أفغانستان... الضيف الدائم الذي يحتل المراتب الأولى في قوائم الدول التي تعاني من الإرهاب. البلاد التي ربما تسببت طبيعتها الوعرة وموقعها الجغرافي في أن تكون أرضًا خصبة ومستودعًا لعددٍ كبيرٍ من الجماعات الإرهابية الأفغانية وغير الأفغانية، حيث تقدر عدد الجماعات والتنظيمات الإرهابية داخل الأراضي الأفغانية بما يقرب من 8 جماعات إرهابية أفغانية، هذا فضلاً عن الجماعات الإقليمية والمحلية الأخرى وعلى رأسها داعش.
ربما كانت حركة طالبان أفغانستان هي الخطر الأكبر الذي هدد، وما زال يهدد، الأمن والسلم الداخلي لأفغانستان، ولكنها ليست الخطر الأوحد، خاصة مع تزايد النشاط الإرهابي لبعض الجماعات التي كانت متواجدة منذ سنوات طويلة بالبلاد كشبكة حقاني الإرهابية، أو حتى بظهور جماعات إرهابية أكثر دموية ووحشية كتنظيم داعش.
باتت هذه الجماعات والتنظيمات تتنافس مع بعضها البعض داخل الأراضي الأفغانية؛ من أجل احتلال القمة في السيطرة والنفوذ، لدرجة أن اشتباكًا وقع في الأيام الماضية بين عناصر تابعة لحركة طالبان أفغانستان وعناصر تابعة لتنظيم داعش في إقليم "جوزجان"، أسفر عن مصرع داعشي على الأقل وإصابة اثنين آخرين وذلك في أعقاب مقتل أحد قادة طالبان على يد داعش. كما قام مقاتلو طالبان باقتحام موقعٍ تابعٍ لتنظيم داعش في منطقة "دارزاب"، مما أسفر عن مقتل عنصرٍ على الأقل وإصابة اثنين آخرين.
حرب بين جماعات القتل باسم الدين على الزعامة، والمتضرر الأساسي هو المواطن الأفغاني الذي عانى كثيرًا بسبب ويلات الحروب والصراع المسلح منذ سنوات طويلة. ومن هذا المنطلق كان من الضروري تسليط الضوء على جماعتين إرهابيتين سطع نجمهما الدموي في سماء أفغانستان وتنافسان طالبان في إرهابها، الأولى تأسست في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي (شبكة حقاني)، والثانية ابتلى بها العالم أواخر عام 2013، ليشرب الجميع من كأس دمويتها ووحشيتها. فمن هي الجماعة الأولى ومتى تأسست؟ ومتى ظهرت الثانية في أفغانستان؟ وما تأثير تقهقرها وتشرذمها على الأمن والسلم الأفغاني؟
رغم إعلان طالبان أفغانستان مسئوليتها عن الهجوم الإرهابي العنيف الذي استهدف فندق "إنتركونتيننتال" بالعاصمة الأفغانية "كابول" مع بداية هذا العام (2018)، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 95 شخصًا وإصابة 158 آخرين، غير أن أفغانستان قد قامت بتوجيه أصابع الاتهام لـ "شبكة حقاني" الإرهابية بالوقوف خلف الحادث. الشبكة التي يقول عنها المحلل "مايكل كوجلمان"، من مركز "ويلسون" بواشنطن: "عندما تستمع إلى عددٍ من المسؤولين الأمريكيين، تجد أن أكثر ما يقلقهم شبكة حقاني".
من هؤلاء؟
تأسست الشبكة على يد "جلال الدين حقاني"، وهو قائد المجاهدين الأفغان الذين قاتلوا الاحتلال السوفييتي لأفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي بمساعدة الولايات المتحدة وباكستان، والذي عمل على توطيد العلاقات مع الجهاديين العرب، بمن فيهم "أسامة بن لادن"، خاصة بعد توافدهم إلى المنطقة إبان الحرب. وفيما بعد، أصبح "جلال الدين" وزيرًا في النظام الطالباني. ويديرها من بعد أبنائه، وتضم الشبكة أيضًا العديد من أفراد الأسرة ممن يعيشون في الخارج. تحت قيادة أبناء "جلال الدين" تعمل الشبكة وتنشط خارج منطقة الدعم في شمال "وزيرستان" الباكستانية، ومقابل الحدود الأفغانية الشرقية في ولاية: "خواست" و"باكتيا" و"باكتيكا".
