الروهينجا

خطابات الإمام الأكبر فى مواجهة العنف والخوف من الإسلام

خطابات الإمام الأكبر فى مواجهة العنف والخوف من الإسلام

وحدة رصد اللغة الإنجليزية

ما بين الخوف من الإسلام والتخويف منه، يتعرض المسلمون في الغرب في الآونة الأخيرة لمظهر من مظاهر الاضطهاد -أو على الأقل التمييز- بسبب تفشي ظاهرة الإسلاموفوبيا؛ تلك الظاهرة التي تجد وقودها - من ناحية- في أفعال بعض المنتسبين للإسلام مممن يمارسون الإرهاب تحت مظلة الدين، ومن ناحية أخرى نتيجة التعصب من قبل أتباع الديانات الأخرى، وربما تصريحات بعض السياسيين وتوجهات بعض الجماعات والأحزاب ضد المسلمين.

ووسط هذه الأجواء المحتقنة والنيران المتأججة التى باتت تحيط بالعالم الإسلامي والعربي من ناحية، وطالت ألسنتها كثير من المجتمعات الغربية من ناحية أخرى، تأتي زيارة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب إلى ألمانيا، تلك الزيارة التي كانت لها أصداؤها الإيجابية على الصعيدين الداخلي والخارجي كما أكد على ذلك كثير من المحللين وخبراء الإعلام، وربما يتعجب البعض من ربط هذه الزيارة بموضوع الإسلاموفوبيا، لكن العلاقة واضحة إذا ما أخذنا حوارات فضيلة الإمام الأكبر وخطاباته في الحسبان، ذلك أن أهم غايات تلك الخطابات كانت عرض الصورة الحقيقية للدين الإسلامي ومواجهة حملات التشويه والتشكيك فى تعاليمه السمحة القويمة التى تقوم على الرحمة والعدل والحرية والمساواة واحترام كرامة الإنسان، مما ينعكس بالضرورة على نظرة الآخر إلى المسلمين، وبالتالى يحرر عقولهم من تلك الصور النمطية التى ترسبت فى أذهانهم عبر قرون عديدة، ويسهم فى تغيير الاتجاه العالمي الذي يجد من يؤجج ناره من قيادات واتجاهات عالمية ضد الإسلام والمسلمين، وذلك من خلال منهج واضح يعتمد على استخدام البراهين الساطعة والحجج العقلية الناصعة التى تبتعد عن الجدل العقيم، وتمثل تحديًا كبيرًا لأصحاب العقول المستنيرة التي لم تجد مناصًا إلا التسليم لرجاحة الحجة وسلامة المنطق..

ولا شك أن الطريق طويل أمام العقلاء من رجال الدين للسير على خطى فضيلة الإمام الأكبر التي ترسم طريقًا واضحًا نحو تغيير اتجاهات عالمية تشكلت عبر تاريخ من التفاعل بين الإسلام والمسيحية، ووجدت -ولا تزال تجد- من ينفخ فيها، وينفث سُمَّه ليسري في أوصالها.

فالأخبار المتداولة عالميًّا تؤكد  أن مشاعر الكراهية ضد المسلمين تتزايد، لكن لعل الخبر الأكثر غرابة وإثارة هو ما ذكره موقع Daily mail بعنوان "الحزب اليميني المتطرف بألمانيا يدعو لحظر مآذن المساجد وارتداء النساء للبرقع" جاء فيه: يخطط الحزب اليميني المتطرف الذي حقق مكاسب كبيرة في الانتخابات الإقليمية الألمانية لفرض سياسات جديدة للتضييق على المسلمين، ومن بين الإجراءات التي يأمل حزب "البديل من أجل ألمانيا" إقرارها، فرض حظر على مآذن المساجد وارتداء النساء للبرقع، وصرحت فون ستورتش، عضو بالحزب، لصحيفة The Sunday Times قائلة "إننا نتعامل مع القضايا التي تؤثر على الشعب مثل الهجرة والأمن الداخلي والإسلام...إننا فقط نريد إيقاف هذا، فهل نتخلى عن ثقافتنا بسبب أشخاص من ثقافات أخرى دخلاء علينا؟ لا أعتقد ذلك.

