الروهينجا

المسلمون في دولتي كوستاريكا وهندوراس

المسلمون في دولتي كوستاريكا وهندوراس

     يواصل مرصد الأزهر متابعة أحوال الإسلام والمسلمين في شتى بقاع الأرض، وذلك للوقوف على أهم المشكلات والمصاعب التي تواجه الأقليات المسلمة، تقوم وحدة الرصد باللغة الإسبانية بمرصد الأزهر بتحرير مجموعة من التقارير عن أحوال الإسلام والمسلمين في إسبانيا وفي دول أخرى من أمريكا اللاتينية. وفي هذا التقرير نستعرض أحوال الإسلام والمسلمين في دولتي كوستاريكا وهندوراس.
بدايةً، تعني كلمة كوستاريكا بالإسبانية (الساحل الغني)، وهي دولة تحدها من الشمال نيكاراجوا، ومن الجنوب الشرقي بنما، ومن الشرق البحر الكاريبي، ومن الغرب المحيط الهادي، وتقدر مساحتها بنحو 51.100 كم2 ويزيد عدد سكانها عن 5 مليون نسمة بنهاية عام 2016، وعاصمتها مدينة "سان خوسيه"، وقد استقلت عام 1821م. والغالبية العظمي من سكان البلاد يتبعون المذهب الكاثوليكي. وهناك جاليات تتبع الديانات الأخرى مثل الإسلام واليهودية. كما يوجد عدد كبير من السكان ممن لا يعتنقون أية ديانة.

Image

ومما تجدر الإشارة إليه أن كوستاريكا تتميز بأنّها الدولة الوحيدة من بين دول أمريكا اللاتينية المدرجة ضمن قائمة أقدم 22 دولة ديمقراطية على مستوى العالم. ويتمتع سكان كوستاريكا بالحرية الدينية؛ حيث تسمح الحكومة بعقد المؤتمرات والندوات الدينية بشكل دائم. وقد عقد في نهاية العام الماضي أول منتدى للحوار بين الأديان في كوستاريكا، شارك فيه العديد من ممثلي الأديان والكيانات الدينية في البلاد. وكان من بين من شارك في هذا المنتدى عدد من أبناء الجاليات المسلمة كممثلين عن مسلمي كوستاريكا. وكانت من بين أهداف هذا المنتدى تعزيز السلم والتعايش المجتمعي بين أفراد المجتمع، والحث على احترام الآخر ونشر قيم التسامح والتعايش والتعاون، وخلق مشاريع جديدة قادرة على النهوض بالمجتمع داخل الدولة. وقد جاءت مشاركة الجالية المسلمة في إطار التفاعل المجتمعي الذي تسعى إلى تحقيقه كافة الجاليات والمؤسسات الإسلامية في جميع دول أمريكا اللاتينية، والتي شهدت العديد من المنتديات واللقاءات المعنية بالسلام والتعايش خلال الآونة الأخيرة.

