الجماعات المتطرفة

 

04 نوفمبر, 2017

عندما تصبح الشاحنات سلاحًا في يد الإرهاب

نيويورك وقبلها برشلونة وقبلهما برلين ونيس وباريس ولندن وبروكسل ومدن أخرى، عشرات وربما مئات القتلى والجرحى في كل مدينة منهم  نتيجة استخدام  المركبات والشاحنات كوسيلة لتنفيذ الهجمات الإرهابية وإيقاع أكبر عدد من الضحايا، الوسيلة الأحدث التي اتخذها عناصر تنظيم داعش الإرهابي بديلاً عن إستخدام القنابل والرصاص، مستفيدين من عدم الحاجة إلى المخاطرة في توفير متطلبات الهجمات الإرهابية التقليدية، فالسيارات في كل مكان متوفرة والاشتباه بها معدوم ومنعها أمر شبه مستحيل والحيطة منها أمر ليس باليسير.
والناظر في أثر تلك الهجمات، التي استخدم خلالها الإرهابيون السيارات والمركبات، يكتشف سريعًا أنها أشد ضررًا وأكثر إيلامًا وأعداد ضحاياها أكثر إرتفاعا من غيرها من الوسائل الأخرى المعتادة، وما هجوم مدينة نيس الفرنسية، الذي وقع في الرابع عشر من يوليو 2015 خلال الاحتفال باليوم الوطني الفرنسي، عنا ببعيد، حيث أدى الهجوم  بشاحنة على مشاركين بالإحتفال إلى مقتل وإصابة قرابة الثلاثمائة شخص، وهو الهجوم الذي يعد الأسوأ في تاريخ المدينة وربما فرنسا بأكملها.
وفي برلين استخدم أحد عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي، وهو المدعو أنيس العمري، سيارة شحن كسلاح للقتل، حيث قام أواخر شهر ديسمبر عام 2012 بعملية دهس للمشاركين في إحتفالات عيد الميلاد بوسط برلين ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من المدنيين.
كما شهدت لندن عددًا من الحوادث المشابهة لتلك التي وقعت ببرلين ونيس، حيث شهدت المدينة حادثي دهس هذا العام أسفرا عن عدد من القتلى والجرحى، ولم يكن استخدام هذا النوع من السلاح "سلاح الدهس بالشاحنات" موجهًا فقط ضد المواطنيين الغربيين من غير المسلمين أو كان مقتصرًا استخدامه على التنظيمات الإرهابية، بل استخدمه أيضًا العنصريين واليمينيين المتطرفين ضد المسلمين كما حدث في لندن، حيث قام أحد العنصريين بدهس مسلمين أمام أحد المساجد ما أدّى إلى وفاة شخص وإصابة آخرين، وفي برشلونة قاد أحد الإرهابيين في أغسطس الماضي شاحنته تجاه المارة ما أدّى إلى مقتل وإصابة أكثر من 130 شخصًا.
نحن نتحدث إذن عن (1) سلاح فعال و(2) عدد ضحاياه كبير و(3) منعه أمر ليس باليسير و(4) الاشتباه به مستبعد و(5) التنبؤ به أمر غير وارد، هذه أمور خمسة يجب أن يعيها العام كله أفراد ومجتمعات، في مقدمتهم المسؤولين عن مكافحة التطرف والإرهاب، فهو تعبير عن استراتيجية اتخذها تنظيم "داعش" منذ فترة وحرض أتباعه على إستخدامها، وهو الأمر الذي حذّر منه مرصد الأزهر مرارًا وتكرارًا، منوهًا إلى تلك الإستراتيجية الجديدة للتنظيم الإرهابي، والتي لا تنم إلا عن همجية وسوء فهم، فما ذنب أولئك الأشخاص الذين يسيرون مطمئنين في أوطانهم أن يجدوا من يقتلهم بلا ذنب ارتكبوه ولا جريمة فعلوها.
  إن مواجهة هذا النوع من الهجمات لا يأتي بين يوم وليلة، فالمواجهة تبدأ من حيث بدأوا هم، من العقل، حيث سيطروا على أفكار من ينفذون تلك الهجامت وأوهموهم بأنهم على طريق الحق والصواب، كما أن منع انتشار  تلك الأفكار الضالة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائل تُعد من أهم الوسائل الناجعة في تطويقها، وأخيرًا تأتي المواجهة الميدانية باتخاذ إجراءات حماية إضافية لمنع وقوعها.

وحدة رصد اللغة الألمانية