الجماعات المتطرفة

 

07 ديسمبر, 2017

"الحي العربي".. مسرح العمليات العسكرية داخل الأراضي الإسبانية

نتج عن انتشار الجماعات المتطرفة في السنوات الأخيرة، والتي تقوم على أساس من التعصب الديني، وما يصدر عن ذلك من رسائل عنف، عواقب وخيمة في العديد من دول العالم. ولا شك أن أحد الأسباب وراء قيام هذه الجماعات هو فرض سيطرتها على مناطق جغرافية واسعة، وتملكها مصادر تمويل غير مسبوقة، ووجود مقاتلين وناشرين لفكرها المتطرف في كل أنحاء العالم. وتتابع وحدة الرصد باللغة الإسبانية عمل قوات الأمن على مواجهة التطرف بشتى الطرق والوسائل، بهدف توفير أفضل إعداد ممكن للجنود الإسبان في حربهم ضد هذه الجماعات المتطرفة.
وقد أعلنت وزارة الدفاع الإسبانية عن إنشاء "حي عربي" يعرف باسم "سيناد" CENAD وهو ضمن المرافق التي يتدرب عليها قوات الجيش الإسباني ببلدية "شنشيّا" التابعة لمدينة "البسيط"  Albacete الإسبانية كنموذج يحاكي الأحياء العربية في تكوينه، وذلك بهدف توفير تدريب أفضل للقوات الإسبانية على المناورات العسكرية والرماية وإطلاق القنابل والتمارين التكتيكية كي يتمكنوا من تنفيذ المهام الموكلة إليهم بكفاءة عالية، مع المحافظة على سلامتهم الشخصية. وقد تم تخصيص حوالي 422 مليون يورو لهذا الحي الذي سيتكون من مركز للتسوق ومبان سكنية وكذلك مسجد.
 
يأتي ذلك في ظل إستراتيجية تطوير قدرات القوات المسلحة الإسبانية والإعلاء من كفاءتها القتالية في سبيل موائمة طبيعة البلدان المحتدمة بالمنازعات، والتي يشارك بها عددٌ من القوات العسكرية الإسبانية كما حدث في مدينة الموصل العراقية قبل ذلك وفي عدد من البلدان الإفريقية، ولن يكون لأي من هذه المنشآت أية إمدادات مياه أو كهرباء نظرًا لأنها سوف تستغل لأغراض عسكرية.
الجدير بالذكر أن هذا الحي –الذي سيستغرق العمل فيه قرابة خمسة أشهر- ليس هو الحي الوحيد في إسبانيا حيث شُيد من قبل حيان عربيان، أحدهما في "سرقسطة" وهو عبارة منشأة لتدريب القوات المسلحة على القتال في البيئات المليئة بالسكان، والآخر في "ألميريا" في قاعدة "ألباريث دي سوتومايور" العسكرية وله خصائص مماثلة للأحياء في أفغانستان، ويحتوي كذلك على مسجد كالذي سيتم إنشاؤه في "شينشيلا".
     

•    ردود الأفعال: وُجهت العديد من الانتقادات لهذا المشروع، خاصة من الجمعية الإسلامية في إسبانيا، إضافة إلى عدد من الأحزاب؛ لما يحمله هذا المشروع من إثارة لكراهية الأجانب. كما أعرب مسلمو إسبانيا عن استيائهم من إنشاء هذا الحي؛ لأنه سيحتوي على مسجد في الوقت الذي تظهر فيه حملات مناهضة لبناء المساجد.
ومما لا شك فيه أن هذا الأمر سيؤثر على نفسية المسلمين هناك، فضلاً عن قطاعات كبيرة من المسلمين والعرب، وكذلك سيعمل على تكوين صورة مفادها أنه من مثل هذه المجتمعات فقط يأتي التطرف، عن أنه يعزز من كراهية الأجانب والإسلاموفوبيا وإحداث تفرقة في المجتمع الإسباني. وفي هذا السياق تم تفعيل هاشتاج بعنوان #نحن_لسنا_العدو "No_Somos_El_Enemigo#"، لرفض إنشاء هذا الحي وفقًا لهذا التكوين.
كذلك انتقد ممثلو عدة أحزاب أمثال حزب "بوديموس" و"حركة اليسار المتحد" في عدة مقاطعات إسبانية عزم الحكومة الإسبانية بناء هذا الحي، واعتبروا أن ذلك يمثل عدم احترام للمواطنين الذين يمثلونهم، إلى جانب كونه "يعزز كراهية الأجانب ويثير الصدام بين الحضارات". وقد تساءل منسق حركة اليسار المتحد  قائلا: "هل من بين مهام الجيش الإسباني تدمير مناطق مليئة بالمدنيين الأبرياء وتجريفها؟". ودعا رئيس حركة اليسار المتحد في "كاستيا لا مانتشا" وزارة الدفاع والحكومة الإسبانية أن يكونا حذرين "للغاية" بشأن هذه المسألة، وتساءل ما الذي يمكن أن نفكر فيه إذا تم بناء حي يهودي وبداخله معبد للصلاة؟!
من جانبه، أعلن منسق حركة اليسار المتحد "كريستيان إيبانييِّث" في بلدية "البسيط" الإسبانية بأن ذلك يمثل سقطة لوزيرة الدفاع الإسبانية.
وردًّا على هذه الانتقادات، أجابت الحكومة الإسبانية أن تخصيص هذا "الحي العربي" ضمن المرافق التي تتدرب عليها قوات الجيش الإسباني يهدف إلى توفير أفضل إعداد ممكن لهم؛ حتى يتمكنوا من تنفيذ المهام الموكلة إليهم بكفاءة عالية مع المحافظة على سلامتهم الشخصية.
ويرى المرصد أن التدخل الأمني العسكري -رغم ضرورته- إلا أنه كشف عن محدوديته، ويؤكد على ضرورة التركيز على الإستراتيجيات الوقائية للحيلولة دون تحول الشبان إلى التطرف. كما أن إنشاء أحياء محاكية للأحياء العربية يمثل قناعة من جانب السلطات الإسبانية بأن العرب والمسلمين هم المتطرفون فقط، كما أن إدراج المسجد ضمن مكونات الحي لا داعي له، لأنه يمثل داراً للعبادة وله خصوصيته ورمزيته لدى كافة المسلمين. ويؤكد المرصد أنه من الأولى البُعد عن إحداث انقسام في المجتمع الإسباني الذي يمثل فيه المسلمون نسبة ليست بالقليلة (حوالي 4% من إجمالي عدد السكان في إسبانيا) وخاصة أن إسبانيا تعد مثالاً جيدًا في تعايش المسلمين واندماجهم.

وحدة الرصد باللغة الإسبانية