القضية الفلسطينية

 

29 نوفمبر, 2018

حركة "كاخ" المتطرفة .. ومساعيها لتحقيق أهداف الصهيونية عبر الإرهاب والعنف

     بدأت تحركات صهيونية متطرفة من قبل المستوطنين المتطرفين، تطالب بإعادة الوضع القانوني لمنظمتي "كاخ"، و"كهانا حي"، من  خلال رفع اسمهما من على قوائم المنظمات الإرهابية الصهيونية، التي قامت بمذابح وأعمال عنف دموية بحق الفلسطينيين، زاعمين أن قرار الحكومة كان سياسيًّا في المقام الأول، وتم اتخاذه لتهدئة الرأي العام الداخلي والخارجي، ومن هنا نتساءل ما هي حركة "كاخ" الصهيونية المتطرفة، وزعيمها الروحي، وأيديولوجيتها الفكرية ومحاورها؟

 

 

Image

"إيتمار بن جبير متطرف صهيوني، الناطق بلسان حركة الجبهة الوطنية اليهودية، نقلًا عن سيروجيم"

حركة "كاخ" هي منظمة إرهابية متطرفة الفكر، تؤمن بالعنف والإرهاب باعتباره الوسيلة الوحيدة لتحقيق أهداف الحركة الصهيونية، تعود شهرتها بين كل الجماعات الصهيونية المتطرفة في إسرائيل، لعنصريتها المتأججة ضد الفلسطينيين.

 و أسفرت عنصريتها عن مذابح واعتداءات، لعل أشهرها هي مذبحة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل المحتلة، والتي قام بها الإرهابي "باروخ جولدشتاين" فجر يوم الجمعة الموافق 15 رمضان 1416هـ/ 25 فبراير عام 1994م، حين أطلق النار على المصلين في المسجد الإبراهيمي، خلال أدائهم صلاة الفجر؛ الأمر الذي أسفر عن مقتل 29 مصليًّا، وإصابة 150 آخرين قبل أن ينقض عليه مجموعة من المصلين ويقتلوه.

وقتها وصف رئيس الحكومة الإسرائيلية "إسحاق رابين" المجزرة ومرتكبيها بقوله: "هذا حدثٌ لا توجد كلمات لوصف خطورته ونتائجه، جريمة قتل سافلة وبشعة لمصلين في مكان مقدس لدى اليهود والعرب -بحسب قوله- نفذها قاتل مختل عقليًّا".

 لكنه بعد أيام وأمام الكنيست أوضح "رابين" أن "جولدشتاين" قد لا يكون مختلًّا عقليًّا بالمعنى الطبي للكلمة، لكن هذه الفعلة المرعبة هي فعلة شخص مريض نفسيًّا، طفا على السطح من داخل إطار صغير ومحدود، ونشأ ونما في مستنقع مصادره الروحية موجودةٌ هنا وفيما وراء البحار، وهي غريبة عن اليهودية، وليست منا"، وذلك في إشارة إلى حركة "كاخ" التي ينتمي القاتل إليها، والتي تعود أصولها إلى الولايات المتحدة، وما زالت أفرعها ممتدةً هناك.

معنى حركة "كاخ/ כך"

"كاخ/ כך ": كلمة عبرية تعنى "هكذا"، في إشارة إلى شعار الحركة الذي يشمل (أرض إسرائيل الكاملة)، مع قبضة يدٍ مرفوعة وبندقية، مكتوبٌ أسفلها "كاخ" أي إنه هكذا  وبهذه الطريقة الوحيدة التي تجمع بين القوة والبندقية، أي بالعنف القائم على قناعات دينية ستحقق الآمال في إقامة إسرائيل الكبرى؛ إذًا فشعار الحركة يعبر عن أيديولوجية توراتية.

Image

 

يشار إلى أن شعار قبضة اليد المشهور ظهر في الكثير من ثورات العالم رغم اختلافاتها الدينية والأيديولوجية، ولكنه كان علامة على شيئين رئيسيين ميَّزا تلك الثورات، أولها اعتمادها على العنف، وثانيها وجود تنظيمات تطمح في أن تكون هذه القبضة مفتاحها للسيطرة على البلاد.

من هو مؤسس الحركة؟

مؤسس الحركة هو "مائير كهانا"، وهو اسمه الحركي؛ حيث كانت الأسماء الحركية تستخدم عادة خوفًا من الملاحقات الأمنية، أو تجنبًا لتهديدات يتعرضون لها قد تعرض حياتهم للخطر- أما اسمه الحقيقي فهو "مارتن ديفيد".

 ولد   "مائير كهانا" في حي "بروكلين" بنيويورك سنة 1932، لأسرة هاجرت من صفد بفلسطين إلى الولايات المتحدة مطلع القرن العشرين، ودرس هناك في المعاهد الدينية اليهودية، ثم صار حاخامًا للجالية اليهودية.

كما حصل "كهانا" على الماجستير في القانون الدولي. وبعد أن فُصل من وظيفته بتهمة "الهوس الديني المفرط" هاجر إلى إسرائيل، لكنه فشل هناك في الحصول على وظيفة "حاخام"؛ فرجع مرة أخرى إلى الولايات المتحدة، وأنشأ "رابطة الدفاع اليهودية، بهدف مواجهة نشاط السود في الدفاع عن حقوقهم المدنية، ومطالبتهم بتقاسم امتيازات اليهود، التي كانوا يتمتعون بها على حساب الأقلية السوداء.