•    الإسلام والمراكز الإسلامية في كوستاريكا


طبقاً لبعض المصادر، فقد وصل أول مهاجر عربي إلى كوستاريكا عام 1887، وكان مسيحيًا يحمل الجنسية اللبنانية؛ وبعد ذلك وصل عدد قليل من المهاجرين العرب المسلمين من أصل أردني، وفلسطيني وجزائري، وسوري ومغربي وبعض المهاجرين الباكستانيين. وفي عام 1973 وصل إلى كوستاريكا "عبد الفتاح محمود"، وهو طبيب فلسطيني تمكن من جمع حوالي 15 مسلمًا ليكونوا نواة للمجتمع الإسلامي هناك، وتمكن بالفعل من تأسيس المركز الإسلامي عام 1994.
ويبلغ عدد المسلمين في كوستاريكا حوالي 1500 نسمة، معظمهم من المهاجرين على أقل تقدير. وفي الآونة الأخيرة تزايد أعداد معتنقي الإسلام من سكان البلاد الأصليين؛ حيث وصل عددهم إلى 100 مسلم كوستاريكي، ويتمركزون في مدن "إساكزو" و"سان خوسيه" و"سان بدرو". تقول السيدة أمينة وهي امرأة "ليبية" وصلت إلى البلاد في أوائل الثمانينيات: "إن الكوستاريكيين لا يعرفون سوى القليل عن الإسلام، والكثير منهم مخطئون، لأنهم يعتقدون أن المسلمين إرهابيين، ولكن عندما يعرفون المسلمين فإنهم يقبلونهم".
ويوجد في كوستاريكا عدد من المساجد الصغيرة، ولكن المركز الإسلامي الأكثر تأثيرًا هناك هو "المركز الثقافي الإسلامي" الذي يوجد في مدينة "سان خوسيه"، ويترأسه الدكتور عبد الفتاح محمود. وفي عام 2003 بُني مسجد عُمر وهو المسجد الأول والوحيد الذي يتبع المذهب السني في البلاد، وإمامه هو الشيخ المصري عمر عبد العزيز ويديره المركز الثقافي الإسلامي. ويقع المسجد في الطابق الثاني من المركز الثقافي الإسلامي والصفحة الرسمية للمركز على الفيس بوك هي:  https://www.facebook.com/mezquitacostarica/ . وهناك ثلاث مؤسسات إسلامية أخرى في كوستاريكا وهي:
•    مركز التعليم الإسلامي في مدينة "إسكازو".
•    جمعية السلام الإسلامية في "مدينة إسكازو".
•    جمعية المسلم في "سان خوسيه".
ويقدم المركز يوم السبت من كل أسبوع دروسًا في القرآن الكريم والثقافة العربية، بهدف نشر صحيح الإسلام وتقديم الصورة الصحيحة للإسلام والمسلمين، بالإضافة إلى أن المركز بدأ في تعليم اللغة العربية مجانًا في جامعة كوستاريكا.

Image


صورة المركز الثقافي الإسلامي من الخارج

Image

صلاة الجمعة وجانب من الجلسات الحوارية في مسجد عمر

وكما أشرنا سابقًا، فيتمتع المجتمع في كوستاريكا بحرية دينية ، ولا يوجد تقريبًا أي تمييز ضد المسلمين، واللافت للانتباه هو أن هناك جهل تام بالإسلام وبتعاليمه. وبالنسبة لحجاب المرأة المسلمة فإنه يلفت النظر في الشارع الكوستاريكي وهناك بعض الأماكن التي تسمح به، وأخرى تمنعه.
وتحكي إحدى النساء من أصل كوستاريكي، والتي أعلنت إسلامها وتدعى "ناتاشا": "ولدتُ لأب يهودي وأم مسيحية في كوستاريكا، وعشت بسبب ذلك في عناء البحث عن الله في كلتا الديانتين، وكنت أشعر دائماً بالأمور الروحانية، إلا إن قلبي كان يتطلع لشيء أعمق". وتتابع: "أتذكر عندما كنتُ طفلة وكيف كانت الأحلام تراودني، وكيف كنتُ أشعر بأن الحياة تقترب من نهايتها وقرب وقوع يوم القيامة، ولهذا السبب بدأتُ في قراءة الكتاب المقدس من البداية إلى النهاية في سن الثانية عشر". وأضافت أنها اختارت المسيحية في البداية، على أمل أن تكون لها علاقة أوثق مع الله، ولكنها بعد مُضي بعض الوقت قررت اعتناق اليهودية، لكن كذلك لم تصل إلى ما كانت ما تصبو إليه، حتى تعرفت على أحد المسلمين يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية وعرفت الإسلام عن طريقه، وبعدها بدأت في البحث حول الإسلام وماهيته حتي ذهبت إلى المسجد وأعلنت إسلامها.
وتقول إنها حذرة جداً في حياتها حتى لا تسيء لدين الإسلام. وقد تعرضت بسبب إسلامها لبعض المضايقات والتهديديات،     وفقدت الكثير من الأصدقاء، بالإضافة إلى تغير علاقتها بوالديها. وأكدت أنها تشعر بأن عليها واجب كبير وهو تعليم أولادها المفاهيم الصحيحة للدين الإسلامي، حتى يكبروا ويصيروا مُسلمين صالحين.
ويرى المرصد أنه من الضروري أن توجه المؤسسات الإسلامية سُبل الدعم للمؤسسات الإسلامية في أمريكا اللاتينية خاصة كوستاريكا لنشر تعاليم الإسلام الصحيحة في بلدان هذه القارة عمومًا، والتي تُعد أرضًاً خصبة لاستقبال منابع هذا الدين الحنيف دون مغالطات أو تحريف، كما يشجع المرصد أعمال مركز الأزهر للترجمة والتي تتناول كتب صحيح الإسلام التي تنشر الفكر الإسلامي الوسطي إلي الإسبانية. ويمكن للمرصد أن يتواصل مع المؤسسات الإسلامية ومعرفة متطلباتهم وأوجه الدعم المعنوي التي يمكن أن يساهم بها من أجل رسم صورة صحيحة للإسلام، بالإضافة إلى إرسال قوافل سلام للتعريف بالأزهر.