القوام المكون لعناصر هذه الشبكة يضم في صفوفه مجموعة متنوعة من الإرهابيين المدربين تدريبًا عاليًا، بينهم قيادات من تنظيم القاعدة، وحركة طالبان باكستان، والحركة الإسلامية لأوزبكستان، وعسكر طيبة، والكيانات الإرهابية الأصغر والمتورطة في عددٍ من الهجمات التي استهدفت المملكة المتحدة في وقت سابق. كما تدعم "حقاني" أيديولوجية جهادية عالمية تتجاوز الأهداف في أفغانستان؛ ولهذا يرى البعض أن هزيمة شبكة حقاني أو تفكيكها أمر بالغ الأهمية بالنسبة للأمن الأفغاني والعالمي.
تشترك هذه الشبكة مع جماعة طالبان في أيديولوجيتها، كما تسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، والسيطرة على الأراضي الأفغانية، والقضاء على النفوذ الغربي، وانسحاب القوات الأمريكية وقوات التحالف من أفغانستان.
شبكة حقاني التي يصفها البعض بأنها الأكثر فتكًا في أفغانستان، اعتبرتها الولايات المتحدة الأمريكية جماعة إرهابية؛ بسبب استخدامهم المفرط للعمليات الانتحارية. كما أنها متهمة باغتيال عددٍ من كبار المسؤولين الأفغان، واختطاف واحتجاز الأجانب؛ للحصول على فدية، من بينهم "جوشوا بويل" المواطن الكندي الذي أطلق سراحه مؤخرًا مع زوجته الأمريكية "كيتلان كولمان" وأولادهما الثلاثة الذين ولدوا في الأسر، بالإضافة إلى الجندي الأمريكي "بو برجدهال" الذي أطلق سراحه عام 2014.
في أعقاب الغزو الأمريكي لأفغانستان، انتشر مقاتلو طالبان عبر الحدود مع باكستان، والذين كان من بينهم عناصر شبكة حقاني، وقاموا بشن هجمات على قوات الناتو عبر الحدود في معقلهم "ميران شاه"، والتي تعتبر أكبر مدينة في شمال "وزيرستان" الباكستانية. قامت الولايات المتحدة بشن هجمات متكررة بواسطة طائرات بدون طيار استهدفت عناصر الشبكة، بينما قام الجيش الباكستاني بعمليات تطهير متتالية. وكثَّفت باكستان عملياتها العسكرية في المنطقة خلال عام 2014، بحيث أشارت بعض المصادر إلى أن هذا الضغط قد أجبر الكثير من عناصر "حقاني" على الاختباء تحت الأرض أو الانتقال عبر الحدود إلى معاقلهم الأفغانية.
هل ترتبط شبكة حقاني بباكستان؟
يرى العديد من الأفغان أن حقاني على علاقة وثيقة بباكستان، فحسب ما نشرته صحيفة TOLO NEWS الإخبارية الأفغانية، فإن باكستان ترى أن الهند هي عدوها الواقع جهة الشرق، وأنها تشكل تهديدًا حقيقيًا على وجودها؛ لهذا ومنذ فترة طويلة تحاول التأثير على "كابول" واعتبارها حصنًا لها ضد "دلهي". كثيرًا ما اتُهِمِت "حقاني" باستهداف المنشآت والمصالح الهندية في أفغانستان، وهو ما تسبب في وجود تكهنات بأنهم على علاقة بأجهزة الاستخبارات الباكستانية.
من جانبه يقول "كوجلمان": "إن باكستان تعتبر شبكة حقاني ومعها جماعة طالبان أفغانستان، أداة مفيدة في التراجع الهندي في أفغانستان". من جانبهم يؤكد عدد من السياسيين والمسؤولين العسكريين المتقاعدين في "إسلام آباد" بأن وجود قنوات مفتوحة مع "شبكة حقاني" أمر حيوي للغاية، حيث صرَّح "محمود شاه" العميد المتقاعد قائلاً: "هناك فرق بين الاتصال بهم وبين دعمهم".كما يشتبه بعض الأمريكيين في أن "حقاني" هي "الذراع الحقيقي" للاستخبارات الباكستانية، وهو ما تنفيه باكستان بشدة، قائلة إن عناصر "شبكة حقاني" قد انتقلت بالفعل إلى أفغانستان، ولا وجود لها على الأراضي الباكستانية.
تجدر الإشارة إلى أن "واشنطن" قد ضغطت لفترة طويلة على باكستان؛ من أجل القضاء على الجماعات المسلحة، مع إعطاء الأولوية لعناصر "شبكة حقاني".
