فى إطار الجهود التى يقوم به مرصد الأزهر من محاولة رصد ظاهرة الإسلاموفوبيا التي باتت تمثل مصدر قلق للقادة المسلمين نظرًا لما يتعرض له المسلمون في مختلف أنحاء العالم، تواصل وحدة رصد اللغة الإنجليزية بمرصد الأزهر آثار هذه الظاهرة هذا الأسبوع.
ولعل أبرز ما رصدته الوحدة هذا الأسبوع قيام بعض المراكز البحثية برصد الشعور العام تجاه الإسلام والمسلمين في الغرب وأفادت بأن هذه الظاهرة في تنامٍ مستمر، حيث نشرت صحيفة (Sputnik news) دراسة تفيد بأن مجلة نيويورك تايمز تعتبر الإسلام أسوأ من السرطان، حيث أجرى الباحثون الدراسة على ما يقرب من 2 مليون من عناوين الأخبار التي صدرت عن الجريدة في الفترة ما بين 1990 إلى 2014. وفي سياق متصل، تم تصنيف الأخبار عن الإسلام والمسلمين إلى سلبي وإيجابي ومحايد. وأضاف المحللون أيضًا بأن 57 % من هذه العناوين صنفت على أنها سلبية كما زادت نسبة العناوين التي تتحدث عن الإسلام بنسبة كبيرة في عام 2014 مقارنة بالأعوام السابقة بالإضافة إلى زيادة نسبة الأخبار التي تأخذ اتجاهًا سلبيًا عن الإسلام والمسلمين بنسبة 68% عام 2015 مقارنة بـ 35% عام 2009. وقد أرجع المحللون هذا إلى زيادة انتهاكات جماعة داعش الإرهابية. ويؤكد التقرير على أن هناك نظرة سلبية عامة تجاه الإسلام في وسائل الإعلام الغربية مما يساهم في تنامي الإسلاموفوبيا.
ولا شك أن هذه الدراسة لها دلالتها لأنها أجريت على مصادر إعلامية، وهذه المصادر لها أثرها في تشكيل الوعي العام لدى المخاطبين، وإذا كانت الدراسة ترى أن جريدة النيويورك تايمز -من خلال رصد عناوين أخبارها حول الإسلام- تعتبر الإسلام أسوأ من السرطان، فلا شك أن هذا سيكون له أثر على جمهور القراء في تشكيل صورة نمطية منفرة عن الإسلام.
إن مثل هذه المحاولات الإعلامية لها أبرز الأثر في تنامي تجليات ظاهرة الإسلاموفوبيا التي نرصدها ونراها يومًا بعد يوم، ولعل الأخبار التالية توضح لنا مظهرًا لذلك.
فقد وقد نشرت وكالة الأنباء الإسلامية (International Islamic News Agency) تصريح بعض المحللين لوكالة أنباء الأناضول يفيد بأن المجتمعات الإسلامية في أوروبا تعاني من تزايد جرائم الإسلاموفوبيا خاصة بعد هجمات باريس الأخيرة. وجدير بالذكر أن معظم هذه الجرائم لا يتم معاقبة من قاموا بها. وفي سياق متصل صرح Bekir Gunes رئيس مؤسسة Belgium-based think tank بأن جرائم الكراهية ضد المسلمين ارتفعت بشكل كبير بعد هجمات باريس والتي راح ضحيتها 130 شخصًا وإصابة آخرين. وصرح أيضًا بأن الإجراءات الأمنية المشددة التي اتبعتها الدول الأوروبية أثرت بشكل كبير على المسلمين. وأضاف أيضًا بأن هناك بعض القوانين التي لا تسمح بمعاقبة الجناة في جرائم الكراهية. وطبقًا لمركز Pew الأمريكي, يعيش أكثر من 40 مليون مسلم في أوروبا.
