أخر الأخبار


08 نوفمبر, 2022

اليمين المتطرف يهدد بعودة الفاشية والنازية الجديدة إلى أوروبا

شهدت بعض دول الاتحاد الأوروبي خلال الفترة الماضية صعودًا غير مسبوق لأحزاب اليمين المتطرف في إطار عمليات انتخابية على عدة مستويات وطنية، وتركز هذا التصاعد خلال الأشهر الماضية، الأمر الذي يُنذر بتطورات غير مأمونة العواقب في المستقبل.
أظهرت الانتخابات الأخيرة في معظم الدول الأوروبية تقدمًا واضحًا لتكتلات اليمين المتطرف، في دلالة واضحة على تزايد نفوذ هذا التيار داخل أوروبا بشكل عام لأسباب تتعلق بالعنصرية والقومية في المقام الأول. ولعل ذلك مرتبط بتأثير الخطابات الشعبوية التي تتبناها هذه الأحزاب في انتقاد برامج الحكومات بهدف استقطاب المزيد من الأصوات الانتخابية وتوسيع الرقعة الشعبية، إضافة إلى سوء الأحوال المعيشية والاقتصادية، والعزف على وتر فشل التيارات التقليدية. والأهم في تشكيل بيئة مواتية لصعود هذا التيار المتطرف هو إثارة خوف المواطن من تدفق موجات اللجوء إلى أوروبا ووصم هذه الهجرات بالخطر الذي يتهدد الأمن الوطني الأوربي.
وتتغذى أحزاب اليمين المتطرف على رفض ومعاداة كل ما هو مختلف عنها، فهي تيارات تتسم بكراهية الأجانب والمهاجرين ومعاداتهم. كما أنها ترفض كل أشكال الاختلاط بأمم أخرى، من قبيل النظرة الاستعلائية؛ فهي تدعي أنها عرق متميز لا ترقى كل الأعراق الأخرى أن تتعامل معه. والواقع يؤكد أن صعود أحزاب اليمين المتطرف بخطاباتها العدائية تسبب في معاناة المهاجرين وطالبي اللجوء، فكان بمثابة العامل المُحفز لزيادة حدة العنف ومعدل الجرائم المرتكبة ضد هذه الفئات. ولا تعد هذه النزعات المتطرفة من قبيل الحداثة، بل متأصلة من قبل في فترة قيام الدولة النازية ومتجذرة في أفكار هتلر العنصرية وأنصاره الذين يعتزون بجنسهم، ويرون أنهم أفضل وأنقى الأجناس في العالم؛ لذا فإن صعود اليمين المتطرف إلى الحكم ينذر بعودة الفاشية والنازية الجديدة. سنعرض فيما يلي مظاهر صعود تيارات اليمين المتطرف وتبعات ذلك:

1- تزداد المخاوف في إيطاليا من تشكيل أكثر الحكومات اليمنية تطرفًا بعد فوز حزب (فراتيللي ديتاليا) في الانتخابات التشريعية الأخيرة.
2- كما ينذر فوز حزب فوكس الإسباني بعدد (52) مقعدًا في البرلمان بخطر كبير إذا ما تمكن هذا الحزب اليميني المتطرف من تحقيق نتائج أفضل في الانتخابات المقبلة.
3- كما ترسخ هذا الاتجاه بالفعل في السويد، حيث أصبحت حركة "الديموقراطيون السويديون" ثاني أكبر قوة تصويتية في انتخابات سبتمبر ٢٠٢٢م.
3- وفي بريطانيا، فاز حزب «بريكسيت» بزعامة السياسي الشعبوي "نايجل فاراج" بنسبة (30%) من الأصوات.
4- وفي فرنسا وألمانيا، هناك محاولات من الأحزاب التقليدية للحيلولة دون وصول أحزاب اليمين المتطرف إلى السلطة، غير أن هذه التشكيلات الحزبية تتقدم تدريجيًّا رغم المحاولات: يضم حزب "مارين لوبان" عدد (88) نائبًا في الجمعية الوطنية الفرنسية، وأصبح لحزب "البديل" الألماني حضور قوي في مدن ألمانيا الشرقية مثل "ساكسونيا" و"تورينغن".
5- بخلاف ذلك، كانت هذه التشكيلات الحزبية الشعبوية والحركات القومية قد اكتسبت في فترة ما بعد وباء كورونا والأزمة العالمية الحالية، قوة تؤهلها إلى كسب شعبية أوسع في جميع أنحاء أوروبا. ووفق صحيفة جريدة ‏"إل كورِّيو" الإسبانية "، ساهم إزدياد حالات عدم المساواة بين المواطنين في خلق بيئة خصبة ومثالية لليمين المتطرف".
وتتخوف الأحزاب اليسارية بوضوح (رغم الخلافات فيما بينها) من صعود أحزاب اليمين المتطرف، باعتبارها مؤشرًا خطيرًا يؤثر بالسلب على سلامة المجتمعات الأوروبية واستقرارها. من جانبها، عبرت "ماريا خيسوس مونتيرو" وزيرة المالية، عن هذا القلق خلال مؤتمر صحفي عُقد في مدريد عقب اجتماع السلطة التنفيذية الاتحادية للحزب بتاريخ 26/9/2022م؛ وأكدت أن ضعف الإقبال الشعبي على صناديق الاقتراع للتعبير عن رأيه يصب في صالح قوى أخرى ستشارك بقوة. وعليه فإن تقدّم اليمين المتطرف في الانتخابات بأوروبا أمر يدعو إلى القلق و يمثل صدمة للناخب الأوروبي المعتدل، وكذلك لفئة المهاجرين الذين يقطنون بهذه البلاد، كما يرى خبراء سياسيون أن دائرة اليمين المتطرف تكتمل من السويد إلى إيطاليا مرورًا بالمجر وهولندا، وقبلهم بريطانيا.
ومن هذا المنطلق، حذر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف في مناسبات عديدة من مغبة سيطرة اليمين المتطرف على الساحة السياسية في الاتحاد الأوربي، خصوصًا بعد التحالفات التي عقدها في الداخل والخارج. والمتابع للمشهد الأوروبي يرى بوضوح كيف أنه بمجرد حصول بعض هذه الأحزاب على مقاعد أكثر في البرلمانات الأوروبية أخذت تطالب بسن قوانين وتشريعات مجحفة بحق اللاجئين والمهاجرين خصوصًا المسلمين منهم، ففي إسبانيا، طالب حزب فوكس على سبيل المثال بمنع بناء مساجد جديدة أو تخصيص مدافن للمسلمين، إضافة إلى رفضه المطلق لتدريس مادة التربية الدينية للمسلمين، وارتيابه الدائم من كل المسلمين معتبرًا إياهم غزاة وخطرًا على إسبانيا، وهي أفكار تؤثر بالسلب على استقرار المجتمعات الأوروبية وأوضاع حقوق الإنسان فيها، فكلما اتسعت الرقعة الفكرية والجغرافية لليمين المتطرف زاد معدل العنف والجرائم المرتكبة في أوروبا ضد المسلمين، وزادت ظاهرة الإسلاموفوبيا في المجتمعات الغربية بوجه عام.

وحدة رصد اللغة الإسبانية


رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.