تواجه باكستان منذ سنوات طويلة تحديات معقدة في مكافحة الإرهاب، ناتجة عن عوامل سياسية وجغرافية واقتصادية لا يمكن تجاهلها. وقد كان عام 2024 حافلًا بأحداث بارزة أثرت بشكل مباشر على المشهدين السياسي والأمني في البلاد.
تشهد باكستان تنوعًا في الهجمات الإرهابية التي تنفذها التنظيمات المتطرفة، بما في ذلك التفجيرات الانتحارية، والاعتداءات المسلحة، واختطاف رجال الأمن، وتفجير المنشآت الحيوية مثل محطات القطارات. وغالبًا ما تستهدف هذه العمليات المدنيين الأبرياء، وقوات الأمن، والأقليات الدينية، بهدف نشر الفوضى وعدم الاستقرار.
في إطار جهودها لمواجهة هذه التهديدات، نفذ الجيش الباكستاني عمليات عسكرية كبرى، أبرزها “ضرب غضب” و”رد الفساد”، للقضاء على معاقل التنظيمات المسلحة وتطهير البلاد من العناصر الإرهابية. لم تقتصر هذه الجهود على العمليات الأمنية فحسب، بل عززت السلطات أيضًا إجراءات ضبط الحدود مع أفغانستان، عبر بناء سياج أمني للحد من تسلل المسلحين الذين يسعون لزعزعة استقرار البلاد من خلال تنفيذ عمليات إرهابية.
كما تسعى باكستان إلى تعزيز التعاون الإقليمي في مجال مكافحة الإرهاب، حيث شهد عام 2024 نجاحات أمنية ملموسة، تمثلت في اعتقال عدد كبير من العناصر الإرهابية في مختلف أنحاء البلاد. ووفقًا للتقرير السنوي الصادر عن إدارة مكافحة الإرهاب لعام 2024، تم تسجيل 67 حادثًا إرهابيًّا خلال العام، وكانت “ديرة إسماعيل خان” الأكثر تضررًا بـ121 حادثًا، تلتها “بنو” بـ116 حادثًا، ثم “خيبر” بـ80 حادثًا.
أفاد التقرير بمقتل 70 إرهابيًّا خلال العام في عمليات أمنية مختلفة، إلى جانب اعتقال 802 إرهابيين، بينهم 32 من العناصر المطلوبين لدى وكالات إنفاذ القانون. واحتلت “ديرة إسماعيل خان” الصدارة في عدد القتلى الإرهابيين، حيث قُتل أكثر من 80 إرهابيًّا في عمليات مكثفة.
على الجانب الآخر، تكبدت قوات الأمن خسائر فادحة، حيث قُتل 204 من ضباط إنفاذ القانون، وأُصيب 383 فردًا آخرين في هجمات إرهابية، بينهم 149 من عناصر الشرطة، إضافة إلى مقتل أكثر من 174 مدنيًّا في هذه العمليات.
ووفقًا للتقرير، نفذت قوات الأمن الباكستانية 9,902,000 عملية استخباراتية على مستوى البلاد، تم خلالها القضاء على عدد كبير من العناصر الإرهابية، بما في ذلك 59,775 عملية استخباراتية ناجحة أسهمت في الحد من الأنشطة الإرهابية بشكل كبير.
وفي تصريح رسمي، أكد كبير وزراء “خيبر بختون خوا” أن الوضع في المناطق الجنوبية، لا سيما “ديرة إسماعيل خان”، يخضع لرقابة أمنية مشددة، مشيرًا إلى أن قوات الأمن تمكنت من تدمير معاقل الإرهابيين والقضاء على قادتهم. من جانبه، صرح قائد الجيش الباكستاني بأن بلاده لديها تحفظات بشأن الأنشطة الإرهابية المنطلقة من الأراضي الأفغانية، مؤكدًا أن أمن المواطنين الباكستانيين يظل أولوية قصوى.
دبلوماسيًّا، حققت باكستان نجاحات مهمة في عام 2024، حيث استضافت مؤتمر منظمة شنغهاي للتعاون، الذي شهد حضور قادة ووزراء من الصين وروسيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان، إلى جانب نائب رئيس إيران ووزير خارجية الهند. كما شهدت البلاد زيارات رسمية لرؤساء دول بارزة، تم خلالها توقيع العديد من اتفاقيات التعاون في مجالات مختلفة.
ختامًا، ورغم التحديات المتصاعدة التي تواجهها باكستان في حربها ضد الإرهاب، فإن الجيش الباكستاني يواصل أداء دور حاسم من خلال عملياته العسكرية والأمنية الفعالة التي أثبتت جدارتها في تقليص المخاطر الإرهابية. ومع ذلك، يبقى التعاون الإقليمي والدولي ضروريًّا لتعزيز الجهود الرامية للحد من نفوذ التنظيمات الإرهابية، التي تستغل الحدود المفتوحة والصراعات السياسية لتحقيق أهدافها التخريبية.
وحدة الرصد باللغة الأردية