ومن كوستاريكا إلى هندوراس


تقع دولة هندوراس في منتصف أمريكا الوسطى، حيث يحدها من الشمال البحر الكاريبي، ومن الجنوب دولة السلفادور والمحيط الهادئ، ومن الشرق نيكاراجوا، ومن الغرب دولتي جواتيمالا والسلفادور. وقد احتلتها إسبانيا سنة 1502. وفي عام 1821 أعلنت هندوراس وأربع دول في أمريكا الوسطى استقلالها عن إسبانيا وأصبحت جزءاً من الإمبراطورية المكسيكية، لكن انشقت هذه الدول عنها عام 1823 وكوّنت المقاطعات المتحدة لأمريكا الوسطى، حتى أعلنت استقلالها رسمياً عام 1838، وفي عام 1982 أُقرّ دستور هندوراس. عاصمة البلاد هي "تيجوثيجالبا" وأهم مدنها "سان بدرو". وتُقدر مساحتها بحوالي 112.492كم2، ويزيد عدد سكانها عن 8 مليون نسمة وفقًا لآخر إحصائية في نهاية عام 2016.
 وتعتنق الغالبية العظمي من السكان الديانة المسيحية بنسبة 90%، أما النسبة الباقية فتتوزع بين المسلمين وأتباع الديانات الأخرى.

Image


•    تاريخ الإسلام في هندوراس


بدأت الهجرة العربية إلى هندوراس في عام 1896 عندما وصل أول مهاجر عربي إلى هناك. وفي عام 1918 هاجر عددٌ كبيرٌ من العرب كان معظمهم من المسيحيين الفلسطينيين، والبعض الآخر كان من المسلمين. وقد شهدت البلاد موجة أخرى من الهجرة بعد الحرب العالمية الثانية والحرب العربية الإسرائيلية عام 1948.
لكن يمكن القول إن الظهور الحقيقي للمسلمين في هندوراس يُعد جديداً نسبياً، حيث نستطيع أن نؤكد عليه منذ تسعينيات القرن الماضي، وذلك عندما اجتمع المسلمون المهاجرون مع المسلمين من سكان البلاد الأصليين وأسسوا أول جمعية لهم في مدينة "سان بدرو صولا" فى عام 1984، ولم يكن العدد كبيرًا حتى عام 2001 عندما بدأت أعداد ملحوظة في اعتناق الإسلام، ويرجع هذا الظهور المتأخر للإسلام إلى قلة عدد المسلمين.
وهناك تضاربٌ كبيرٌ في إحصاء عدد المسلمين، فهناك إحصائيات تقول إن عددهم يتراوح بين 5000 و 6000 مسلم ما بين مهاجرين عرب ومعتنقين جُدد للإسلام، ولكن هناك البعض يقول إن العدد يقل عن ذلك. لكن مما توفر لمرصد الأزهر من معلومات يمكن القول إن العدد لا يجاوز العشرة آلاف لأن هذه الأعداد كانت في عام 2013.