إن وجود مثل تلك الجماعات وعلى رأسها "شبكة حقاني" الإرهابية كفيل بنسف العلاقات السياسية والدبلوماسية بين دول الجوار، كما هو حادث مؤخرًا بين باكستان وأفغانستان، وتبادل الاتهامات المستمر منذ فترة ليست بالقصيرة. ولأن التوترات الأمنية والخلافات السياسية بمثابة البيئة الخصبة لتلك الجماعات حيث تنمو وتزدهر فيها، لذلك كان من الطبيعي أن تسعى "حقاني" وغيرها إلى زيادة هذا التوتر حتى تضمن البقاء والاستمرارية.
داعش في أفغانستان
لا تعاني أفغانستان من ويلات طالبان وشبكة حقاني وحدهما، بل بدأت كذلك في التضرر من تنظيم داعش الإجرامي، الذي على ما يبدوا وجدت عناصره الهاربة من تقهقر التنظيم في العراق وسوريا موضع قدمٍ لها في أفغانستان؛ لهذا تزايدت الأعمال الإرهابية التي وقف وراءها هذا التنظيم لا سيما التي وقعت في العاصمة الأفغانية "كابول". لكن يبقى السؤال: هل ظهر تنظيم داعش في أفغانستان خلال الفترة الأخيرة فقط، أم أن ظهور تزامن مع ظهور التنظيم في كل من العراق والشام؟
تطرق التقرير الذي نشرته جريدة tolo news الإخبارية الأفغانية، إلى تاريخ التنظيم داخل الأراضي الأفغانية، منذ الظهور وحتى التقهقر في العراق والشام، وتأثير هذا التقهقر على الأمن الأفغاني. ففي بداية الأمر، وعندما ظهرت التقارير الإعلامية التي تشير لظهور تنظيم داعش في أفغانستان، حاولت القيادة السياسية والأمنية الأفغانية التخفيف من وطأة تلك التقارير، وتحجيم الشائعات التي تتحدث عن تزايد نفوذ التنظيم في البلاد، حيث أكدت أن التنظيم لا يملك المقدرة على التسلل وتنفيذ هجمات داخل أفغانستان. كما أشارت الحكومة إلى أن الأخبار الخاصة بمقاتلي داعش في أفغانستان مجرد شائعات ودعاية للتنظيم. ولكن في غضون بضعة أشهر، ظهرت الحقيقة وانكشف الواقع، بعدما تبين أن عناصر هذا التنظيم الوحشي والإجرامي ينشطون في عدد من المناطق الأفغانية، خاصة مناطق شرق أفغانستان. لقد ظهر التنظيم لأول مرة في ولايتي "ننجرهار" و"كونار"، الواقعتان على الحدود الباكستانية، وذلك بعد قيامهم بإعدام عدد من قادة طالبان ممن رفضوا مبايعتهم وإعلان الولاء لهم. كان هذا الأمر مجرد بداية لأزمة أخرى لأفغانستان، تلك البلاد التي تحاول التخلص من القمع الذي فرضته حركة طالبان منذ سنوات.
ومع الإعلان عن الخلافة من قبل "أبو بكر البغدادي" زعيم داعش في يونيو من عام 2014، سرعان ما وجدت الجماعة بعض المؤيدين لها ممن يتبنون أجندات متطرفة في أفغانستان، أو حتى من المتعاطفين معها من أبناء الطبقة المتوسطة. وفي هذا الصدد، أشار بعض المحللين الأفغان إلى مساهمة عددٍ من المواطنين الأفغان من الطبقة المتوسطة في تزايد أعداد تنظيم داعش الإرهابي، في المنطقة الشرقية من العاصمة "كابول"، وهو ما ساهم بدوره في جعل العاصمة الأفغانية واحدة من أكثر المناطق فتكًا بالبلاد، حيث صرَّح "عثمان برهان" أحد هؤلاء المحللين، بأنه يصعب معرفة العدد الفعلي لمقاتلي داعش في العاصمة "كابول" على وجه التحديد، لكن ما لا يمكن إنكاره أن صفوفهم كانت تتجدد باستمرار عن طريق التجنيد والاستقطاب الذي يحدث عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعبر الجامعات والمدارس والمساجد. ويضيف قائلاً: "لا يمكن القول بأنهم جميعًا من الفقراء، فعدد منهم يأتي من عائلات تنتمي للطبقة المتوسطة في كابول، وبعضهم حاصل على تعليم جامعي، والبعض الآخر حاصل على تعليمه الثانوي". وهو الكلام الذي أكده مصدر أمني أفغاني، حيث قال: "إن الموجة الجديدة من المتطرفين ليست من المزارعين غير المتعلمين، بل ممن حصلوا على مستوى تعليمي جيد.
