الجماعات المتطرفة

 

20 ديسمبر, 2019

الكتب ذات المحتوى المتطرف عبر الانترنت وحرية التعبير!

 

 

             تابع مرصد الأزهر لمكافحة التطرف التقرير الذي نشرته صحيفة "ذا إكبريس" البريطانية والذي تناول قضية عرض عملاق بيع الكتب الإلكترونية –أمازون- بعض الكتب التي تروج لمعاداة السامية وكراهية غير المسلمين، وذلك على الرغم من حظرها داخل السجون البريطانية خوفًا من أن تكون سببًا في تجنيد بعض النزلاء.

             هذا وقد ذكر مركز "هنري جاكسون" البحثي أن الكثير من النصوص التي منعها مسئولوا السجون في عام 2015 لا تزال متاحة عبر منصلات العملاق التكنولوجي، بل هي دائمًا جاهزة للتوصيل "في اليوم التالي لطلب الشراء". وعلى الرغم من ذلك، هناك بعض الكتب المعروضة للبيع على الموقع، منها كتاب "معالم في الطريق" لسيد قطب، والذي ألقى فيه اللائمة على اليهود فيما يتعلق بالنظريات المتعلقة بالمادية، وتدمير العائلات وتفكيك المجتمع. ويعد "قطب" أحد أقطاب جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية في مصر خلال حقبة الخمسينات والستينيات، والذي كان يحث على تنفيذ أعمال عنف، حسبما ذكر الموقع. ومن المعروف أن "سيد قطب" كان مصدر الإلهام للكثيرين من قادة الجماعات المتطرفة مثل قادة تنظيم القاعدة "أسامة بن لادن" و"أيمن الظواهري" وزعيم تنظيم داعش الإرهابي سابقًا "أبو بكر البغدادي".

الجدير بالذكر أن هناك العديد من الكتب الأخرى والمحتويات المحظور تداولها داخل السجون البريطانية، ومنها كتاب "أساسيات التوحيد" لمؤلفه "بلال فيليبس"، وأيضا كتاب "نحو فهم الإسلام" لـ"أبو الأعلى المودودي".

             وتجدر الإشارة إلى أن أحد فرق المراجعة التي قادها "إيان أتشسون"، المسئول السابق بوزارة الداخلية البريطانية ومدير السجن السابق، كانت قد أصدرت تحذيرًا داخليًا عاجلاً لحظر "الأدبيات المتطرفة" فورًا من على الموقع، إلا أنه وبعد مرور سبعة أشهر وبالتحديد في يوليو من عام 2016 وجدت الفرقة أنه لازالت الكثير من تلك النصوص المحظورة متوفرة داخل السجون. وعليه، دعا الكثير من النقاد المسئولين عن موقع أمازون لاتخاذ المزيد من الإجراءات بشأن موقعهم، حيث قال الدكتور "بول سكوت" من مركز "هنري جاكسون": "على الرغم من عملنا لحظر المتطرفين من دخول المملكة المتحدة، إلا أن كتبهم ومؤلفاتهم لا تزال تصل إلينا، بل في هذه الحالة فإنه يتم بيعها من خلال واحدة من الشركات العملاقة التي تعتبر نفسها تتمتع بمبادئ عملية إيجابية.

             وقد ردت الشركة العالمية "أمازون" قائلة: "بصفتنا بائعين للكتب، نوفر لعملائنا سبيلاً للوصول لمختلف وجهات النظر، ومن بين ذلك الوصول لكتب قد يعتبرها بعض العملاء مرفوضة. وبالنظر إلى ذلك، فنحن نحتفظ بحقنا في منع محتويات محددة، مثل المحتويات الإباحية أو غيرها من الأشياء غير اللائقة".

             ويرى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أن وجهات النظر قد تختلف فيما يتعلق بمحتوى هذه الكتب، ففي الوقت الذي قد يرى البعض أنها تحوي أفكارا متطرفة ومن ثم يجب منعها، قد يرى آخرون ضرورة الاطلاع عليها ومعرفة ما بداخلها من باب التعرف على فكر الآخر بغية مجابهته والتصدي له.

ولكن من خلال ما يقوم به مرصد الأزهر من رصد وتحليل العديد من محتويات مواقع الشبكة العنكبوتية، فإن عين المرصد قد وقعت على العديد من الكتب التي تتعلق بالشأن الإسلامي والتي لا يوجد عليها تصريح من المؤسسات المعنية وعلى رأسها مؤسسة الأزهر الشريف، وللأسف فإن هذا الباب يعد أحد المنافذ التي يمكن لأصحاب الفكر المتطرف أن يتسلل من خلالها إلى العقول، لا سيّما العقول غير الواعية التي تُمثل الأرض الخصبة لأصحاب ذلك الفكر الشاذ.

وفي نفس الوقت، يؤكد مرصد الأزهر أن مكافحة الفكر المتطرف لا تقع على عاتق مؤسسة بعينها، بل إن الأمر يعدو ذلك لكي يتمثل في شبكة متكاملة، وأدوارا متماثلة، التي يجب أن تكتمل حلقاتها ليتم القضاء على الفكر الشاذ والمنحرف والذي يؤدي في نهاية المطاف إلى هلاك الحرث والنسل.

وعليه، يتقدم مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بمقترح مفاده تقديم مشروع دولي للأمم المتحدة يقضي بعد نشر أي كتاب يتعلق بالدين الإسلامي أو الشريعة الإسلامية إلا بعد الحصول على موافقة الأزهر الشريف عليه، كونه أعلى مؤسسة سنية إسلامية على مستوى العالم. وبالتالي فإن التعلل بحرية الرأي والتعبير إزاء نشر محتوى يحث على التطرف هو في غير محله. إن الجماعات المتطرفة وأصحاب الفكر المنحرف يبحثون عن أي منفذ يمكنهم من خلاله أن يتسللون إلى عقول الشباب، وبالتالي من واجب كل المؤسسات ولا سيما المؤسسات التي تتميز بنشر محتوى عبر الإنترنت أن تدرك أهمية وخطورة هذا الأمر. ربما يكون لهذا الرد من قبل مؤسسة أمازون بعدا اقتصادياً لا ينكره مرصد الأزهر عليها، ولن يصادر مرصد الأزهر على رد "أمازون" في أنه إتاحة حرية التعبير، لكن يؤكد مرصد الأزهر أن حرية التعبير هي دائما متاحة طالما لم تمس حرية الآخرين، وطالما لم يكن هناك أفكارًا من شأنها زعزعة أمن واستقرار المجتمعات، وطالما لم يكن هناك اتجاها لإتاحة كتب ومحتويات تحض على التطرف من قبل أفراد وجماعات لا يختلف القاصى والداني على المحتوى المتطرف الموجود بداخلها.

مرصد الأزهر لمكافحة التطرف


كلمات دالة: مرصد الأزهر