عانت فرنسا ولاتزال من اعتداءاتٍ إرهابية ضربت أمنَها وزعزعت استقرارَها في الآونةِ الأخيرةِ. فترددت فرنسا بين انتهاكاتٍ وتهديداتٍ وبين انضمام الكثير من شبابها وفتياتِها في صفوفِ تنظيمِ داعش.
وبرزت في الفترة الأخيرة على الساحة الإعلامية الفرنسية عدة دعاوى مرفوعة أمام القضاء الفرنسي بحق بعض الأمهات الفرنسيات بتهمة دعم الإرهاب أو التحريض عليه. فمن أم تدعم أبناءها الذين التحقوا بصفوف تنظيم داعش في سوريا والعراق، إلى أخرى تساعد في تجنيد بعض العناصر للسفر إلى هناك، إلى ثالثة تقرر تسمية مولودها بـ "جهاد"، جميعها قضايا شغلت الرأي العام الفرنسي مؤخرًا.
• الحكم بالحبس على أم أحد الجهاديين:
كلُّ هذا أشعلَ فتيلَ التوتر في هذه الدولة، وشغلَ قضاءها نفسَه، فعلى سبيل المثالِ قامت محكمة الجنايات بباريس يومي 26 و24 من أكتوبر الماضي بالحكم بإدانة كريستين ريفيرر، البالغة من العمر 51 عامًا، والملقبة إعلاميًا بـ "مامي الجهاد"، بالسجن عشر سنوات مع قضاء ثلثي المدة تحت الرقابة. كريستين ريفيرر هي أم لفرد من مقاتلي تنظيم داعش مقيم في سوريا، آمنت بالأيديولوجيا المتطرفة لابنها بشكلٍ كبير. قامت هذه الأم بثلاث رحلاتٍ إلى سوريا ما بين العامين 2013 و2014 لكي تلتقي ولدها هناك، وهو تيلور فيلوس البالغ من العمر 27 عامًا، والذي أصبح منذ عام 2012 أحد أذرع تنظيم الدولة الإسلامية، وهو الآن تحت يد السلطات الفرنسية في فرنسا، ولا يزال سجله قيد التحقيقات والمحاكمة حتى الآن. يذكر أن سلطات التحري كانت قد اكتشفت عدة صورٍ لها وهي في سوريا حاملة للسلاح ولحزامٍ ناسف، وأنها قد قامت بنشر صورٍ لقطع الرؤوس عبر صفحتها على فيس بوك.
• أم تسمي طفلها بـ "جهاد" :
يعتزم القضاء الفرنسي إصدار حكم بشأن تسمية أسرة في جنوبي فرنسا لابنِها باسمِ "جهاد" حسبما أشار مصدر قانوني ، يوم الاثنين الماضي. وكان عمدة مدينة تولوز قد أحال أبوي "جهاد" إلى النائب العام بعد تسجيل ابنِهِما بهذا الاسم في أغسطس الماضي، الأمر الذي قد يضطر الأسرة إلى تغيير اسم الطفل.
وكان عمدة مدينة ريفييرا في نيس قد أحال أسرة في شهر نوفمبر 2016 إلى السلطات القضائية بعد تسميتها ابنها "محمد مراح"، وهو اسم مشابه لاسم المسلح الذي قتل 7 أشخاص، في هجوم عام 2012، وقرر الأبوان بعدها تغيير اسم ابنهما.
كما تصدرت قضية أم فرنسية من مدينة نيم عناوين الصحف في عام 2013 بعد أن أرسلت ابنها واسمه "جهاد" إلى المدرسة مرتديًا قميصًا رياضيًا مكتوبًا عليه عبارة "أنا قنبلة". وحُكم على الأم، التي كانت تبلغ من العمر في ذلك الوقت 35 عامًا، بالسجن مع إيقاف التنفيذ بتهمة الإشادة بالإرهاب.
يذكر أن الأسر الفرنسية تتمتع بحرية اختيار الأسماء لأطفالها، بعد أن كانت حتى عام 1993 تضطر إلى اختيار الأسماء من قائمة موافق عليها، لكن السلطات المحلية مازال باستطاعتها إحالة الأبوين إلى النائب العام إذا اعتبرت اختيارهما للاسم يُشَكِّلُ ضررًا على الطفل في المستقبل.
ومن المتوقع أن تظلَّ فرنسا في توترٍ داخليٍّ وستتخذ إجراءات أمنية مكثفة للحفاظ على أمنِ شعبِها وضمانًا لسلامةِ أرضِها بما أنَّها من الدول التي تكافحُ الإرهابِ داخليًا وخارجيًا وقد بدأ بالفعل رئيسُها (ماكرون) بتوقيع قانونِ مكافحةِ الإرهاب الذي من شأنِهِ السيطرة على أمن البلد واستقرارِه.