فهذا الخبر من ألمانيا التي تظهر تعاملًا إيجابيًّا مع قضية اللاجئين، والتي شهدت زيارة الإمام الأكبر، لكننا نأمل أن يحاول مسلمو ألمانيا الرد على هذه التصريحات بشكل إيجابي من خلال الترويج لخطابات الإمام الأكبر هناك، والتمثل بالقيم التي دعاهم إليها.

وعلى صعيد آخر  نشر موقع The Korea Times يوم 20 مارس مقالًا بعنوان "تزايد المشاعر المعادية للإسلام" والمقال يتحدث تحديدًا عن دولة كوريا؛ حيث يشير إلى تزايد حدة مسيرة المسيحيين المحافظين ضد سياسات الحكومة الكورية المتعاطفة مع المسلمين بهدف جذب المزيد من السائحين؛ فقد احتشد قرابة مائة متظاهر بالقرب من محطة العاصمة الكورية "سول"، معربين عن رفضهم التام لتمويل الدولة أي أنشطة من شأنها دعم وتقوية التأثير الإسلامي في كوريا، ولم تسفر تلك الوقفة الاحتجاجية عن أعمال عنف، كما أكد المتظاهرون على استمرارية تلك الوقفة الإحتجاجية ضد تلك الأنواع من الأنشطة خاصة المشروعات الحكومية لتسهيل الأطعمة الحلال للمسلمين بما يوافق شريعتهم الإسلامية بهدف جذب المزيد من السائحين المسلمين للبلاد، وصرح منسق تلك الوقفة أنهم لا يبغون إثارة مشاعر الكراهية ولا يحملون أى رسائل متطرفة بيد أنهم يخشون من تزايد تأثير المسلمين بالمنطقة خاصة في ظل تمويل تلك المشروعات، ومن الجدير بالذكر، أن تلك الوقفة جاءت ضمن تداعيات تصريح هيئة السياحة الكورية الشهر الماضي عزمها على منح المزيد من التسهيلات وعقد العديد من الندوات للمسلمين هذا العام لجذب المزيد من السائحين المسلمين، وأوضح المراقبون أن تصوير الإعلام للسياحة الإسلامية باعتبارها متطرفة أسهمت بشكل بالغ في تزايد مشاعر الكراهية ضد المسلمين في كوريا، خاصة وأن 29% من إجمالي الكثافة السكانية في كوريا من المسيحيين بينما يمثل المسلمون 0.5% فقط.

ويلاحظ أن هذا الاعتراض لم يأت لأسباب منطقية تثير مخاوف الشعب الكوري غير المسلم من مواطنيهم المسلمين؛ لأنه اعتراض على منح المسلمين شيئًا يخص دينهم، وهذا أمر تكفله كافة الدساتير والمواثيق الدولية التي تدعم منح الحرية الدينية لكافة المواطنين.

وعلى صعيد آخر نشر موقع International Islamic News Agency يوم 20 مارس كذلك خبرًا بعنوان "مظاهرات احتجاجية ضد بناء مسجد بجزر الكناري الإسبانية " جاء فيه:

قام بعض سكان مدينة لاس بالماس دي غران كناريا الإسبانية برفع لافتاتٍ معاديةٍ للإسلام في مظاهرة احتجاجية ضد بناء مسجد بالمنطقة، كما قاموا بتقديم التماس للسلطات المحلية، معربين عن رفضهم بناء المسجد، إلا أن السلطات لم تلق لهم بالاً، ومن الجدير بالذكر، أن تعداد المسلمين بالمنطقة حوالي 20000 مواطن مسلم، ممن ينتظرون البناء الفعلي للمسجد منذ عشرين عامًا.