في مطلع سبتمبر من نفس العام (2014) ظهرت تقارير أخرى تشير لقيام العناصر الداعشية بتوزيع منشورات بمدينة "بيشاور" عاصمة إقليم "خيبر بختون خواه" الباكستاني، وفي المناطق الأفغانية المجاورة لها، وذلك في أعقاب إعلان عدد من المسلحين ولائهم للتنظيم، فحسب ما نشر وقتها، كان "عبد الرؤوف خادم" الزعيم السابق لحركة طالبان هو أول قيادي بارز في الحركة يعلن مبايعته لتنظيم داعش خلال عام 2014. وفي يناير من عام 2015، أعلنت داعش بشكل رسمي أن المنطقة الحدودية الأفغانية الباكستانية قد باتت جزءًا من ولاية "خراسان" ودعت الناس لدعمها. أثار هذا الإعلان مخاوف كبيرة لدى الشعب الأفغاني، الذي ما زال يدفع ثمنًا باهظًا بسبب التمرد والإرهاب.
داعش تعلن أفغانستان وباكستان إحدى مقاطعات ولاية خراسان
في 26 من يناير من عام2015، أعلن تنظيم داعش أن أفغانستان وباكستان والمناطق الحدودية والمجاورة مناطق تابعة لولاية "خراسان" الداعشية، واعتبار "حافظ سعيد خان" حاكمًا لها، و"عبد الرؤوف" نائبًا له، وذلك بعد إعلان مبايعتهما لـ"أبو بكر البغدادي". وفي 9 من فبراير من نفس العام، قتل "الملا عبد الرؤوف"؛ إثر غارة جوية شنتها قوات حلف الناتو، بينما قتل نائبه "حافظ وحيدي" في 18 مارس من عام 2015. كما انتشرت الأخبار التي تؤكد مقتل "حافظ سعيد خان"، أمير ولاية خراسان؛ إثر الغارة التي شنتها طائرة أمريكية بدون طيار في شرق أفغانستان في 25 يوليو من عام 2016.
كيف اكتسب داعش مكانة عالمية في أوائل عام 2014؟
ظهر داعش على الساحة العالمية في أوائل عام 2014، عندما قاتلت عناصره القوات الحكومة العراقية في بعض المدن الاستراتيجية الواقعة غرب العراق، وما تلاه من استيلائهم على مدينة "الموصل". ومنذ ذلك الحين أصبح التنظيم أحد أبرز أسباب القلق لدى الشعب الأفغاني. ورغم ذلك ما زالت الحكومة الأفغانية مترددة في توضيح استراتيجيتها لمواجهة التهديدات الناتجة عن تواجد هذا التنظيم داخل الأراضي الأفغانية.
أول هجوم لداعش في أفغانستان
شنت داعش أول هجوم إرهابي في أفغانستان في 18 أبريل من 2015، بعدما قام انتحاري بقتل 33 شخصًا خارج أحد البنوك في مدينة "جلال آباد" الواقعة بولاية "ننجرهار". أعتبر البعض هذا الهجوم ضربة قوية للحكومة الأفغانية التي كانت ترفض الادعاءات بوجود التنظيم داخل أفغانستان. من بعدها بدأ داعش وبشكل تدريجي في شن هجمات مميتة ضد الشعب الأفغاني خاصة الأقلية الشيعية.
أكثر من 60 هجومًا داعشيًا ضرب أفغانستان
نفذ التنظيم في الفترة من عام 2015 وحتى عام 2017 أكثر من 60 هجومًا إرهابيًا في أفغانستان، أغلبها كان تفجيرات انتحارية، ويمكن إجمال أبرزها فيما يلي:
• الهجوم على مركز تبيان الثقافي في العاصمة "كابول"، مما أسفر عن مقتل 42 شخصًا وإصابة 84 آخرين.
• الهجوم على مسجد جوادية في ولاية "هرات"، مما أسفر عن سقوط 29 قتيلاً و46 جريحًا.
• الهجوم على تلفزيون "شمشاد" في "كابول"، مما أسفر عن سقوط 2 من القتلى، و21 جريحًا.
