في هذه الوقت تثار شبهة حول النقاب للمرأة والقول بأنه بدعة دخيلة على المجتمع المسلم وهذه الشبهة في واقع الأمر إنما هي بمثابة الطرف المناقض للقول بأن النقاب فرض على المرأة وإذا كان القول بلبس النقاب للمرأة رأي موجود لبعض الفقهاء فإن القول بعدم وجوبه وبجواز كشف الوجه والكفين من المرأة المسلمة أمام الرجل الأجنبي غير المحرم لها، هو قول جمهور الفقهاء.
وإذا كان القائل بوجوب لبس النقاب له ما يستند إليه من أدلة فإنها لا ترقى إلى أدلة الجمهور فهي أرجح وأولى بالقبول:
فمما استدل به الجمهور على عدم وجوب النقاب قوله تعالى في سـورة النور: "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها" النور: ٣١، والجمهور على أن معنى "ما ظهر منها" بأنه الوجه والكفان، أو الكحل والخاتم وما في معناهما من الزينة. وهذا مروي عن أنس بن مالك وابن عباس وعائشة وعكرمة وسعيد بن جبير وعطاء وقتادة والمسور بن مخرمة رضي الله عنهم.
واستدلوا بقوله تعالى في شأن المؤمنات: "وليضربن بخمرهن على جيوبهن" (النور: ٣١) فالخمار: غطاء الرأس، والجيب: فتحة الصدر من القميص ونحوه، فأمر الله تعالى النساء بأن يسدلن ويلقين بخمرهن وأغطية رؤوسهن بحيث تغطى النحور والصدور. ولو كان ستر الوجه واجباً لصرحت به الآية، فأمرت بضرب الخمر على الوجوه، كما صرحت بضربها على الجيوب.
وأما القائلون بوجوب النقاب فقد استدلوا بما جاء عن ابن مسعود في تفسير قوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن إل ما ظهر منها) بأن معناه: الرداء والثياب الظاهرة.
ورد الجمهور بأن هذا التفسير يعارضه ما صح عن غيره من الصحابة.
واستدلوا أيضا بما رواه أحمد والبخاري عن ابن عمر أن رسول ال -صلى ال عليه وسلم- قال: "لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين" ووجه الدلالة: أن غير المحرمة يجب عليها أن تلبس القفازين.
وقد أجاب الجمهور على هذا بأن الوجه واليدين ليسا عورة، وإلا ما أوجب كشفهما ولا تصح العبادة مع ظهور العورة. ولأن من محظورات الإحرام مثلاً لبس المخيط والصيد ونحوها، وهما ليسا واجبين ثم صارا حراماُ بالإحرام وإنما هما من المباح.
وقول الجمهور بأن لبس المرأة للنقاب ليس بعورة ليس معناه أن تعنف المرأة التي ترتديه حتى تخلعه وإنما القاعدة (( أنه لا يؤمر به ولا ينهى عنه)).