الروهينجا

بريطانيا ومخاطر التمييز ضد المسلمين

بريطانيا ومخاطر التمييز ضد المسلمين

     إن ارتفاع وتيرة الإسلاموفوبيا في بريطانيا في الآونة الأخيرة إلى مستويات غير مسبوقة أمر لا يُمكن إغفاله، وهذه الحقيقة تدعمها الإحصائيات والشواهد؛ إذ تُشير التقارير إلى أن الإسلاموفوبيا في المملكة المتحدة ما زالت آخذة في التصاعد، حيث تُمارس على المستوى الشعبي وعبر بعض القطاعات الإعلامية. ويكمن خطر ممارسة هذا النوع من التمييز على نحو مطرد في أنه مع مرور الوقت – في حالة عدم وضع حلول واقعية للحد منه - سوف يصبح أمرًا مُعتادًا ومقبولًا اجتماعيًّا مما يؤدي إلى مزيد من الحنق ضد المسلمين وكذلك الممارسات التي تصل في كثير من الأحيان إلى جرائم الكراهية.

واتخذت جرائم الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا في الآونة الأخيرة أشكالًا متعددة شملت هجمات ضد المساجد، واعتداءات لفظية وجسدية، وكتابات مسيئة على الجدران، فضلًا عن حالات من التمييز ضد الطلاب المسلمين في المدارس، بحسب ما أفاد به موقع المجلس الإسلامي البريطاني.

 تُشير إحدى الإحصائيات التي أوردها موقع المجلس الإسلامي البريطاني إلى أن 37 % من البريطانيين من المحتمل أن يدعموا سياسات من شأنها أن تقلص من أعداد المسلمين في بريطانيا؛ وأن 62 % من البريطانيين يرون أن بريطانيا قد تفقد هويتها في حالة قدوم مزيد من المسلمين للعيش في بلدهم؛ وأن 55 % منهم تُزعجهم فكرة بناء مسجد في مجتمعاتهم؛ وبيّنت الإحصائية أن معظم مجتمع الدراسة يُبالغون في تقديرهم لأعداد المسلمين في الولايات المتحدة بـ 17 % من تعداد السكان بينما يشكلون في الواقع 5 % فقط من سكان بريطانيا. هذه الحالة من التمييز والكراهية منوطة بمسؤولي الحكومة والساسة وقادة المجتمع وذلك يقتضي العمل على إيجاد حلول لإنهائها أو – على الأقل - تخفيف حدتها، إرساءً لمبادئ المواطنة والعيش المشترك، ولكن عندما يعمل المسؤولون وقادة المجتمع على نحو مغاير لما هو مُنتَظر منهم ويطلقون تصريحات من شأنها أن تخلق مزيدًا من الكراهية والعداء ضد المسلمين، فإن الأمر بلا شك سوف يؤدي إلى خلق المزيد من الكراهية بين أبناء المجتمع ويهدد قيم المواطنة والتعايش السلمي ويستوجب بذل المزيد من الجهود لمكافحة هذا النوع من التمييز.

ولعل ما قام به "بوريس جونسون"، وزير خارجية بريطانيا السابق وعضو حزب المحافظين - مثالٌ صارخ على هذا؛ حيث وصف النساء المسلمات اللائي يرتدين النقاب بأنهن "يشبهن صناديق البريد" في إشارة إلى ترك فتحة صغيرة في النقاب للنظر يرى أنها تشبه فتحة صندوق البريد، كما قارنهن أيضًا بــ "سارقي البنوك" في تحدٍّ فّجٍّ لمشاعر المسلمين وإهانة للمسلمات المنتقبات، وما زاد الطين بلة هو رفض "جونسون" الاعتذار عن تصريحاته، ولا سيما بعد أن قوبل بسيل من الانتقادات ومطالبة رئيسة وزراء بريطانيا "تريزا ماي" إياه بالاعتذار، حيث ذكر مصدر مقرب منه أن "جونسون" لن يعتذر مضيفًا أنه "من السخف" مهاجمة وجهات نظره.

ولكن هل يعتقد وزير خارجية بريطانيا السابق أن من حقه أن يُطلق تصريحات عدائية أو مُهينة لمشاعر طائفة من الطوائف الدينية في بلاده ثم يستنكر على منتقديه مطالبته بالاعتذار متذرعًا بحقه في التعبير عن وجهات نظره!  ألا يعلم أن جميع الدساتير تكفل حرية التعبير شريطة ألا تنطوي على كراهية للآخرين أو إيذاء لمشاعرهم أو إضرار بهم! ألا يعلم أن تصريحات كهذه من شأنها خلق مزيد من الاحتقان بين أبناء الطوائف الدينية المختلفة في المجتمع! أغاب عن علمه أن جرائم الإسلاموفوبيا تصل في بعض الأحيان إلى القتل مثل ما حدث مع الطالبة المصرية "مريم مصطفى" التي تعرضت للضرب حتى الموت في مدينة نوتنجهام!

إن من واجب قادة المجتمع ومسؤولي الحكومة التدخل عند الحاجة لإرساء قيم السلام والتعايش بين أبناء المجتمع، وإن من أكبر المهددات للسلام المجتمعي في الغرب هي ظاهرة الإسلاموفوبيا التي ارتفعت إلى مستويات خطرة في المملكة المتحدة تحديدًا، ولكن عندما يغفل المسؤول عن واجباته ويُطلق تصريحات من شأنها أن تؤدي إلى تأجيج مشاعر الكراهية وتفاقم هذه الظاهرة المقيتة بما تنطوي عليه من مظاهر قد تصل إلى الجرائم في بعض الأحيان، فإنه يُصبح لزامًا أن يخضع للمحاسبة وأن يذعن لمنتقديه متى طُلب منه أن يتراجع عن مثل هذه المواقف المثيرة للعداء.

وحدة الرصد باللغة الإنجليزية

الموضوع السابق ثلاثُ مُدُنٍ ألمانية ترغب في استقبال المزيد من اللاجئين
الموضوع التالي قراءةٌ في كتاب "الإسلام إرثٌ للجميع"
طباعة
3301

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.