي، ويوم أن يحدث هذا سيعني أن فرنسا أصبحت دولة إسلامية، وهذا ما سأُحاربه حتى آخِر قطرة في دمي، ففرنسا ستظل دائمًا فرنسا.
وأقول إلى كل مَن يسمعني الآن: لا تتخلوا عن شبر واحد من الأرض؛ فنحن أصحاب حضارة عظيمة، وبالنسبة لشعب كالشعب الفرنسي هناك حقَّان حتميَّان:
* الأول: حق الاستمرار التاريخي، وهو حق حماية رموزه وثقافته وآثاره.
* الثاني: حق إثراء العلوم الإنسانية بحضارتنا والتفريق بين ما هو دنيويٌّ وما هو روحي، وفهم دور المرأة.
إنَّ فرنسا هي من اخترع فن اللباقة، وبرؤية المرصد يمكن أنْ تُعَذّى هذ الأمور الإسلاموفوبيا التي شاركت داعش ومَن على شاكلتها في صناعتها.

وحدة رصد اللغة الفرنسية

 

طباعة