•    المساجد والجمعيات الإسلامية


في عام 1996، تأسس المركز الإسلامي في هندوراس، بمدينة سان بدرو صولا San Pedro Sula بشارع كولونيا برادو آلتو، ويترأسه يوسف أمداني. وكان هدفه الرئيس رعاية مصالح العرب والمسلمين في البلاد، حيث شُيد مكان للصلاة والاجتماعات لمناقشة الشؤون الاجتماعية والدينية، وتعليم أبناء المسلمين القرآن واللغة العربية، وفي عام 2000 تم بناء أول مسجد في هذه المدينة.
الجدير بالذكر أن المنظمات الإسلامية في هندوراس هي منظمات قانونية مُعترف بها من قبل الدولة، وقد تم الاعتراف علناً بمسلمي هندوراس من خلال مفوض الجمهورية الرئاسي "كارلوس بورتيلو جراديز"، ودعا إلى الحوار الوطني الكبير بشأن الأديان، والذي عُقد في قصر الرئاسة. وقد شارك المسلمون في وضع قانون التعليم العام الجديد لهندوراس، هذا وتترأس الجمعيات الإسلامية في هندوراس السيدة كارلا فريدا جونثالث Karla Fryda González، وسميت بعد إسلامها بــ "جميلة".

Image


وفي عام 2009 تم بناء مسجد العاصمة وافتُتح يوم الجمعة 9 أكتوبر 2009. ويمكن التواصل مع إدارة المسجد عن طريق البريد الإلكتروني islamhonduras@yahoo.com ويترأسه عبدالعظيم رودريجيث، والمسجد تابع لجمعية المسلمين في هندوراس. ويضم المسجد كذلك مدرسة إسلامية وقاعات للندوات والمحاضرات ومكتبة إسلامية. ويلعب المسجد دورًا مهمًا في التعريف بالإسلام من خلال وسائل الإعلام المحلية والإنترنت ومجال الدعوة.
الجدير بالذكر أن مسجد "تيجوثيجالبا" هو نقطة التقاء لجميع المسلمين في البلاد وهو طليعة فجر ديني وثقافي جديد في هذه الدولة، وساهم بقوة في السنوات الأخيرة في تزايد المعتنقين الجدد للإسلام.
ويفتح المسجد أبوابه طوال أيام الأسبوع، فهناك دروس إسلامية مجانية أسبوعية لعامة الناس، وفيه توزع بعض الكتب الإسلامية التي تصل إلى المسجد كتبرع من الولايات المتحدة الأمريكية ومصر والأردن. وفي عام 2012 مُنح المسلمون الوضع القانوني تحت اسم جمعية "المسلمون في هندوراس"، ومنذ عام 2014 تحتفل الجمعية بجميع العطلات الإسلامية.

Image


يذكر أن الجالية الإسلامية وإن كانت صغيرة لكنها تلقى ترحيبًا وموقفًا إيجابيًا من السكان، وإن كانت هناك بعض الأحيان التي تعرض فيها المسلمون إلى بعض المضايقات، ولكن الحكومة تتصدى لهذه الأفعال. ففي عام 2012 اشتكت رئيسة الجماعة الإسلامية في "تيجوثيجالبا" من اعتداء بعض الأشخاص على بعض المسلمين، فخصصت وزارة الدفاع خطًا تليفونيًا لاستقبال شكاوى المسلمين المتضررين. وعمومًا، يعاني المجتمع الإسلامي في هندوراس من قلة عدد الدعاة والكتب الإسلامية المترجمة بالإسبانية، والمساجد والمدارس والمراكز الإسلامية، لأن المسلمين في هندوراس متعطشون لمعرفة صحيح الإسلام عن طريق دعم المؤسسات الإسلامية العالمية حتى يتمكنوا من إبراز هويتهم العقائدية وإقامة المساجد والمدارس الإسلامية.


وحدة الرصد باللغة الإسبانية

 

الموضوع السابق المسلمون في بوليفيا
الموضوع التالي معاناة المهاجرين في مهرجان الأغنية الإيطالية (سان ريمو)
طباعة
4469