القضية الفلسطينية

 

31 مايو, 2018

تقرير القدس للأسبوع الرابع من مايو 2018

     انطلاقًا من مسئولية الأزهر الشريف تُجاهَ العالم الإسلامي، وإيمانًا منه بحق الفلسطينيين في أرضهم ووطنهم، وإحياءً للقضية في قلوب وعقول العالم، وفي إطار متابعة مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، قضايا المسلمين بصفة عامة وقضية القدس بصفة خاصة؛ تتابع وحدتَا الرصد باللغة العربية والعبرية عن كَثَبٍ المستجدات على الساحة المقدسية، وتبعات نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلَّة.

 وترصدان الانتهاكاتِ التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، على يد الكِيان الصهيوني المغتصِب، وفي هذا التقرير ننقل للقرَّاء الكرام هذه الأحداث؛ إحياءً للقضية في العقل والوِجدان الإسلامي والعربي بشكل خاص، والإنساني بشكل عام.

أولًا: مسيرات العودة الفلسطينية تدخل أسبوعها التاسع:

       يُواصل الفلسطينيون نضالَهم الحرَّ، لكسر الحصار والعودة إلى أراضيهم المحتلَّة، من خلال  مسيرات العودة الكبرى التي بدأت منذ ثمانية أسابيع، ودخلت أسبوعها التاسع، يوم الجمعة 25 مايو، تحت مسمَّى: "مستمرون رغم الحصار"، حيث دعت "الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار"، عَبْرَ مُكَبِّرات الصوت وإعلاناتٍ إذاعية، الجماهيرَ للمشاركة في الاحتجاجات؛ وفاءً لدماء الشهداء والأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني.

 ورغم الصيّام وارتفاع درجة حرارة الشمس، وصل آلاف الفلسطينيين إلى مخيمات العودة على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة، عَبْرَ حافلات انطلقت عقب صلاة العصر من مختلف مساجد قطاع غزة المحاصر.      

Image

   

ودارت مواجهات بين  المئات من الفلسطينيين وقوات الاحتلال، في مناطق مراكز المخيمات، على امتداد الشريط الحدودي، شرق غزة ورفح وخان يونس، إضافةً إلى اندلاع مواجهات شرق مخيّم "البريج" وسط القطاع، وشرق مخيّم "جباليا"، وأشعل الفلسطينيون عشراتِ الإطارات المطاطية، وأطلقوا طائراتٍ ورقيةً وبالوناتٍ بألوان العلم الفلسطيني.      

وأطلق جنود الاحتلال الإسرائيلي الرصاصَ الحيَّ وقنابل الغاز على المتظاهرين؛ ما أسفر عن إصابة 115 شخصًا بجراح مختلفة، بينهم 7 أطفال، و4 سيدات، حسبما ذكرت وزارة الصحة في غزة.                            

 صورة: أ ش أ 

 

Image

صورة: اليوم السابع

وفي الضفة الغربية، أصيب شاب برصاصة مطاطية في الرأس، خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلية المسيرةَ الأسبوعية لقرية "كفر قدوم"، شرق محافظة "قلقيلية"، المندِّدة بسياسات الإدارة الأمريكية تُجاهَ مدينة القدس.

وخلال مؤتمرٍ صحفي مساء الجمعة، في مخيّم "العودة" شرق مدينة غزة، أعلنت "الهيئة الوطنية لمسيرة العودة وكسر الحصار" استمرارَ فعاليات مسيرة العودة حتى تحقيق كامل أهدافها وكسر الحصار، مناشدةً الأمةَ العربية والإسلامية والمجتمع الدولي فَكَّ الحصار ومدَّ العَوْن الطبي.

 كما شدّدت على وَحدة أهداف الشعب الفلسطيني، متوجهةً بالتحيَّة إلى الفلسطينيين في الداخل المحتل، وخاصةً في "حيفا"، كما أعلنت "الهيئة" أن الجمعة المقبلة، ستحمل اسم: "من غزَّة إلى حيفا.. وَحدةُ دمٍ ومصيرٌ مشترَك".

 

 

تأييد قضائي لآلة القتل الصهيونية

وفيما يتعلق بإطلاق النيران الحيَّة على المتظاهرين الفلسطينيين، رفضت "المحكمة الإسرائيلية العليا" التماسًا تقدّمت به منظمات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية، في أبريل الماضي، تطالب فيه بإجبار قوات الاحتلال على التوقف عن إطلاق الرصاص الحي صَوْبَ المتظاهرين الفلسطينيين، على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل.

وقالت رئيسة المحكمة، "إستير حيوت": إن المحكمة أيَّدت موقف الحكومة القائل: إن المحتجِّين على الحدود بين إسرائيل وغزة ليسوا متظاهرين سلميين، بل هم أطراف في "نزاع مسلّح"، بين الدولة العبرية وحركة "حماس" التي تسيطر على القطاع.

