الرد على قولهم: الحديث سبب المذهبية العشوائية

الجزء الثالث

  • | الخميس, 21 أبريل, 2016
الرد على قولهم: الحديث سبب المذهبية العشوائية

بسم الله الرحمن الرحيم

بناء على ما ورد في جريدة المقال بتاريخ 5/10/2015 تحت عنوان "فتنة علم الحديث قادتنا إلى المذهبية العشوائية" نورد الرد في الحلقات الآتية

"الحلقة الثالثة"

المحور الثالث: وهو المقصود الأساس من المقال، والذي حاول الكاتب جاهدًا أن يمهد له بكل ما سبق، وهو إنكار السنة؛ إذ زعم أن ما دُوِّنَ في مؤلفات الحديث هي ألفاظ الرواة وليس ما صدر من الرسول- صلى الله عليه وسلم-، وأكد مقصوده هذا بختمه مقاله بقوله –تعالى-: "أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" سورة العنكبوت- آية 50.

وختم المقال بالآية يعني أن الكاتب مؤمن بحجية القرآن، وعليه فمن كان يؤمن بالقرآن فلابد من أن يؤمن بالسنة؛ لأن الله –تعالى- يقول: "مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ" {النساء: 80}، وكيف يطيع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إن لم يقتد بسنته، ويقول -عز وجل-: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" {النحل:44}، وإذا كان الذي نزل إلينا هو القرآن فما الذكر إلا السنة.

ونقول للكاتب ما قاله الصحابي الجليل عمران بن حصين - رضي الله عنه- منذ قرون حين كان جالسًا ومعه أصحابه يحدثهم، فقال: رجل من القوم لا تحدثونا إلا بالقرآن، فقال له عمران بن حصين: "ادنه، فدنا، فقال: أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنت تجد فيه صلاة الظهر أربعا، وصلاة العصر أربعا، والمغرب ثلاثا، تقرأ في اثنتين؟!، أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن أكنت تجد الطواف بالبيت سبعا، والطواف بالصفا والمروة؟!، ثم قال: أي قوم، خذوا عنا؛ فإنكم والله إن لا تفعلوا لتضلن"، الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي (ص 15)

ثم إن الكاتب ينكر أن تكون ألفاظ الأحاديث من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويزعم أنها من كلام الرواة.

والسؤال: ما الذي يقصده بالرواة؟، هل يقصد الصحابة؟، إن قصد هذا فقد خالف نصوص القرآن التي عَدَّلَتْهُمْ، وأنكر الترضي الثابت لهم من الله في القرآن، والآيات في هذا كثيرة، يستطيع الرجوع إليها، ومن ذلك قوله –تعالى-: "لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" [التوبة:88].

فإن كان يذهب إلى عدم الحكم بعدالة جميع الصحابة كما هو شأن بعض الفرق المخالفة لأهل السنة، فما قوله في أحاديث رواها صحابة لم يختلف في عدالتهم أحد حتى من مخالفي أهل السنة؟!.

وهل يعقل أن يختلق صحابيٌّ حديثا -وحاشاهم رضوان الله عليهم-، أو يقول الصحابي كلاما ثم ينسبه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من جاء بعده، ويتكرر ذلك من غير واحد من الصحابة وممن جاء بعدهم، كالأحاديث التي يرويها جمع من الصحابة وتأتي الأحاديث بنفس الألفاظ، كيف يكون هذا؟!!!

وإن كان يستحيل تصور وجود أمر كهذا في الصدر الأول فتصور وجوده فيمن جاء بعدهم بعيدٌ جدا؛ إذ لو فعل أحد أمرا كهذا لَشُنِّعَ عليه، وافتضح أمره.

وعلى هذا فادعاء كون ما دُوِّنَ في مؤلفات الحديث من ألفاظ الرواة وليس صادرا من الرسول- صلى الله عليه وسلم- مخالفٌ لقواعد التفكير العلمي والمنطقي، وهذا لمن لم يرض بشهادة القرآن للصحابة -رضوان الله عليهم-.

وليس يصح في الأفهام شيء إذا احتاج النهار إلى دليل

طباعة
الأبواب: صحف صفراء
كلمات دالة:

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.