في هذا الوقت الداهم الذي تؤرق فيه ظاهرتا الإرهاب والتطرف العالم أجمع، وبعد أفول نجم ما يسمى بتنظيم داعش في سوريا والعراق وبداية عودة المحاربين فيه والمساندين له إلى بلادهم الأصلية، يواجه الغرب مسألة في غاية الخطورة والتهديد، وهي كيفية التعامل مع هؤلاء العائدين من التنظيمات الإرهابية. وقدالمرصد تجربة كندا في هذا الشأن في مقال يوازن بين عدة أمور. فقد أورد موقع هيئة الإذاعة الكندية (CBC) مقالا يتناول مسألة عودة اللاجئين إلى كندا وكيف تستعد البلاد لاستقبالهم، جاء فيه:
منذ أن اندلع الصراع في سوريا في بداية عام 2011 والعديد من دول العالم تشهد نزوح الشباب المسلم إلى منطقة الصراع بأعداد غير مسبوقة للقتال مع الجماعات المتمردة أو للاستقرار في المناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون. ومع ظهور داعش على الساحة، تغير المشهد على أرض الواقع وبدأت الجماعات الإرهابية تفقد السيطرة والنفوذ والقوة على المناطق التي وضعوا أيديهم عليها أول الأمر، مما دفع العديد من الشباب إلى العودة إلى ديارهم، بينما ظل آخرون مع تغيير ولاءاتهم إلى جماعات أخرى. البعض الآخر دبر لشن هجمات على الدول الغربية.
وكندا لم تكن محصنة من هذه الظاهرة، فهناك أكثر من 190 متطرفًا لديهم صلة بكندا ومشتبه بتورطهم في الإرهاب في الخارج، طبقًا لإدارة السلامة العامة في كندا. 60% منهم تقريبًا عادوا إلى البلاد، مما أثار حالة من الجدل العام في البلاد. ففي ديسمبر من العام 2017، كشف استطلاع للرأي أجراه مركز " Nanos" عن أن حوالي ثلثي الكنديين يرجحون اعتقال المتطرفين المشتبه بتورطهم مع الجماعات الجهادية في الخارج على إعادة تأهيلهم، فيما يرى 28% من المشاركين العكس.
على الجانب الآخر، يرى جاستين ترودو أن بعض العائدين قد يتحولون إلى "أصوات قوية" للاستفادة بها في مواجهة التطرف العنيف داخل كندا، وصرح ترودوا أن الحكومة ستراقبهم وستساعدهم في الخروج من هذا الفكر الإرهابي.
ويرى الموقع "CBC" أن أحد أهم وسائل مساعدة العائدين في التخلص من الفكر الإرهابي هو التعرف عليهم فليسوا جميعًا من الرجال، بل هناك نساء وأطفال؛ ثم تأتي الخطوة الثانية هو الوقوف على ما دفعهم ورغّبهم في الانضمام لهذه الجماعات أول الأمر. وهل هو الحنين إلى دولة إسلامية يسود فيها العدل والسلام وتحكمها شريعة الله، كما كانت تستغل داعش ذلك وتروج له كذبًا وبهتانًا لضمان استقطاب أكبر عدد ممكن من الشباب إلى صفوفها؛ أم أنها عوامل أخرى مثل التمييز الديني أو العرقي أو الإسلاموفوبيا أم غيرها من المسائل. يرى كثير من صانعي السياسة أنه يجب علينا فهم جذور هذه الأسباب للمساعدة في عملية نزع التطرف من هؤلاء.
برامج نزع التطرف والوقاية منه
واستجابة لهذه التحديات القائمة، أطلقت الحكومة عددًا من برامج نزع التطرف والوقاية منه؛ كما في برنامج "إعادة التوجيه" الذي يستهدف الشباب المعرضين للتطرف وغيرها من البرامج. وتبقى المبادرة الأكبر والأقوى في عام 2017، عندما أعلنت الحكومة الفيدرالية إنشاء مركز كندا للإدماج المجتمعي والوقاية من العنف (CCCEPV)، لا يدخل في إجراءات مباشرة ولكنه يمول الأبحاث ويدعم المبادرات ذات الصلة بدواشر التطرف والعنف. هذا بالإضافة إلى البرامج المجتمعية التي تبحث في مسائل التواصل مع الشباب المعرض للتطرف؛ فعلى سبيل المثال، في كيبيك، أطلق منتدى المسلمين الكنديين ومركز مجتمع بروسارد مبادرتهم الوقائية في 2016 والتي تعمل بشكل أساسي على الشباب المسلم وعائلاتهم.
إعادة تأهيل العائدين
يشكل العائدون خطرًا لعدة أسباب: نظرًا لما تلقوه من تدريب عسكري بإعدادهم على تنفيذ هجمات في بلادهم الأصلية كما حدث في باريس وبروكسل أو التزامهم الكبير بالفكر الإرهابي ودعمهم المستمر لداعش. وهناك قوانين وجهاز أمني كبير في كندا يمكنه التعامل مع هؤلاء الذي يشكلون تهديدًا. ولكن ماذا بعد؟ ماذا عن هؤلاء الذين لا يمكن اعتقالهم أو هؤلاء الذين قضوا أوقاتًا في السجن ثم أطلق سراحهم بعد ذلك؟
إن الأفكار المتطرفة لا يمكن معالجتها بأفضل شكل إلا من خلال الخبراء المؤهلين الذي يتفهمون هذا الفكر ويعرفون كيفية الاشتباك مع الشباب وإبعادهم عنه. وعلى الرغم أنه لا يزال هناك غموض يكتنف عملية إعادة التأهيل وكيف تبدوا تلك العملية، وما الذي يجب أن تتضمنه لكي تكون ناجحة ومن هم الأشخاص الذين يجب أن تعطى لهم الأولوية ومن يجب أن يكون مسئولاً عن هذه العملية، إذ ليس كل النماذج تصلح لكل الأشخاص؛ هذا إذا ما أردنا أن نجعل تلك العملية مؤثرة وناجعة.
وحدة رصد اللغة الإنجليزية