وتتضمن الجرائم الناتجة عن الإسلاموفوبيا ما رصده موقع (WISHTV.Com) تحت عنوان "تحقيقات الشرطة الفيدرالية بشأن تخريب مسجد بلاينفيلد بالولايات المتحدة"، يفيد بأن منظمة "كير" صرحت أنه تم تخريب المقر الرئيسي للمركز الإسلامي بمنطقة بلاينفيد، بالإضافة إلى نشر صور ورسوم جرافتي مسيئة على جدران المسجد مما أثار سخط واستياء المواطنين المجاورين للمسجد. وأوضحت إحدى الشهود المجاورين للمسجد أن هذا المركز الإسلامي تم تأسيسه منذ 1982، مشيرةً إلى أن المسلمين يعيشون معهم في تناغم وأنهم جزء من المجتمع الأمريكي، معربة عن أملها في إلقاء القبض في أسرع وقت على هؤلاء المخربين. ومن المقرر أن يعقد المركز الإسلامي مؤتمرًا صحفيًا اليوم لمناقشة تفاصيل الحادثة.كما طالبت منظمة كير بإدراج تلك الحادثة ضمن جرائم الكراهية المرتكبة ضد المسلمين في المجتمع الأمريكي.
هذا التحيز الإعلامي والشعبي ضد المسلمين يسانده في بعض الأحوال قادة أو سياسيون فيؤسسون لهذا النمط من الخطاب المعادي للمسلمين، وما تصريحات دونالد ترامب عن المتابعين ببعيد.
لكن ومع ذلك، لا تخلو الصورة من مشاهد إيجابية خاصة لسياسيين متعقلين يحاولون تصحيح الصورة، وهي وإن كانت محاولات بسيطة، إلا أنها تلقى قبولًا من المسلمين.
وفي هذا السياق نجد خبرًا نشرته وكالة الأنباء الإسلامية (International Islamic News Agency) تحت عنوان "زيارة حاكم ولاية مينيسوتا الأمريكية لمركز إسلامي إثر تعرضه للسرقة" والذي يفيد قيام حاكم ولاية مينيسوتا الأمريكية -مارك دايتون- ونائبته تينا سميث بزيارة المركز الإسلامي جنوب مدينة مينيابولس إثر تعرضه للاقتحام والسرقة الأسبوع الماضي. وقد وصف الخبر الحادثة بأنها هجوم وحشي، موضحًا أن هذا الهجوم بمثابة انتهاك صارخ لحق كل مواطن بمدينة مينيابولس في إقامة شعائره الدينية حسب رغبته.
ومن تبعيات الإسلاموفوبيا، خوف الغرب من المهاجرين، خاصة المسلمين، لما ينتابهم من قلق بأن يكون بينهم إرهابيون أو خوفًا من نشرهم لأفكار متطرفة وبالفعل بدأت بعض الدول من ألمانيا بفرض قيود على استقبال المهاجرين وتغيير سياسة "الباب المفتوح"، إلا أنه على النقيض من ذلك ورد خبر في BBC بعنوان "زوكربيرغ: فيسبوك ترغب بمكافحة خطاب الكراهية ضد المهاجرين" يفيد بأن مارك زوكربيرغ، مؤسس موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي، قال بأن موقع فيسبوك بحاجة لمواجهة أفضل لخطاب الكراهية ضد المهاجرين. ووصف “زوكربيرغ” المهاجرين بأنهم فئة بحاجة للحماية، وذلك خلال ندوة عامة بالعاصمة الألمانية برلين.وحضر الندوة نحو ألف شاب، أغلبهم من الطلاب. ويواجه موقع فيسبوك انتقادات في ألمانيا، بسبب فشله في كبح المنشورات المعادية للمهاجرين. وقالت وزارة العدل الألمانية إن فيسبوك يتحرك نحو إزالة الصور الجنسية، أسرع مما يفعل إزاء الرسائل العنصرية. وتسبب تزايد أعداد اللاجئين الذين يدخلون ألمانيا في إثارة الجماعات المناهضة للمهاجرين. وتزايدت التوترات في ألمانيا داخل الفضاء الافتراضي وخارجه، خاصة بعد سلسلة الاعتداءات التي وقعت عشية العام الميلادي الجديد، والتي ألقيت المسؤولية عنها على عاتق مهاجرين.