تحمل شهادات العائدين من تنظيم داعش الإرهابي، أو الذين تم القبض عليهم بعد سقوط التنظيم في سوريا والعراق، أهمية كبيرة ينبغي الوقوف عليها؛ حيث يمكن من خلالها التعرف على التنظيم من الداخل، وشكل الحياة فيه، إضافة إلى فهم العقلية التي يمكن للتنظيم استقطابها بسهولة ويسر، وكذلك معرفة مستقبل التنظيم، وعملياته وخططه التي يخطط للقيام بها في المستقبل، ومن هنا يركز مرصد الأزهر على هذه الشهادات، سواء في تقاريره أو مقالاته أو الكتب التي يقوم بنشرها.
وفي هذا التقرير، سنعرض شهادة الداعشي "أبو إبراهيم الفرنسي"، التي تحمل أهمية، من حيث إظهارها خطط التنظيم المستقبلية التي ينوي القيام بها على المدى المتوسط والبعيد.
و"أبو إبراهيم الفرنسي" كما هو واضح من اسمه فرنسي الجنسية، اسمه الحقيقي "جونسون جيفوري" تم القبض عليه في سوريا، وبصحبته زوجته التونسية البالغة من العمر 35 عامًا، وطفلاه، وكان له دور مهم في استقطاب بعض الشباب الفرنسي لتنظيم داعش الإرهابي ، وقد قامت تركيا بعد القبض عليه بتسليمه إلى فرنسا.
وفي أثناء التحقيقات التي أجريت معه، اعترف هذا الداعشي أن هدف التنظيم في الفترات المقبلة، هو استخدام الأطفال الذين يُطلق عليهم "أشبال الخلافة"، في ضرب عدة دول أوروبية وعلى رأسها فرنسا، مشيرًا إلى أن هناك مئات الأطفال الأيتام الذين مات آباؤهم في الحرب الدائرة في سوريا، وأن تنظيم داعش يربي هؤلاء الأطفال ويخطط لاستخدامهم في عملياته الإرهابية ضد فرنسا وغيرها من الدول الغربية.
وأضاف "أبو إبراهيم الفرنسي"، أن هؤلاء الأطفال سيتم تدريبهم في سوريا حتى يبلغوا سن الرشد، ثم سيتم إرسالهم إلى فرنسا لتنفيذ عمليات ارهابية، وأن الغرض من انتظارهم حتى سن البلوغ، هو ألا يتم التعرف عليهم عن طريق تطبيقات "نظام التعرف على الوجه"، أما الشباب البالغين والجاهزين نفسيًّا وبدنيًّا للقيام بعمليات، فسيتم إرسالهم إلى أوروبا في الحال.
من جهة أخرى صرحت وكالة الشرطة الأوروبية "يوروبول"، بانضمام خمسة آلاف مواطن لتنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق، من جنسيات أوروبية مختلفة، عاد منهم عدد يتراوح بين ألف وألف وخمسمائة شخص، أما الـ 3500 مواطن الآخرين فلا يُعرف وضعهم الحالي، ويُعتقد أن جزءً منهم قد قُتِل في الحرب وجزءً تم اعتقاله، كما تؤكد "يوروبول" أن بعض مقاتلي داعش الأوروبيين، هربوا إلى بعض الدول مثل ماليزيا والفلبين وليبيا.
ويرى مرصد الأزهر أن السيطرة على الأطفال وتجنيدهم، هدف مشترك لمعظم التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، وخداع عقولهم هو أهم عامل من عوامل هذه التنظيمات لنشر فكرها المتطرف، ومن ثم فإن حرمان هذه التنظيمات من هذه الأرضية، ينبغي أن يكون غاية تتبناها جميع المجتمعات وتلتف حولها، عن طريق تقديم المعرفة التي تتناسب مع مراحل تطورهم الذهني، ونموهم العمري بمراحله المختلفة.
ومن خلال غرس ثقافة الحوار وتقبل الآخر، وقيمة التسامح في نفوسهم، وهذا كله لن يتم إلا بتعاون وثيق وممنهج بين الأسرة والمدرسة، ومراكز الشباب والرياضة، وفرق الكشافة، إضافة إلى الإعلام ودوره التوعوي سواء للأطفال أنفسهم أو لأولياء أمورهم.