الرد على قولهم: الحديث سبب المذهبية العشوائية

الجزء الأول

  • | الخميس, 21 أبريل, 2016
الرد على قولهم: الحديث سبب المذهبية العشوائية

بسم الله الرحمن الرحيم

بناء على ما ورد في جريدة المقال بتاريخ 5/10/2015 تحت عنوان "فتنة علم الحديث قادتنا إلى المذهبية العشوائية" نورد الرد في الحلقات الآتية

"الحلقة الأولى"

تميز علم الحديث الشريف بمنهجية علمية فريدة قائمة على الاستقراء والبحث، والنقد والاستنباط، فجمع بين جنباته جلَّ المناهج المطروقة في البحث العلمي ـمع البعد التام عن أي مظهر من مظاهر العشوائية العلميةـ في كل أطواره ما بين النشأة والنضج، ولأجل هذا حاز هذا العلم الشريف على ثناء العلماء المسلمين وغيرهم، من ذلك قول المستشرق مرجليوث: " ليفتخر المسلمون ما شاءوا بعلم حديثهم".

ولما يمثله هذا العلم من أهمية عظيمة في الحفاظ على الدين -أصولا وفروعا-، وبخاصة علوم السنة النبوية المطهرة فقد تعرض لحملات من الطعون قديمًا وحديثًا، وهذه الطعون في مجملها مبنية على جهل أو تجاهل لقواعد هذا العلم الشريف وتطبيقاته.

وما المقال الذي نحن بصدد مناقشته إلا حلقة في تلك السلسة الرامية إلى التشكيك في السنة، إن لم يكن إنكارها، وذلك من خلال الطعن في التوثيق التاريخي للسنة النبوية، والطعن في المنزلة العلمية للعلماء الذين قاموا بهذا التوثيق، وسأناقش ما أورده صاحب المقال من شبهات في المحاور الآتية:

المحور الأول: عنوان المقال الذي أورده الكاتب هو "فتنة علم الحديث قادتنا إلى المذهبية العشوائية".

والفتنة في دلالتها اللغوية والتاريخية إنما تعبر عن حالة يلتبس فيها الحق بالباطل، ولعل نظرة سريعة على أسباب نشأة هذا العلم الشريف كفيلة بنفي هذا الوصف عنه؛ فلم تكن نشأته إلا ردًّا مباشرًا على حالة الفتنة وظهور الفرقة في المجتمع المسلم، وكان الهدف الأساس هو الحفاظ على تراث الأمة من أن يتعرض للتزييف بأي صورة من الصور، وتنقية الوعي الإسلامي والعربي من الخرافات والأباطيل التي رام البعض أن يلصقها بالتراث الإسلامي.

وتكمن الأهمية العظمى لهذه الفلترة العلمية التي قام بها علم الحديث في حماية العقل المسلم من الغزو الفكري والأخلاقي المترتب على شيوع الأباطيل في نسيجه الفكري والاجتماعي؛ حتى لا يتحول إلى فريسة طيعة يسهل على كل مبطل أن يقودها إلى الهلاك.

وعبارات أهل العلم دالة على ما ذكرت، من ذلك:

قول محمد بن سيرين "ت110هـ"، وهو من أئمة التابعين؛ فإنه قال: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم" .

والتابعي الجليل محمد بن سيرين من رجالات القرن الأول، وعبارته السابقة تدل على أن هذا العلم إنما نشأ عقب الفتنة التي بدأت بمقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وما أعقب ذلك من ظهور تيارت سياسية متعارضة، وجماعات متنافرة متعصبة لأهوائها، مما ترتب عليه وجود محاولات للوضع والتلفيق، فانتفض أهل العلم للتصدي لهذه المحاولات بوضع علم الحديث كميزان توزن به المرويات، ويفرق به بين الحق والباطل، فأين الفتنة إذن؟!!!

طباعة
الأبواب: صحف صفراء
كلمات دالة:

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.