ثانيًا: تهويد القدس والمدن الفلسطينيَّة:

     لم تقف الممارسات الصهيونيَّة عند حدِّ القتل والقمع، بل تسير وَفْقَ خُطَطٍ مدروسةٍ ومُمنهَجةٍ لتهويد القدس، وفي خطوة من الخطوات الصهيوأمريكية، لتغيير الهُوِيَّة الإسلاميَّة والعربيَّة للقدس، وفرْض الطابع اليهودي عليها؛ فقد تسلَّم السفير الأمريكي لدى إسرائيل "ديفيد فريدمان"، في معهد "أحياه" اليهودي، صورةً مُرَكَّبَةً للقدس الشرقية دون "المسجد الأقصى" و"قبَّة الصخرة"، ويظهر فيها ما يُسَمَّى بـ"الهيكل" المزعوم، غير آبِهٍ بمشاعر أكثرَ من مليار ونصف المليار مسلم حول العالم.

Image

وأثارت الصورة ردودَ فعلٍ فلسطينيَّة غاضبةً؛ حيث دعا محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطيني للشئون الدينية، الحكوماتِ والمنظماتِ والشعوبَ العربيةَ والإسلاميةَ "للردِّ على تطاول سفير الولايات المتحدة لدى الاحتلال على العقيدة الإسلامية".

وأضاف "الهباش" في بيان صحفي: "هذه الخطوة الاستفزازية تُمَثِّل إشارةً عنصريةً، وتحريضًا إجراميًّا على هدم المسجد الأقصى المبارك، وتبنِّيًا واضحًا لمزاعم المتطرفين اليهود حول المسجد الأقصى ومدينة القدس"، واصفًا السفيرَ الأمريكي بـ"المستوطن اليهودي".

وعلَّق صائب عريقات، رئيس دائرة المفاوضات بمنظمة التحرير، قائلًا: "إلى متى ستبقى هذه التصرفات الأمريكية المنحطَّة والحقيرة، دون ردٍّ عربيٍّ وإسلاميٍّ يرقى إلى مكانة المسجد الأقصى وعظمة الحرم القدسي الشريف؟"، مؤكدًا أنَّ هذه الاعتداءاتِ تُمَثِّل جريمةً بحقِّ أولى القبلتين، وأنَّها تحويلٌ فعليٌّ إلى صراعٍ دينيٍّ بامتياز.

وأوضح "عريقات": "أنْ تصلَ الأمور بسفير الرئيس "ترامب" إلى تسلُّم وقَبول صورةِ مُجَسَّمٍ للهيكل المزعوم، مكانَ الحرم القدسي الشريف، مع آثار دمار قبَّة الصخرة والمسجد الأقصى مع هذه الابتسامة، فإن ذلك يدل على الموافقة والإقرار".

كما أكَّد الشيخ محمد أحمد حسين، خطيب المسجد الأقصى، والمفتي العامّ للقدس والديار الفلسطينيَّة؛ أنَّ "المسجد الأقصى المبارك بمبانيه ومساطبه وساحاته وما تحت الأرض، هو ملكٌ للمسلمين وحدهم، رغم أنف الكارهين والمتربصين".

 كما عَدّ موقفَ السفير الأمريكي إقرارًا من الولايات المتحدة الأمريكية بتهويد القدس، داعيًا إلى مضاعفة الجهود لشَدِّ الرِّحال إلى المسجد الأقصى، وتعزيز الوجود فيه لحمايته، مهما تَطَلّب ذلك من ثَمَنٍ وتضحيات.

من جهتها، علَّقت السفارة الأمريكية، التي انتقل مَقَرّها حديثًا إلى مدينة القدس المحتلَّة؛ بأن السفير خُدِع عندما ظهر وهو يتسلم الصورة، وقالت في بيانٍ: "إن السفير لم يكن على دراية بالصورة التي دُفعت أمامه عندما التُقطت له الصورة، وأنه شعر بخيبة أمل عميقة لمحاولة استغلال زيارته لإثارة الجدل".

يُذكر أن "ديفيد فريدمان" أحدُ العناصر المثيرة للجدل في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومن أكبر الداعمين للاستيطان، وترأَّسَ مجموعةً جمعت عشرات الملايين من الدولارات لمستوطنة "بيت إيل"، إحدى أكثر المستوطنات تطرُّفًا في الضفة الغربية، كما يحرص على أداء طقوس الحج اليهودية، ويُعَدُّ أحد المشاركين الدائمين في احتفالات "بركة الكهنة" وأعياد "الفصح" و"المظلة".