• الهجوم على مسجد الإمام زمان في "كابول"، مما أسفر عن مقتل 50 شخصًا، وإصابة 46 آخرين.
• الهجوم على أحد مساجد ولاية "غور"، مما أسفر عن مقتل 33 شخصًا، وإصابة 46 آخرين.
• الهجوم على مسجد الزهراء في "كابول"، وهو ما أسفر عن وقوع 7 قتلى و21 مصابًا.
إن توالي الحوادث الإرهابية التي تحمل البصمة الداعشية تسببت في الاعتراف الضمني بأن هذا التنظيم بات يشكل تهديدًا حقيقيًا على استقرار وأمن أفغانستان، ومنذ ذلك الحين، اعترف بأن داعش يشكل تهديدًا لاستقرار البلاد.
نهاية الخلافة
في 9 من ديسمبر من العام الماضي، أعلن رئيس الوزراء العراقي "حيدر العبادي"، انتهاء الحملة العسكرية. انتهت ثلاث سنوات من المعارك مع عناصر هذا التنظيم في العراق، والتي كان يسيطر على ما يقرب من ثلث أراضيها، ويهدد السلام والأمن في الشرق الأوسط بأسره، وبعد أن نجح في يونيو من عام 2014 في الاستيلاء على المناطق الشمالية والغربية التي يسيطر عليها السنة في العراق، وهو ما وضع أكثر من أربعة ملايين عراقي تحت سيطرته. كما قام التنظيم بتصعيد العنف الطائفي بين مختلف الفئات العرقية والجماعات الدينية في العراق التي ما زالت تحاول التعافي من آثار الصراع والحرب، في أعقاب التدخل العسكري الأمريكي عام 2002. وطبقًا لعدد من التقارير غير الرسمية فإن ما يقرب من ثلاثة ملايين عراقي ما زالوا مشردين. كما تسببت داعش في خسائر تقدر بنحو مليارات الدولارات للاقتصاد المحلي والبنى التحتية في العراق وسوريا، فيما قتل وأصيب الآلاف من أفراد قوات الأمن العراقية والسورية، بالإضافة للمدنيين، إبان حكم التنظيم.
ماذا يعني سقوط داعش في العراق وسوريا لأفغانستان؟
على الرغم من أن أثر داعش في العراق وسوريا قد اختفى تقريبًا، فإن المجموعة في الغالب قد وجدت موطئ قدم جديد في أفغانستان، وهذا بدوره يشكل تهديدًا كبيرًا على الأمن الأفغاني. ففي الأشهر الأخيرة، أشارت العديد من التقارير الإعلامية إلى تزايد عدد مقاتلي داعش في بعض المدن والمناطق الشمالية الأفغانية، خاصة ولاية "جوزجان". وفي 11 من ديسمبر، أعلنت وزارة الداخلية الأفغانية أنها تحقق في وجود مقاتلين أوروبيين يقاتلون جنبًا إلى جنب مع داعش في الولاية. كما أفادت وكالة "فرانس برس" أن المقاتلين الفرنسيين والجزائريين، الذين خرجوا من سوريا، قد انضموا إلى صفوف داعش في "جوزجان"، حيث توجد مؤشرات تؤكد إقامتهم لقواعد جديدة هناك. وفي هذا الصدد أكد سكان منطقة "درزاب" الواقعة بالولاية قيام ما يقرب من 200 عنصرًا أجنبيًا بإقامة معسكرًا على بعد مئات الأمتار من قرية "بيبي مريم". وعلى الرغم من قائمة الهجمات الطويلة التي شنتها داعش، إلا أن البعض من المحللين الأفغان يروا أن السياسة التي تتبعها الحكومة بشأن هذه المعضلة ما زالت غامضة. ففي 8 من يناير من العام الجاري، أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية أن الهجمات الكبرى التي شنت في المدن تقف وراءها "شبكة حقاني" تحت اسم داعش.
لم يخلق التواجد الداعشي في تلك البقعة من آسيا قلقًا للأفغان فقط، بل انتشرت تلك المخاوف لتصل إلى غيرها من بلدان وسط آسيا؛ ولهذا يدعوا البعض إلى ضرورة اتخاذ خطوات جادة وحازمة من قبل المجتمع الدولي لمواجهة هذا الخطر المحدق، خاصة وأن أفغانستان قائمة على خط المواجهة مع الإرهاب الدولي منذ سنوات، وبالتالي لن تستطيع وحدها التعامل مع جماعة إرهابية أخرى مثل داعش.
وحدة رصد اللغة الأردية