يتابع مرصد الأزهر الشريف بقلقٍ واستنكارٍ بالغٍ ما يحدث في القدس من اقتحامات متواصلة من قبل المتطرفين اليهود لساحات المسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، والتي تنبئ بإشعال حربٍ دينيةٍ قد تقضي على الأخضر واليابس؛ لما تحمله تلك الانتهاكات من استفزاز لمشاعر المسلمين حول العالم وتهديد للسلام والاستقرار العالمي.
وفي هذا السياق، كتبت وحدة الرصد باللغة العبرية تقريرًا عن اقتحامات ساحات المسجد الأقصى المبارك خلال احتفالات اليهود بعيد المظال (سوكوت وفق المسمى العبري)، لمدة ثمانية أيام تحديدًا من يوم الأحد الماضي الموافق 23/9/2018م، حيث شهدت ساحات المسجد الأقصى المبارك، اقتحامات واسعة وغير مسبوقة من المستوطنين اليهود برفقة عددٍ من حاخامات الكيان الصهيوني المتطرفين، على غرار الحاخام المتطرف "صفنيا دروري" حاخام مستوطنة "كريات شمونه"، أحد أكبر تلامذة الحاخام "تسفي يهودا كوك"، فضلًا عن عدد من المسئولين الصهيونيين أمثال عضو الكنيست "شولي معلم"، وعضو الكنيست السابق البروفيسور "مايكل بن آري".
لكن ما الهدف من تعدد اقتحامات ساحات الأقصى وزيادتها في الآونة الأخيرة؟
إن المتابع لهذه الاقتحامات يستطيع ملاحظة أن الهدف من وراء ذلك هو الخوف من تسرب اليأس في نفوس اليهود بسبب عدم وجود أي دليل حتى الآن على وجود (الهيكل المزعوم) أسفل المسجد الأقصى، فقد فشلت جميع جهود الباحثين الأثريين في العثور على أي دليل يثبت وجود الهيكل، لذا كانت هذه الاقتحامات المتعاقبة بقيادة زعامات دينية وتحت حراسة شرطة الاحتلال من أجل بث روح الأمل في نفوس المستوطنين، وهو ما أكدته تصريحاتٍ "شولي معلم"، عضو الكنيست، خلال اقتحامها لساحات المسجد الأقصى المبارك، حيث أكدت على أهمية زيارة هذا المكان المقدس، وذلك لأهميته الدينية ولتأكيد السيادة الصهيونية على الأراضي الفلسطينية وعلى المسجد الأقصى المبارك، مطالبةً المستوطنين بالحذر من تسرب اليأس إلى نفوسهم لعدم بناء الهيكل (المزعوم) حتى الآن، كما طالبتهم بتجاهل رؤية المسجد الأقصى المبارك الذي ألمحت إلى هدمه ودماره مستقبلًا.
ووفق تقرير موقع "هر هبّيت" الخاص بأخبار بيت المقدس، اقتحم 2738 من اليهود المتطرفين ساحات المسجد الأقصى المبارك، بزيادةٍ ملحوظةٍ تُقدر بــ 20% عن نفس الفترة من العام المنصرم 2017م، حيث اقتحم وقتئذٍ 2265 يهودي متطرف ساحات المسجد الأقصى.
ويمكننا أن نلاحظ من خلال هذه الأرقام أن هناك زيادة مُطّردة في أعداد المقتحمين لساحات المسجد الأقصى المبارك خلال العام الجاري والمنصرم، مقارنة بالعامين السابقين لهما، حيث اقتحم 1611 متطرفًا يهوديًّا خلال احتفالات اليهود بعيد العُرش في عام 2016م، في حين وصل العدد إلى 965 متطرفًا يهوديَّا خلال نفس الفترة من عام 2015م.
كما شهدت مدينة القدس المُحتلة، يوم الاثنين الموافق 1/10/2018م، مُشاركةَ مئات الحريديم المتطرفين، في مسيرة استفزازية في شارع الواد الممتد من باب العامود المؤدي إلى أبواب المسجد الأقصى وأسواق وحارات القدس العتيقة، وأدى هؤلاء طقوسهم التلمودية، إضافة إلى القيام بالرقص والغناء ونفخ الأبواق؛ الأمر الذي أسفر عن اندلاع مواجهات مع عددٍ من المواطنين الفلسطينيين.
وفي مثل هذه الاقتحامات المتعاقبة يردد الحريديم دائمًا هتافات عنصرية بحق العرب والفلسطينيين، وأخرى تدعو لبناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى، وسط حراسة قوات الاحتلال. كما أن هذه الاقتحامات تنشط غالبًا في خلال الاحتفالات بالأعياد اليهودية؛ فعلى مدار أيام العيد قام المستوطنون اليهود بجولات يومية داخل أسواق البلدة القديمة، خاصةً عند أبواب الأقصى، وأدوا الصلوات التلمودية حاملين سعف النخيل، وسط استفزازات متعمدة للفلسطينيين المرابطين في مدينة القدس المحتلة.
إن غطرسة قوات جيش الاحتلال الصهيوني لم تكتفِ فقط بحماية المقتحمين المتطرفين؛ بل إنها قامت باعتقال عددٍ من الشباب الفلسطيني، الذين تصدوا لمحاولات تدنيس الأقصى، حيث أصدرت قوات الاحتلال ما يربو على 50 قرار إبعاد عن المسجد الأقصى والمدينة القديمة، وصلت إلى ستة أشهر. ويلاحظ أن سياسة إبعاد وإقصاء الشباب الفلسطيني لفترات زمنية متفاوتة من قبل قوات الاحتلال، هي وسيلة ممنهجة لتسهيل اقتحامات المستوطنين وجماعات الهيكل المزعوم لساحات المسجد الأقصى المبارك.
وحدة الرصد باللغة العبرية