فهذا الخبر يتحد مع الخبر السابق عن كوريا من ناحية أنه أيضًا اعتراض على أمر هو في غاية الأهمية للمسلمين، بل هو أشد خصوصية، وهو بناء مكان للعبادة هم فعلًا في أمس الحاجة إليه.

وثمة خبر آخر نشره موقع ABC NEWS 24 يوم 22 مارس بعنوان "إمام بجنوب أستراليا: قد يلجأ المسلمون الأستراليون إلى العنف في حال عدم تغيير قانون الحجاب"؛ حيث حذر إمام مسلم بجنوب أستراليا بأن عدم التساهل قد يؤدي إلى العنف بعد إطلاق سراح رجل قام بسحب حجاب المرأة بكفالة؛ فقد صرح السيد توحيدي، إمام بمؤسسة إسلامية بجنوب أستراليا، اليوم قائلاً "أنه يخشى أن يلجأ المجتمع الإسلامي يومًا ما للعنف لحماية نسائه، كان هذا الشخص قد اتُّهم بنزع حجاب امرأة صغيرة السن عندما استقلت حافلة على طريق تشرشل في 16 مارس، كما صرحت الشرطة بأنه لم تقع أي إصابة بدنية للمرأة وأنه تم إطلاق سراح هذا الرجل بكفالة على أن يمثل أمام المحكمة في 18 أبريل، وقال السيد توحيدي بأن الأئمة كانوا يجاهدون لصبغة المجتمع الإسلامي بصبغة التسامح، وأضاف بأن هذه الحادثة قد استفزت مشاعره مما دفعه لتحذير الحكومة الأسترالية لمراجعة قوانينها بشأن الحجاب، وتابع "إن لم تمنع قوانين الحكومة هذه الهجمات، فإنني أخشى أن يأتي يوم يلجأ فيه المجتمع الإسلامي إلى العنف لحماية نسائه".

ومن ناحية أخرى نجد بعض المظاهر الإيجابية في هذا السياق. فقد نشر موقع THE NEW YORK TIMES يوم 23 مارس خبرًا بعنوان "مسؤولة في مدرسة مسيحية أمريكية ترتدي الحجاب تضامنًا مع المسلمين الأمريكيين"، جاء فيه أن مارثا ديفرز تقول إنها تحجبت لأنها من أتباع عيسى المسيح، وتعمل ديفرز في مدرسة ثانوية في مدينة كنساس في ولاية ميسوري وهي معمدانية ومتزوجة من وزير الشباب وهو أيضا معمداني، تقول ديفرز أن معتقداتها المسيحية ساعدتها في اتخاذ قرارها بارتداء الحجاب تضامنًا مع المسلمين ولاتخاذ موقف ضد الإسلاموفوبيا، نقول ديفرز "أؤمن أني أعيش لنشر رسالته، وأؤمن أيضًا أن أهم تكليف لنا أن نحب الإله ونحب الآخرين"، وتقول أيضًا أنها استاءت من التصريحات السلبية ضد المسلمين من قبل مسئولين أمريكيين مثل المرشح الرئاسي دونالد ترمب الذي يصرح بعدم السماح للاجئين السوريين دخول أمريكا.

إن مثل هذه النماذج تعطي لمحبي السلام في هذا العالم شعاعًا من الأمل في أن هذه الجهود التي يبذلها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب لرسم معالم إحياء خطاب ديني يواكب مستجدات العصر ويعبر عن مرونة الشريعة الإسلامية وعظمتها ويسرها، ولتصحيح مسار العلماء في سبيل نشر قيم الرحمة والتسامح والسلام والعيش المشترك ستجد صداها يومًا ما وتؤتي ثمارها؛ هذا ما نرجوه ونتطلع إليه ويرجوه كل العقلاء في أنحاء العالم.

 حفظ الله مصر وحفظ الله الأزهر الشريف بإمامه الجليل وعلمائه وشيوخه.

الموضوع السابق تطور أحوال المسلمين في إسبانيا على مدار ستة أعوام (2010-2015م)
الموضوع التالي الدين طريقًا للتعايش وليس للاحتراب
طباعة
4021