الجماعات المتطرفة

 

28 مايو, 2018

"الذئاب المنفردة" وسيلة "داعش" في كأس العالم

لم يَبْقَ لـ "داعش" بعد هزيمته في العراق سوى أن يُهَدِّد ويُرْهِب ويتوعّد؛ هذا هو ما يفعله "داعش" الآن، غير أن هذه التهديدات لا يمكن التعامل معها على أنها مجرد كلام، ذلك أن أتباع ذلك التنظيم الإرهابي كُثر، كما أن التنظيم لا يزال يعمل في الفضاء الإلكتروني، وبالتالي فيمكن في أيّ لحظة أن يستجيب شخصٌ ما لمثل دعاوى "داعش".
التهديد الأكبر الذي يُرَوِّج له "داعش" الآن هو كأس العالم، فهو حدثٌ عالمي لا يأتي إلا كل أربعة أعوام، والمشاركون فيه من جنسيات مختلفة، والجماهير التي تحضر الحدث أعدادها كبيرةٌ جدا، لكن ثمّة أمرًا آخَرَ يضفي على كأس العالم في نسخته الحاليّة 2018 أهميةً خاصة ويجعله محل اهتمامٍ كبير من "داعش"، ألَا وهو البلد المضيف؛ كأس العالم هذه المرة سيكون في روسيا، وهي البلد التي كان لها دورٌ كبير، وربما الدور الأكبر، في هزيمة التنظيم، وبالتالي فرغبات الانتقام قائمة، والحدث فرصة مواتية لهم.
وقد تابَع "مرصد الأزهر" تهديداتِ "داعش" خلال الفترة الماضية بمهاجمة كأس العالم، ونشَر أكثرَ من تحذير، غير أن هذه التهديدات لم تتوقف؛ فعلى سبيل المثال: نشَر موقع mirror مطلع هذا الأسبوع خبرًا بعنوان: "داعش يُصدِر ملصقًا دعائيًّا يحتوي على توجيهات لتنفيذ هجمات إرهابية خلال كأس العالم": "هاجِموهم بشاحنةٍ أو سيارة".
احتوى الإصدار الذي نشره تنظيم "داعش" توجيهاتٍ لكيفية تنفيذ هجوم إرهابي خلال مسابقة كأس العالم لكرة القدم المقرر إقامتها في روسيا، ودعا التنظيم أتباعه في هذا الملصق إلى استهداف مشجّعِي كرة القدم خلال المباريات، كما شجعهم كذلك على تنفيذ هجمات "الذئاب المنفردة" في عدد من الدول.
ويُرَكِّز الإصدار عن "داعش" على شرح النقاط القاتلة في جسد الإنسان، والتي يجب على الإرهابيين التركيز عليها عند مهاجمة مشجعي كرة القدم، كما يوصي باستخدام الإرهابيين شاحنةً أو سيارة قبل تفجير مشجعي كرة القدم أو ذبحهم أو إطلاق الرصاص عليهم.
كما نشر موقع Dayan خبرًا بعنوان: "أنصار تنظيم داعش الإرهابي يطلقون حملةً عَبْرَ وسائل التواصل الاجتماعي، تستهدف بطولة كأس العالم 2018"؛ حيث أفاد الخبر أن أنصار تنظيم "داعش" أطلقوا حملةً إعلامية واسعةَ النطاقِ على وسائل التواصل الاجتماعي تُهَدِّد بتنفيذ هجمات أثناء إقامة كأس العالم في روسيا، ويستخدم التنظيم في حملته منصاتٍ خاصّةً به على وسيلة التواصل الاجتماعي Telegram، حيث ينشر الصورَ والنصوص باللغات الإنجليزية والروسية والعربية.
جديرٌ بالذكر؛ أن حملةً شبيهة أُعلن عنها من قِبَل أنصار التنظيم ولاقت اهتمامًا واسعًا في وسائل الإعلام الغربية، وإن كانت بعض الصحف قد علّقت: أنه يمكن اعتبار الحملة محاولةً يائسة من تنظيم "داعش" لاستعادة الاهتمام.
وقد أظهرت ملصقاتٌ منشورة باللغات الإنجليزية والعربية والروسية على المنصات الموالية لـ "داعش" هجومًا انتحاريًّا خارج ملعب "لوجنيكي" في موسكو، وهو الملعب الذي سيستضيف المباراتين الافتتاحية والنهائية للبطولة؛ كما أظهرت صورٌ أخرى "الكرملين" وهو يحترق، والرئيسَ الروسي "فلاديمير بوتين" مُرْتَديًا زيًّا برتقاليًّا، في إشارةٍ إلى إعدامه على يد عناصر التنظيم، وتستهدف الحملة أيضًا الجمهور واللاعبين، حيث ظهر فيها نجمَا الكرة العالمية: "كريستيانو رونالدو" و"ليونيل ميسي" مقطوعَي الرأس.
إذًا ما يتضح من كل هذه التهديدات؛ أن "داعش" لا يملك أيّ قوة يستطيع من خلالها تنفيذ أيّ هجمات؛ كل ما يملكه "داعش" هو إثارة أتباعه والمؤمينن بفكره للقيام بهجماتٍ فردية، ويتضح هذا على وجه الخصوص من الحملة الأخيرة المشار إليها أعلاه، فهي حملةٌ يقوم بها أتباع التنظيم، ولا تحمل أيّ دلالات على وجود عملٍ مُنَظَّم أو قيادة معينة تُحَرِّك الأتباع.
ومما يزيد من تفاقم خطورة الأمر: هو أن بداية كأس العالم ستوافق نهاية شهر رمضان، وبالتالي سيستغل أتباع "داعش" هذا في تحفيز "ذئابهم المنفردة"؛ بحُجّة أن هذا هو شهر الانتصارات الكبرى في تاريخ المسلمين، وأنه شهر العزيمة والإصرار، وبالفعل هو كذلك، لكن ليس على منهج "داعش".
لكن الأمر المُلاحَظ بشِدّةٍ: هو أن "داعش" لا يملك آليّات تنفيذ هجماتٍ إرهابية، خاصّةً بعد تَفَرُّق أعضائه؛ لذلك يسعى "داعش" إلى استغلال فكرة "الذئاب المنفردة"، من خلال محاولة بَثّ أكبرِ قَدْرٍ من الرسائل عَبْرَ منصاته الإعلامية، أو حتى منصات إعلامية لأفراد ليسوا من التنظيم، لكنهم يحملون فكره.