بينما يتطلّع العالم لاستقبال عام جديد خالٍ من الإرهاب والدّموية، تأبى جماعات العنف والإرهاب من داعش وبوكو حرام وغيرهما إلا أن تفرض سياستها الوحشية على العالم، غير عابئة بالدّماء التي تسيل غدرًا والأرواح التي تزهق ظلمًا والآمنين الذين يروّعون بلا ذنب أو خطيئة.
وفي خضمّ تلك الأحداث يتابع مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف الهجمات الوحشية التي تعرّضت لها كل من نيجيريا والكاميرون في وداع 2017 واستقبال 2018، وقد بدأت سلسلة الهجمات الوحشية تلك بهجوم بربري شنّه مسلّحون من جماعة بوكو حرام قتل خلاله نحو 25 شخصًا يعملون حطّابين فيما يبدو أنّه عقاب لهم من قِبل هذه الجماعة بسبب قيامهم باقتلاع الأشجار بغابة سامبيسا التي تعدّ المعقل الرئيس لمسلّحي بوكو حرام، واعتبرته بوكو حرام خطرًا عليهم وعلى مخابئهم وتعاونًا مع السلطات النيجيرية في جهودها للقضاء على أهم وأكبر معاقل بوكو حرام على الأراضي النيجيرية، فقررت إزهاق أرواح هؤلاء الأبرياء ظلمًا وقتلهم بدم بارد غدرًا. وحسبما أفاد به أحد الناجين فقد فتح عناصر بوكو حرام نيران أسلحتهم بكثافة على الحطّابين مما أسفر عن مقتل أكثر من عشرين حطّابًا.
وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها استهداف تجّار الأخشاب فقد شهد شهر أغسطس الماضي قيام عناصر من بوكو حرام بقطع رؤوس ثلاثة تجار أخشاب في قرية تبعد 40 كيلو مترًا من مدينة مايدوجوري، وفي أبريل من العام الماضي نصب إرهابيو بوكو حرام كمينًا لتجار أخشاب في قرية كاياملا على بعد 10 كيلو مترات من مايدوجوري وقتلوا ثمانية أشخاص.
وفي مشهد وحشي آخر لكن خارج الحدود النيجيرية وتحديدًا في قرية بيا القريبة من مدينة كولوفاتا الواقعة في أقصى شمال الكاميرون، أسفر هجوم انتحاري نفّذته إحدى عناصر بوكو حرام عن مقتل شخص وإصابة 28 آخرين على الأقل؛ حيث قامت هذه الانتحارية بتفجير قنبلة كانت تحملها في أحد المقاهي في وقت يشهد زحامًا من المترددين والمارة صباح يوم الأحد 31 ديسمبر 2017م.
ومع دخول السّاعات الأولى من عام 2018 وفي هجوم هو الأعنف استهدف مسلّحون يرجّح أنّهم تابعون لجماعة بوكو حرام مسيحيين كانوا عائدين من إحدى كنائس مدينة أوموكو التي تبعد نحو 90 كيلو مترًا من بورت هاركورت عاصمة ولاية ريفرز الواقعة جنوب نيجيريا، عقب حضورهم قدّاس ليلة رأس السنة منتصف ليل الأحد 31 ديسمبر 2017م، مما أسفر عن مقتل 21 شخصًا على الأقل جرّاء إطلاق النّار عليهم بشكل وحشي عنيف.
وحسبما أفادت به مصادر أمنية فقد وقع الهجوم عندما فتح مسلّحون النّار على جمع من المسيحيين عقب خروجهم من الكنيسة بعد حضور قدّاس ليلة رأس السّنة، مما تسبب في مقتل 21 وإصابة 12 آخرين بحسب التقديرات الأولية. وأعلنت المصادر الأمنية إطلاق حملة موسّعة لملاحقة الجناة ومحاكمتهم.
ولم تمض بضع ساعات حتى وقع هجوم آخر أسفر عن مقتل شخصين بإحدى القرى التابعة لولاية كادونا بشمال نيجيريا. وقد ذكرت الشرطة النيجيرية أنّ أحد أبناء حاكم المنطقة أصيب بجراح، وأن مقر إقامته قد تحول إلى رماد جراء حريق نشب خلال الهجوم الذي شنّه مسلّحون من جماعة بوكو حرام.
ومرصد الأزهر إذ يتابع هذه الأنباء المؤسفة فإنّه يدين هذه الهجمات وكل عمل إجرامي من شأنه أن يروّع آمنين ويهدّد حياة أبرياء ويهدم مجتمعات ويضع استقرار الأوطان وأمنها في خطر. كما يشدّد المرصد على أنّ الإسلام الذي تزعم تلك الجماعات العمل تحت رايته والقتال في سبيله تحت مسمى "الجهاد" لا يدعو للقتل والترويع والتخريب، وإنّما هو دين السّلام والأمان والإعمار.
كما يؤكد المرصد على أنّ سقوط ما يسمى بتنظيم الدولة "داعش" في العراق وسوريا ليس نهاية المطاف، ولا يمكن اعتباره صفحة أخيرة في كتاب الإرهاب الأسود الذي اكتوى به العالم خلال الأعوام الأخيرة، بل ثمّة تهديد في مناطق أخرى من العالم يجب التصدّي لما قد يتم فيها من محاولات اكتساب أراضي جديدة، وتجنيد عناصر جديدة وفرض سياسة القتل ومنهج الدّم، من خلال جماعات أخرى لا تقل في خطورتها وإجرامها عن تنظيم داعش.
ويشير المرصد إلى أنّ غرب إفريقيا أحد المناطق المستهدفة من قبل التنظيم لإقامة قاعدة جديدة له على أيدي بوكو حرام والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والمرابطين وغيرها، مما يستلزم مواجهة حاسمة لكل هذه التنظيمات والجماعات على اختلاف مسمياتها حفظًا للسلام العالمي وحقنًا لدماء الأبرياء.
وحدة رصد اللغات الإفريقية