 وفي عام 1969م انشق "كهانا" عن حركته في الولايات المتحدة، وهاجر إلى إسرائيل ليؤسس حركة باسم "قمع الخونة: دوف"، متخذة شعار "رابطة الدفاع اليهودية" شعارًا لها، ثم سرعان ما حوّل الحركة إلى حزب سياسي تحت اسم "كاخ"  عام 1972م.

أيديولوجية الحركة

تظهر أيديولوجية الحركة من خلال أفكار وكتابات "مائير كهانا"، القائمة على أسس دينية متشددة وأخرى عنصرية متطرفة، وترتكز أيديولوجية الحركة على عدة محاور هي:

- ضرورة طرد العرب من كامل "أرض فلسطين التاريخية"؛ لتصبح دولة يهودية حقًّا.

-  التوسع في عمليات الاستيطان الصهيوني من خلال ضم الضفة الغربية وقطاع غزة.

- ضرورة إبعاد العرب الفلسطينيين "الأغيار" عن ساحات المسجد الأقصى المبارك، تطبيقًا لقول التوراة: "فليُقتل كل غريب يقترب من جبل البيت".

- عدم السماح للعرب بالدراسة في الجامعات الإسرائيلية.

- محاربة الزواج المختلط بين العرب واليهوديات.

- تدمير المسجد الأقصى وقبة الصخرة والمقدسات الإسلامية كافة.

- تطبيق التعاليم التوراتية.

وانطلاقًا من هذه الأيديولوجية المتطرفة، راحت الحركة تمارس عمليات القتل والإفساد في الأرض، عن طريق تنظيم مظاهرات عنصرية ضد الفلسطينيين والإضرار بممتلكاتهم وإتلاف محاصيلهم الزراعية بل وقتلهم؛ حيث لجأت الحركة إلى تشكيل تنظيمات سرية مسلحة تستهدف العرب، على غرار تنظيم "تناخ"، و"الإرهاب ضد الإرهاب" ومنظمة "حَملَة الخناجر" التي تستهدف اليهود الذين يدعون إلى السلام مع العرب.

كما أنشأت الحركة منظمة "دولة يهودا"، التي ترتبط توراتيًّا بمملكة يهودا المستقلة عن مملكة إسرائيل، والتي انتَخَبت "مائير كهانا" رئيسًا فخريًّا للدولة، وقد أعلن مؤسسو الدولة أنهم موالون لدولة إسرائيل الحالية، شريطة أن لا تتنازل عن أي جزء من "أرض فلسطين التاريخية"، كما تعهدوا بفرض السيطرة على أية أراضٍ يتم التخلي عنها بل والانفصال عن إسرائيل.

مقتل زعيم الحركة، وما ترتب على ذلك

قُتل زعيم الحركة "كهانا"، في 6 نوفمبر 1990م، على يد أحد المسلحين العرب؛ الأمر الذي تسبب في فقد الحركة مصدر قوتها ومحركها الرئيسي، ولم يكن من بين أتباعه من يتمتع بشعبية جماهيرية كما كان "كهانا".

 وهو الأمر الذي تسبب في انقسام الحركة إلى تنظيمين هما: الأول: "كاخ" ومقره مستوطنة "كريات أربع" يقوده المتطرف "باروخ مرزل"، الذي يحمل كراهية وضغينة للفلسطينيين والمسلمين على حد سواء، أما التنظيم الثاني فهو: "كهانا حيّ"، ومقره مستوطنة "كفار تبوّح" في نابلس، ويقوده "بنيامين كهانا" نجل "مائير كهانا".

وفي أعقاب مجزرة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، تم حظر نشاط تنظيمَيْ "كاخ"، و"كهانا حي"، وأُعلن أنهما منظمتان إرهابيتان، لكن من يعتنقون الأفكار الكهانية، لا يزالون يتواجدون بقوة داخل إسرائيل وخارجها.

من مؤلفات "مائير كهانا"

أحد مؤلفات "مائير كهانا" كتاب "شوكة في عيونكم"، الذي يعد وثيقة عنصرية صريحة، تطالب بطرد العرب بشكل فوري من أرض إسرائيل التوراتية، فليس هناك إمكانية للتعايش السلمي معهم، فهم في نظره قنبلة موقوتة قد تنفجر، في أي وقت، في الدولة الصهيونية.

 ومما جاء في مقدمة هذا الكتاب: "قبل بضع سنوات اُعتقلتُ من قبل الشرطة الإسرائيلية بتهمة "التحريض على التمرد"، فعلى أي أساس؟ على أساس أنني توصلت إلى الاستنتاج القائل بأنه لا يبدو هنالك أي حل سلمي للمجابهة العربية / اليهودية في "أرض إسرائيل" (سواء في منطقة الدولة ذاتها، أو المناطق التي حررت عام1967، وأن الدولة اليهودية تسير على الطرق المؤدية إلى الظروف المماثلة لتلك الظروف، أو على الأقل لتخفيف حدتها هي التي تتمثل في أساسها هجرة العرب".
ويضيف: " وأنه على هذا الأساس بعثت برسائل إلى آلاف العرب، اقترحت عليهم في تلك الرسائل تقديم المساعدة لهم بتوفير الأموال اللازمة والتأشيرات لهم كي يهاجروا من البلاد بمحض إرادتهم". كما جاء في الكتاب أيضًا: "إن فكرة إبعاد العرب عن إسرائيل ليست مجرد نظرة شخصية، وبالطبع ليست نظرة سياسية، بل نظرة يهودية تعتمد على تعاليم التوراة .. إن طرد كل عربي هو واجب ديني".