 

تطرفٌ يهودي

وكعادتهم العنصريَّة المتأصِّلة في تزييف التاريخ وقلْب الحقائق؛ جاءت تعليقاتٌ يمينيَّة متطرفة في وسائل الإعلام الإسرائيلية، مؤيدة لما قام به السفير الأمريكي لدى الكِيان الصهيوني "ديفيد فريدمان"، وتسلُّمه صورةً مُرَكَّبَةً للقدس الشرقية دون "المسجد الأقصى" و"قبَّة الصخرة" ويظهر فيها ما يُسَمَّى بـ"الهيكل" المزعوم.

الأمر الذي استدعى تصريح الناطقة باسم السفارة الأمريكية في القدس المحتلَّة، "فالري أوبريان"؛ بأنَّ "السفارة طلبت من "المعهد" تقديم اعتذار عما بدَر من إدارته، بتقديم تلك الصورة المُثيرة للجدل خلال زيارة "فريدمان"، الذي لم يكن على علمٍ بتلك الصورة التي قُدِّمت له".

واستجابت إدارة المعهد لطلب السفارة وقدّمت اعتذارًا، قائلةً: "نحن نعتذر للسفير الأمريكي "فريدمان" وسفارته، عمَّا بدَر من أحد أفراد طاقم المعهد من تقديم صورةٍ دون علم المعهد والسفير والسفارة الأمريكية، ونأسف على تلك الواقعة، التي لا تعدو كونها فعلًا سياسيًّا رخيصًا، فقد توصلنا إلى مَن قام بهذا الفعل، واعتذر عن ذلك، وسيُعاقَب داخليًّا، نعتذر من أعماق قلبنا عن تلك الواقعة، التي كان يمكن تَجَنُّبها".

 

 

ثالثًا: تبعات نقل السفارة الأمريكية إلى القدس:

"باراجواي" تفتتح سفارتها في القدس

      وفيما يتعلق بتبعات نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، كانت أولى الدول التي حذت حَذْوَ الولايات المتحدة دولة "جواتيمالا"، وافتتحت سفارتها بشكل رسمي، الأربعاء 16 مايو، في مدينة القدس المحتلَّة، وانساقت وراءها دولة "باراجواي"، الإثنين 21 من مايو الجاري، لتصبحَ ثانيَ دولةٍ تَحذو حَذْوَ الولايات المتحدة الأمريكية.

Image

 

وقال رئيس باراجواي، "هوراسيو كارتيس"، خلال حفل تدشين سفارة بلاده في القدس المحتلَّة: "إنَّ افتتاح سفارتنا في القدس له معنى خاص، يُعَبِّر عن أواصر الصداقة والتضامن الثابت بين إسرائيل وباراجواي، وتستند أواصر الصداقة بيننا على مبادئَ مشتركةٍ، على غرار: الديمقراطية، والاحترام، والتسامح، وعدم التمييز، والتعايش السلمي". 

ومن جهته، أشاد رئيس الوزارء الإسرائيلي، "بنيامين نتنياهو"، بهذا الإجراء، ووَجَّه كلامه لرئيس باراجواي قائلًا: "أنت صديقٌ استثنائي، جئتَ إلى هنا على رأس وفدٍ كبيرٍ، ووقَّعنا اتفاقياتٍ مشتركةً، فقد أَيَّدَتْ واعترفتْ –باراجواي- بإسرائيلَ في الأمم المتحدة، ولن ننسى ذلك أبدًا".

بدورها، أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية افتتاح "باراجواي" سفارتَها في القدس المحتلَّة، وصرَّحت بأن هذا الأمر غيرُ قانوني أو شرعيّ على الإطلاق، ويُمَثِّل عدوانًا صارخًا على الشعب الفلسطيني وحقوقه، مؤكدةً أن القرار يُعَدُّ انتهاكًا لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي، ولا يَعْدو كونه تنفيذًا لإملاءات إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

رابعًا: الاعتداء على المساجد ومنع حرية العبادة:

لم تتوقف الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى المبارك، منذ احتلاله عام 1967، حيث يشهد زيادةً كبيرةً في أعداد مقتحميه من المستوطنين عامًا بعد عام.

Image

ومن آخِر الانتهاكات لقُدْسيّة المسجد الشريف؛ اقتحام 287 مستوطنًا يهوديًّا باحاتِ الأقصى من جهة باب "المغاربة" -الخاضع لسيطرة الاحتلال منذ احتلال شرقيّ القدس عام 1967- خلال الجولة الصباحية؛ للاحتفال بعيد "نزول التوراة" أو "الشفعوت"، وسط حماية قوات الاحتلال التي أمَّنَتْ تَجْوالَهم، وحتى خروجهم من باب "السلسلة".