فرنسا بين الخوف من الإسلام واقتراح التعايُش معه

  • | الأحد, 30 أكتوبر, 2016
فرنسا بين الخوف من الإسلام واقتراح التعايُش معه

هل بات الإسلامُ في حدِّ ذاته تهديداً لفرنسا؟ أم أنَّ ما يُلْصَقُ به من الإرهابِ هو الباعثُ لتخوفها من أن يسيطر هذا الدين على البلاد؟ وهل فَطِنَ المسلمونَ لما تسببه لهم داعش من تُهَمٍ هم منها براء؟ وكيف السبيل إلى تصحيحِ مفاهيمٍ مغلوطةٍ عن حقيقةِ الإسلامِ السَّمْحِ التي عَلِقَت بأذهانِ المجتمع الفرنسي؟ وإلامَ هذا التخوف من انتشار الإسلام؟
تساؤلات يطرحها مرصدُ الأزهرِ حول الأحداث التي يشهدها الصعيد الفرنسي وعما يدورُ بخَلَدِ شعب أضحى الإسلامُ بالنسبةِ له هو يمثل خطراً كبيراً.
وفي هذا الصدد يتناول المرصد في هذا المقال دراسة نشرها مؤخراً معهدُ مونتاني عن تنظيم (إسلام فرنسا). يُقَدِّمُ فيها هذا المركز البحثي المستقل عشرة مقترحات لضبط ممارسة الدين الإسلامي في الدولة الفرنسية وفقا للقيم الجمهورية.
حيثُ ذكرت جريدة "الأحد" على غرار ما يمتلكه أتباع الدين اليهودي والمسيحي "الوصايا العشر" أو "الكلمات العشر"، يتقدم معهد مونتاني -المركز البحثي الحر الذي يعمل على تحليل كل ما يتعلق بالانسجام المجتمعي ،والحراك العام للدولة والقدرة التنافسية والتمويلية العامة، بعرض عشرة مقترحات لتنظيم (إسلام فرنسا).
وذكرت الجريدةُ أنَّ : "صورة المسلمين في فرنسا اليوم سيئة للغاية" وهذا ما يستند عليه تحقيق منظمة (إسلام فرنسي) والذي نشر يوم الأحد 18 سبتمبر. وكذلك لأول وهلة تكشف هذه الدراسة زيف الاعتقاد السائد والبعيد كل البعد عن الواقع الميداني والذي ينتقده جزء من النخبة السياسية الفرنسية وبعض المثقفين الذين يظهرون في وسائل الإعلام وهذا المعتقد هو "أنه ليس هناك مجتمعًا مسلمًا ولا منظمة إسلامية تعمل على توحيد المسلمين وتنظيم شؤونهم".
في المقابل يشير التقرير إلى تعدد وتنوع أشكال الدين الإسلامي في فرنسا، من بين هذه الأشكال ما "ينشأ وينتشر من خلال المؤسسات والحركات الوطنية أو من خلال منظمات دولية أو دول أجنبية". ويرى المعهد أن هناك عدد هائل من الممثلين الذين يتلاعبون بمسلمي فرنسا "وتساهم التوترات التي يثيرونها والعداوات التي يعملون على تغذيتها إلى تعقيد فهم الإسلام في فرنسا".
ويقولُ (حكيم القروي) كاتب التقرير ومؤسس نادي القرن الحادي والعشرين وهي شبكة فرنسية تعمل في المقام الأول على مد يد العون للأطفال المهاجرين ، أنَّ الدولة الفرنسية في نهاية عام 1980م بدأت تتدخل لمحاولة تنظيم الإسلام في فرنسا. الجدير بالذكر أنَّ إنشاء ما يعرف بمجلس الفكر الإسلامي في فرنسا عام (1989-1993) كان الحلقة الأولى في هذه السلسة الطويلة. تبعها في عام 1993 إنشاء معهد الغزالي في المسجد الكبير بباريس لتأهيل القادة الدينين ، وفي عام 1995م تأسس التحالف الوطني لمسلمي فرنسا. وفي عام 2003م تأسس المجلس الفرنسي للدين الإسلامي الغني عن التعريف ومؤخرًا مؤسسة أعمال الإسلام في فرنسا التي عادت للعمل بشكل عصري على يد الرئيس المحتمل (جون بيير شونيفمون).  
وإليكم المقترحات العشرة:
هذا العام معهد مونتاني هو من سيقوم على حل هذه المشكلة من خلال عشرة مقترحات، مقتنعًا بأن "إسلام فرنسا أمر ممكن":
1-    توسيع ميثاق تمويل الإسلام ليشمل منطقة (ألزاس موزيل) بهدف تمويل الدولة لتأهيل الأئمة. بتكلفة إضافية قدرها 5.5 مليون يورو.
2-    تفرض مؤسسة أعمال الإسلام ضريبة على استهلاك اللحوم الحلال تُقدم على شكل مساهمة. الربح المتوقع: 50 مليون يورو.
3-    انشاء مدرسة وطنية للوعظ تعمل على تأهيل وتوظيف الوعاظ.
4-    إعداد (اختبار الإسلام الفرنسي) خاص بالأئمة والوعاظ.
5-    التشجيع على المشاركة المجتمعية لإظهار الإسلام الخاص بالدولة.
6-    تعليم اللغة العربية في المدارس الحكومية للحد من جاذبية دورات اللغة العربية في المساجد.
7-    متابعة الأوضاع من خلال الإحصاءات الدينية.
8-    تأليف كتاب تاريخ منصف ينتشر في البلاد الواقعة على شواطئ البحر المتوسط.
9-    إنشاء وزارة للعلمانية والأديان ترتبط في الوقت الحالي بوزارة الداخلية.
10- إعادة النظر في سياسة فرنسا الخارجية من أجل الحد من تأثير الأنظمة الوهابية (قطر والمملكة العربية السعودية وغيرهم).

وفي رده على هذا التحقيق يقول عالم اجتماع الأديان في منطقة (إكس بروفانس) "رفاييل ليوجييه" على قناة أوروبا الأولى "المسلمون طبيعيون بشكل غير طبيعي" ويتابع "أنا لست متفاجئاً من استطلاع الرأي هذا على الإطلاق. فالمسلمون أقل عدداً مما يتخيل الكثيرون وهذا ما أؤكده منذ فترة طويلة. كما انهم أقل تديناً مما نتصور  (هنا يضيف كاتب المقال" ثلث المسلمين لا يذهبون إلى المسجد و29% فقط يذهبون إلى المسجد مرة كل أسبوع). كما أنهم أكثر تحرراً مما نقول (الأغلبية الساحقة من المسلمين الذين أُجْري عليهم الاستطلاع لا يرفضون الاختلاط فعلى سبيل المثال 92.5% يقبلون الذهاب إلى طبيب من جنس آخر  و88% يصافحون الجنس الآخر. ومنذ العديد من السنوات ونحن نتلقى بشكل مربك مشاكل هوية الأوروبيين والخوف من العلمانية والإرهاب والخوف بشكل عام".
ويُعَقِّبُ المرصدُ على ذلك بقوله أنَّ المسؤولية تقع الآن على عاتقِ المسلمين أنفسهم وبالتحديدِ هؤلاء الذين يقطنون فرنسا لكي يصححوا بحسنِ التعاملِ ودماثةِ الخُلُقِ ما أفسده المتطرفون.


وحدة الرصد الفرنسية

 

طباعة