هَلْ قتَال الْمُسْلِمِينَ لِغَيْرهُمْ سَبَّبَهُ الْعُدْوَانُ أَمْ الْكَفْرَ

  • | الإثنين, 4 ديسمبر, 2017
هَلْ قتَال الْمُسْلِمِينَ لِغَيْرهُمْ سَبَّبَهُ الْعُدْوَانُ أَمْ الْكَفْرَ

وَهَاهُنَا سُؤَّال مِحْوَرِيٍّ: مَا هُوَ السَّبَبُ الَّذِي يَجْعَلُ قتَال الْمُسْلِمِينَ لِغَيْرهُمْ أَمرًّا مَشْرُوعًا ؟ هَلْ هِي حَالَةُ الْعِدَاءِ؟ أَوْ هِي حَالَةُ الْكُفْرِ بِمعنَى رَفْضِ الدِّينِ الْإِسْلَامِيِّ ؟

 وَالْإِجَابَةُ الَّتِي أَجمعَ عَلَيهَا جُمْهُور عُلَمَاء الْمُسْلِمِينَ اِعْتِمَادًا عَلَى الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَتَارِيخِ النَّبِيِّ مَعَ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ: هِي أَنَّ الْعُدْوَانَ عَلَى  هُوَ السَّبَبُ الرَّئِيِسيُّ الَّذِي يُبِيحُ لِهُمْ الْقتَالُ. أَمَّا الْكَفْرِ وَحَدِّهِ- دُونَ عُدْوَان- فَإِنّهُ لايصلح سَبَبًا لِإبَاحَةِ الْحَرْبِ، وَلَا يَمُّكُنَّ أَنْ يَكْوُنَّ كَذَلِكَ ؛ لِأُنَّ الْقِرَانُ إذاَ كَانَ قَدْ أَقَرَّ حُرِّيَّةُ النَّاسِ فِي الْإيمَانِ أَوْ الْكَفْرَ:" فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ"( الْكَهْفَ: 29) فَإِنْ مِنَ الْمُسْتَحِيلِ أَنْ يُبِيحَ قتَالُ الْكَافِرِينَ مِنْ أَجَلْ إدْخَالهُمْ فِي دِين الْإِسْلَامِ، وإلا كَانَ الْقُرْآنُ مُتَنَاقِضًا يُكَذِّبَ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَأَعْدَاء الْقُرْآنِ رَغَمَ بَحْثُهُمْ الدءوب عَنْ شئ يُعَيِّبُونَهُ بِهِ، لَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَسْجُلُوا عَلَيهُمْ عَيْبًا كَهَذَا، وَإذاَ فَالسُّلَّمَ هُوَ الْعَلَاَّقَةُ الْمُقَرِّرَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَهَذَا مانجده صَرَاحَة فِي الْقِرَانِ الْكَرِيمِ:" لَا يَنْهَاكُمُ اللَّه عَنِّ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّه يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"( الْمُمْتَحِنَةَ: 8). نعم هُنَاكَ بَعْضُ الْآرَاءِ الْفِقْهِيَّةِ الشَّاذَّةِ الَّتِي فَهَمَّتْ – خَطَأ- أُنَّ الْكُفْرُ يُبِيحُ الْقتَالُ وَأَنْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُقَاتِلُوا غَيْرهُمْ لِيَدْخُلُوا الْإِسْلَامَ أَوْ يَبِقُوا عَلَى أَدْيَانِهِمْ مَعَ دُفَع الْجِزْيَةِ، غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الأراء قُوبِلْتِ بِنَقْضِ شَدِيد مَنْ جُمْهُور الْعُلَمَاءِ، اِنْطِلَاقًا مِنَ الآيات القرآنية الْعَدِيدَةَ، وَمِنْ تَارِيخ الْحُروبِ الَّتِي خَاضَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ضِدُّ أَعْدَاءهُ، وَكَلَهَا كَانَتْ حُروبُ دِفاعِيَّةُ كَمَا يُثَبِّتَ التَّارِيخُ، وَمِمَّا يَدِلُّ عَلَى شَذُوذ هَذَا الرَّأْي أُنَّ الْإِسْلَامُ يَحْرُمُ قَتْلُ الْأَطْفَالِ وَالنِّسَاءِ وَالشُّيُوخِ وَالرُّهْبَانِ وَالْأعْمَى وَالْمُقْعَدِ وَالْأَجِيرِ فِي مُعَسْكَر الْعَدُوِّ، لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لايتصور مِنهُمْ قتَالٌ وَلَا عُدْوَانٌ، فَلِذَلِكَ حَرُمَ قَتْلُهُمْ رَغْم كفرَهُمْ، وَلَوْ أُنَّ الْكُفْرُ هُوَ السَّبَبُ الْمُبِيحُ لِلْقتَالِ لِجَازَ قَتْلُ هَؤُلَاءِ الضّعفَاءِ.

 فضيلة الإمام الأكبر  ا.د. أحمد الطيب

شيخ الأزهر

طباعة
كلمات دالة:

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.