معاناة مسلمي "الروهينجا" .. ومخططات الترحيل!
لقد تردد إلى مسامعنا اسم " الروهينجا" والظلم الذي يتعرضون له في "بورما" كثيرًا في الآونة الأخيرة، الأمر الذي جعل فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر يُوجّه بعقد ندوة حوارية بالقاهرة تحت عنوان: "نحو حوار إنساني حضاري من أجل "ميانمار" (بورما)"، في الفترة من 1 حتى 6 يناير 2017م، دعا إليه عددًا من قيادات وممثلي المجتمع البورمي من مختلِف الديانات (البوذية، والإسلام، والمسيحية، والهندوسية) من أجل الوقوف على الوضع هناك، خاصّةً وأن الأخبار التي تنقلها وسائل الإعلام بها كثير من المغالطات، فضلًا عن الافتقار إلى العديد من المعلومات التي يصعب الوقوف عليها دون الرجوع إلى سكان "ميانمار" أنفسِهم والمسئولين هناك.
ورغم كل هذه المساعي الدولية المبذولة من أجل وقْف معاناة المسلمين هناك ماتزال المعاناة مستمرة؛ ففي الهند حالة من القلق والرعب يعيشها ما يقرب من 3800 لاجئٍ من مسلمي "الروهينجا" ممّن يتواجدون في مدينة "حيدر آباد" الهندية، بعد توارُد التقارير التي تشير إلى أن الحكومة الهندية تُخطّط لترحيلهم من البلاد، حيث يُفضّل هؤلاء اللاجئون الموتَ في الهند على العودة مرةً أخرى إلى "ميانمار"؛ بسبب الاضطهاد الذي يواجهونه هناك مِن قِبَل السلطات.
بعد 5 سنوات من التواجد في الهند، لا يرغب مسلمو "الروهينجا" في العودة إلى بلدهم الأم؛ حتى لا يتعرضوا للقتل أو التعذيب، وقد ناشدوا الحكومة الهندية عدم اتخاذ أي خطوة من شأنها إعادتهم إلى "ميانمار". يقول أحدهم ويدعى "إيانس": "نشكر الهند على سماحها لنا بالبقاء على أرضها، وإذا كانت الحكومة تريد ترحيلنا، فيمكنها أن تفعل ذلك، ولكن سيكون من الأفضل قتلنا هنا على إعادتنا مرة أخرى".
أما "رحيم" البالغ من العمر 32 عامًا، ويعيش في "حيدر آباد" مع زوجته وأطفاله الثلاثة منذ عام 2012 فيقول: "إنه لن يفكر أبدًا في العودة إلى بلاده إلا بعد وجود ضمانات مؤكدة على حماية حياتهم وممتلكاتهم"، وهو ما استبعده "محمد يونس" والبالغ من العمر 63 عامًا والذي صرّح قائلًا: "لم تَفِ أبدًا ميانمار بوعودها تُجاهَنا... فهذه هي المرة الثالثة التي أكون فيها لاجئًا... لقد أطلق الجيش البورميّ النار عليّ واضطُررت للذهاب إلى بنجلاديش لإزالة الرصاصة من كتفي".
أما "رحيم" فيقول: "لقد كنتُ مزارعًا في ولاية راخين بميانمار، ولكن استولت السلطات على أرضي. اضطُررت بعدها للهرب مع أسرتي؛ لإنقاذ حياتنا، وذهب أشقائي إلى بنجلاديش، وجئت أنا إلى هنا".
يتساءل العديد من لاجئي "الروهينجا" عن السبب الذي جعل السلطاتِ الهنديّةَ تعتبرهم تهديدًا للأمن القومي الهندي، فيقول أحدهم: "لقد هربنا من بلادنا لإنقاذ حياتنا، فكيف يمكننا أن نقوم بأيِّ فعلٍ من شأنه الإضرار بالبلد الذي منحنا المأوى؟!".
وأضاف آخَرُ: "رغم أن المخاوف الأمنية طبيعية وواقعية، غير أنه من غير المنصف أن يتمّ وصْم مجتمع "الروهينجا" بأكمله بهذا الشكل... في كل مجتمع يوجد الأخيار والأشرار، وهؤلاء يُمثّلون شريحة قليلة تسعى لكسب المال عن طريق المشاركة في الأنشطة غير المشروعة انتقامًا من الحكومة، وحتى هذه الفئة لا تتواجد بيننا لعدم وجود سبب يجعل مسلمي "الروهينجا" غاضبين من الحكومة الهندية؛ حتى يسعَوْا للانتقام منها".
حسَب البيانات الرسمية؛ يوجد 16 ألفًا من مسلمي "الروهينجا" في الهند مُسجَّلين لدى "المفوضية العليا للاجئين" التابعة للأمم المتحدة، غير أن العدد الإجمالي والحقيقي لهم يُقدَّر بـ 40 ألفًا. ويوجد في "حيدر آباد" 3800 لاجئٍ؛ لتصبحَ بذلك ثانيَ أكبرِ منطقةٍ بها "لاجئون روهنجيون" بعد ولاية "جامو"، التي يتواجد بها 7.000 لاجئٍ.
جديرٌ بالذكر؛ أن مسلمي "الروهينجا" يعانون من الاضطهاد في "بورما" ذات الأغلبية البوذية؛ إذ يَعدّهم الكثيرون في ولاية "آراكان" وأنحاء أخرى من البلاد مهاجرين غير شرعيين قادمين من بنجلاديش، وتسبّبتْ أعمال العنف التي نشبت ضدهم في 2012 في مقتل المئات ونزوح ما يقرب من 120 ألفَ شخصٍ من منازلهم.
4884