حظيت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر بتغطية إعلامية في الصحف الفرنسية وردود فعل واسعة النطاق. وقد سلطت هذه التغطية الضوء على جوانب متعددة من الزيارة، بدءًا من المحادثات الثنائية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مرورًا بتركيزه على الوضع الإنساني المتدهور في قطاع غزة وجهوده للدفع نحو استئناف تدفق المساعدات، وصولًا إلى الأبعاد الجيوسياسية الإقليمية التي تكتسبها هذه الزيارة في ظل التوترات الراهنة في الشرق الأوسط. وهو ما ظهر كما يلي:
صحيفة لوموند Le Monde
إيمانويل ماكرون في العريش.. "نقطة انطلاق" مصرية للمساعدات الإنسانية إلى غزة للدعوة إلى استئناف المساعدات التي تمنعها إسرائيل
استعرضت صحيفة لوموند Le Monde تفاصيل زيارة ماكرون إلى مدينة العريش، التي وصفتها بأنها «نقطة انطلاق» رئيسية للمساعدات المتجهة إلى قطاع غزة، حيث عرضت الصحيفة تصريحات الرئيس الفرنسي المطالبة باستئناف فوري للمساعدات الإنسانية إلى القطاع، ووقف إطلاق النار مشددًا على الحاجة الملحة لتقديم الإغاثة للسكان الفلسطينيين الذين يعانون من نقص حاد في الغذاء والدواء والاحتياجات الأساسية.
وفي تغطيتها للزيارة، نقلت الصحيفة أيضًا تأكيد الرئيس الفرنسي على أهمية ضمان سلامة القوافل الإنسانية لضمان وصولها إلى المحتاجين بغض النظر عن التوترات السياسية والعسكرية المستمرة، حيث تدعم فرنسا إيجاد إطار يمكن أن يسهل توصيل المساعدات الإنسانية مع الحفاظ على حقوق الإنسان في سياق الحرب.
المنصة الإخبارية bfmtv
"أرادوا ارتكاب جرائمهم دون شهود": دراما خلف الأبواب المغلقة في غزة
ضمن تغطيتها لزيارة الرئيس الفرنسي إلى مصر، سلطت المنصة الإخبارية BFMTV الضوء على الأوضاع المأساوية المتفاقمة في قطاع غزة، مشيرة إلى "مشهد مأساوي من الانتهاكات الإنسانية والجرائم" التي تُرتكب بعيدًا عن أعين العالم، في محاولة لإبقائها "دون شهود" أو توثيق.
وأكدت المنصة أن الصور القليلة التي تتسرب إلى وسائل الإعلام تكشف عن حجم المعاناة و"دراما يومية خلف الأبواب المغلقة" يعيشها المدنيون في ظل ظروف إنسانية قاسية. وبينما تظهر بعض الجرائم التي تُرتكب خلال الصراع، يبقى الكثير منها في الظل، دون محاسبة أو توثيق كافيين، مما يستدعي تعزيز الجهود الدولية لضمان محاسبة المسؤولين وحماية المدنيين في هذه الظروف المأساوية.
رسالة مفتوحة: النقابات تدعو فرنسا إلى لعب دور قيادي في دعم خطة إعادة إعمار غزة
بالتزامن مع زيارته إلى مصر، وجهت عدة منظمات نقابية فرنسية بارزة، في مقدمتها الكونفدرالية العامة للشغل (CGT) والاتحاد النقابي (Solidaires) والاتحاد النقابي الموحد (FSU)، رسالة مفتوحة إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، حثته فيها على تولي فرنسا دورًا قياديًّا ومحوريًّا في دعم خطة إعادة إعمار قطاع غزة.
وأكدت النقابات في رسالتها أن هذه المبادرة تمثل "بارقة أمل" لسكان غزة الذين يواجهون مأساة إنسانية، وتفتح آفاقًا سياسية لإنهاء دائرة الحروب المتكررة.
ودعت إلى تبني مقاربة سياسية طويلة الأمد بدلًا من الحلول قصيرة النظر التي ثبت فشلها، مشيرة إلى أن فرنسا، استنادًا إلى تاريخها وعلاقاتها المتميزة مع الأطراف المعنية، يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في إنجاح هذا المشروع.
كما أشارت الرسالة إلى أن الخطة العربية ترفض صراحة أي تغيير ديموغرافي أو جغرافي في غزة، وتقترح تصورًا متعدد السنوات لإعادة الإعمار بمشاركة سكان القطاع. ورحبت النقابات بدعم فرنسا لهذه الخطة، معتبرة إياها "أساسًا جديًّا وموثوقًا" لتلبية احتياجات إعادة الإعمار والحكم والأمن، مع احترام القانون الدولي وربط مستقبل غزة بإقامة دولة فلسطينية مستقبلًا.
وحذرت النقابات من مخاطر التهجير القسري، مستشهدة بتصريحات وزير المالية الإسرائيلي حول "إدارة للهجرة" تهدف إلى ترحيل سكان غزة تمهيدًا لتطبيق خطة ترامب وسياسة الضم التدريجي للضفة الغربية، مما يكرس نظام فصل عنصري.
