الجماعات المتطرفة

 

26 فبراير, 2023

على خطى التنظيم الأم .. ولاية داعش بالصومال تلجأ إلى تكتيك «المفارز الأمنية»

 

     بَثُّ ما يُعرف بـ (المكتب الإعلامي لولاية الصومال) التابع لديوان الإعلام المركزي الداعشي، مقطع فيديو مدته قرابة خمسَ عشرةَ دقيقة، بعنوان: «الله ولي المؤمنين» ومنه يتضح أن تنظيم داعش فرع الصومال قرر الاستفادة من استراتيجية «المفارز الأمنية[1]» داخل المدن باعتبارها أفضل وسيلة تساعد على الاستمرار في العمليات، بعد خسائر التنظيم الإرهابي المادية والمعنوية في الآونة الأخيرة. وتقوم هذه الإستراتيجية على تنفيذ عمليات اغتيال ضد أفراد الجيش، والشرطة، والمخابرات الصومالية في وضح النهار، وتدمير آلياتٍ، وعتاد عسكري بعبوات ناسفة أمام المارة.

بدأ الإصدار بجزء من الآية (68) من سورة آل عمران، وفيه: ﴿إِنَّ أَوۡلَى ٱلنَّاسِ بِإِبۡرَٰهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۗ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾، دون تكملة لِيكون عنوانًا للمقطع المصوَّر. تلاها عرض مشاهدَ من معركة "جبل الشهداء" ضد أحد القوات الأمريكية، والبونتلاندية([2]) في جبال "عل مسكاد" شمال شرقي الصومال، تخلل تلك المشاهد كلمة بصوت "أبي حمزة القرشي"، يشيد فيها بالعمليات والتأكيد على مواصلة الجهود.

ثم عرض الإصدار حوار أحد جنود المفارز الأمنية ويُدعى "أبو مسلم المهاجر" مع مقاتل ملثم، يسرد تاريخ جهاده مع التنظيم، وكيف هاجر من كينيا إلى الصومال، والالتحاق بأحد الفصائل المقاتلة في الساحة الصومالية، قبل أن ينضم إلى حركة الشباب الإرهابية حتى إعلان دولة الخلافة الإسلامية - كما يزعم- ليقرر مبايعة تنظيم داعش فرع الصومال، وقال: " جرى اختياري ضمن فريق العمل بـ «المفارز الأمنية»، خاصة في مدينة (بوصاصو) ونفذت العشرات من العمليات الموجعة ضد المرتدين (بحسب تعبيره) وبعد عامين من العمل المتواصل تمكنت القوات الصومالية الخاصة من الإيقاع بي، وصدر ضدي حكم بالإعدام، لكن نجحت في الهرب برفقة آخرين في أثناء نقلي إلى السجن المركزي بمدينة بوصاصو".

وأضاف:" أريد توصيل عدة رسائل، أهمها إلى أسرى المسلمين في كل مكان، وخاصة المجاهدين (كما يزعم) أن ما أصابكم هو ابتلاء من الله تعالى، فلتصبروا ولتحتسبوا، ولتعلموا أننا لن ننساكم، وأننا نعمل جاهدين على تحريركم من أيدي الكافرين، والدليل على ذلك اقتحام السجون، وهدم أسوارها، كالسجن المركزي في "جلال آباد"، وسجن "غويران"، وكذلك ما حصل مؤخرًا من اقتحامات السجون في وسط إفريقيا، ومن قبلها في ولاية غرب إفريقيا. والرسالة الثانية أوجهها إلى المجاهدين في كل مكان، وخاصة قوات "مفارز الأمن"، عليكم بمعاقبة أعداء الله تعالى على جرائمهم ضد المسلمين، والثأر لهم باستهداف قواتهم. والثالثة أوجهها إلى أعداء الله، وخاصة أمريكا، أقول لها: "لقد خسرت في قتالك ضد المجاهدين أكثر من عقديْن من الزمان، ولم تحققي إلى يومنا هذا أية نتيجة ملموسة سوى فناء أموالك، وإنهاك اقتصادك، ولقد حان وقت زوالك. وأما المرتدون فأقول لهم: "أنتم تخسرون دنياكم، وأخراكم، واعلموا أن المجاهدين قد دخلوا مرحلة جديدة، والخبر ما ترون لا ما تسمعون إن شاء الله".

ثم اختتم الإصدار بعرض جانب من مهام «المفارز الأمنية» داخل بعض المدن مثل "مقديشو"، "كاران"، "ودجر"، "أفجوي"، وغيرها شملت اغتيال بعض القيادات البارزة في الجيش، والشرطة، واستهداف دوريات للجيش، والشرطة بعبوات ناسفة، وتدمير بعض نقاط التفتيش الأمنية بمن فيها. كما شملت تفجير عبوة ناسفة على رتل للتحالف الإفريقي على طريق "مقديشو – أفجوي".

ويلاحظ من خلال المقطع المصور أن عمل خلايا «المفارز الأمنية» يعتمد على التجسس، والاختباء وسط المواطنين، ثم الإغارة، مع إعمال السرعة، وذلك يعتمد على القدرة المعنوية؛ لأن الهجمات يتم تنفيذها في مناطق حيوية باستخدام العبوات الناسفة، والأسلحة الكاتمة للصوت؛ لمضاعفة الخسائر دون عناء كبير.

وهنا يرى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أن "ولاية الصومال" تسير على خُطى تنظيم «داعش» الأم، في اعتمادها على تكتيك ما يُسمَّى بـ«المفارز الأمنية»، وتهدف من وراء ذلك إلى تخفيف الضغط عن مقاتليها بعد تلقيهم ضربات موجعة، وإعادة بناء قوات التنظيم معنويًّا وماديًّا، وخلخلة صفوف قوات الجيش والشرطة في المناطق التي تعمل فيها؛ لتنهار معنويات المقاتلين ضد التنظيم الإرهابي. من ناحية أخرى تحاول كسب التأييد الشعبي والذي يمكِّنها من جذب مقاتلين جدد للانضمام في صفوفها عِوضًا عمن فقدتهم في المعارك السابقة.

وحدة رصد اللغات الإفريقية

 

([1] ) المفارز الأمنية هي إستراتيجية تبناها تنظيم داعش الإرهابي قديمًا، تقوم على فكرة أن تقوم مجموعة من المقاتلين التابعين له باغتيال بعض أفراد الشرطة والجيش بعد مطاردتهم لفترة، مرتدين ملابس مدنيين، للتمويه وحتى لا يتعرف علهم أحد، فهم يشبهون إلى حد ما الذئاب المنفردة ويقومون بالعملية الارهابية سريعًا ويفرون هاربين، ويصب تركيزهم على المعدات العسكرية، بعضهم مكلف بالاستخبارات والتجسس وسط المدنيين وبعضهم للتنفيذ.

([2] ) منطقة تقع شمال شرق الصومال، مساحتها حوالي 212 500 كم2، وعدد سكانها التقريبي 3,900,000 نسمة، في عام 1998 أعلن زعماؤها بأنها دولة مستقلة، ولكن حكومة الصومال الحالية ترى في ذلك محاولة لجعل الصومال جمهورية فيدرالية. بخلاف جارتها الصومال.


رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.