ودعت فرنسا إلى اتخاذ موقف حازم لحماية القانون الدولي، مؤكدة أن احترامه يجب ألا يكون انتقائيًّا، وطالبت بربط المواقف السياسية بمبادرات ملموسة، بما في ذلك فرض عقوبات في حال عدم التزام إسرائيل بقرارات الأمم المتحدة وتعليق اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل في حال استمرار الانتهاكات.
ودعت النقابات فرنسا إلى اغتنام هذه "اللحظة التاريخية" والعمل على إنجاح مشروع إعادة الإعمار، على أن يتوج هذا الالتزام بالاعتراف الرسمي بدولة فلسطين خلال المؤتمر الدولي المزمع عقده في يونيو المقبل بمشاركة فرنسية في رئاسته.
قناة فرانس 24
من مصر.. ماكرون يرفض أي "تهجير" لسكان غزة
أبرزت قناة فرانس 24 تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته الرسمية إلى مصر، حيث أكد دعم بلاده "الكامل" للخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، وشدد على رفض فرنسا القاطع لأية محاولة لترحيل سكان القطاع أو المساس بوحدته الجغرافية والديموغرافية.
وسلطت القناة الضوء على المؤتمر الصحفي المشترك لماكرون مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة، مشيرة إلى "الرؤية المتطابقة" بين فرنسا ومصر حول ضرورة الوقف الفوري للعمليات العسكرية الإسرائيلية في ظل التدهور الإنساني الكارثي في غزة.
كما نقلت فرانس 24 رفض الرئيس الفرنسي "صراحة" لأية عمليات تهجير قسري لسكان القطاع و"لأي شكل من أشكال الضم" في غزة أو الضفة الغربية المحتلة، معتبرًا ذلك انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي وتهديدًا لاستقرار المنطقة بأسرها.
وأشارت القناة إلى إشادة ماكرون بالجهود المصرية المستمرة في الوساطة من أجل التهدئة، ووصفه للخطة العربية التي أعدتها القاهرة بأنها "مسار واقعي لإعادة إعمار غزة" و"رد سياسي" على المقترحات الأمريكية المثيرة للجدل.
كما نقلت فرانس 24 تأكيد الرئيس المصري خلال اللقاء على أن تحقيق سلام دائم واستقرار حقيقي في الشرق الأوسط يظل بعيد المنال ما لم تُحلَّ القضية الفلسطينية حلًّا عادلًا وشاملًا. واعتبرت القناة الفرنسية انضمام الملك عبد الله الثاني للقاء يعكس وحدة الموقف بين الدول العربية المعنية بشكل مباشر بتداعيات الأزمة.
صحيفة La Dépêche
غزة: إيمانويل ماكرون في مصر لـ «رفض الخطة الأميركية".. هل تستطيع فرنسا فعلًا التأثير؟
استعرضت صحيفة La Dépêche الفرنسية أبرز ما جاء في زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى القاهرة، حيث أكد دعمه الكامل للمبادرة العربية بشأن غزة، مجددًا رفضه القاطع لما وصفه بـ «خطة التهجير" التي تروج لها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتي تهدف إلى تحويل غزة إلى "ريفيرا" عبر تهجير سكانها، وهو ما اعتبره مراقبون "خطة ذات طابع تطهيري إثني"، بحسب الصحيفة.
ونقلت الصحيفة تحليل الجيوسياسي الفرنسي باسكال بونيفاس، مدير معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية (IRIS)، الذي رأى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يرفض حتى الآن أي ضغوط دولية جدية، مستمدًا شعوره بالحصانة من الدعم الضمني الذي يتلقاه من شخصيات نافذة مثل ترامب واستقباله في عواصم كبرى رغم مذكرة التوقيف الصادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية.
من جهة أخرى، اعتبر بونيفاس أن زيارة ماكرون لمصر والأردن، اللتين تواجهان ضغوطًا متزايدة بشأن احتمال ترحيل سكان غزة إليهما، تكتسب أهمية خاصة كون فرنسا عضوًا دائمًا في مجلس الأمن. وقد يكون هذا الدعم ضروريًّا لمواجهة ما يُنظر إليه على أنه محاولة إسرائيلية لإعادة استعمار القطاع تحت غطاء مشاريع إعمار مستقبلية.
وحول "التطهير الإثني" الذي تقوم به إسرائيل بقطاع غزة، أكد بونيفاس أن المؤشرات على الأرض تدل على أنه "قيد التنفيذ فعلًا" من خلال منع دخول المساعدات الإنسانية واستمرار القصف المكثف بهدف دفع السكان نحو النزوح القسري.
ويرى أن هذا يحدث وسط صمت دولي منشغل بأزمات أخرى كالحرب في أوكرانيا وعودة ترامب إلى صدارة المشهد السياسي الأمريكي، مما يضعف فعالية أي تحرك دبلوماسي فرنسي أو عربي في الوقت الراهن.