مأساة مسلمى الروهينجا

 

ومن كمثل أبي؟

ومن كمثل أبي؟

عملي كواعظةً يتيح لي أن ألتقى بالبنات في جميع المراحل العمرية بشكل دائم من خلال الدروس اليومية في الأماكن المختلفة نتناقش ونتحاور في كل ما يهمهن ويشغلهن، ومما أدهشني علاقة البنات بآبائهن التي أصبحت سطحية متوترة على الدوام لا تواصل ولا دفء فيها، وهذا مما جد على مجتمعاتنا مؤخرًا، يا ترى ما سبب هذا التغير؟

كان من المفترض أن تكون علاقة البنت بأبيها فريدة استثنائية لا تشبه أيًّا من العلاقات، فأبوها.. هو حبيبها الأول، مثلها الأعلى، بطلها الخارق.. فتحلم الفتاة بزوج يكون نسخة مصغرة لوالدها ولكن أين تجده؟  فهو في نظرها ليس كمثله أحد.!

والسبب يرجع من وجهة نظري إلى تخلي الأب عن دوره الفعال في الأسرة مربيًّا ومعلمًا وموجهًا ومرشدًا، وتقليص دوره وجعله أداة للتمويل فقط، وهذا يعود بالسلب على الأسرة ككل وعلى البنت خاصة، فقد أكد علماء النفس أن البنت تحتاج أكثر من الولد للشعور بوجود من يحميها ويدافع عنها ويشعرها بالأمان ويحتويها ويدعمها ويصب عليها الحب صبّا بدون مقابل ولا تجد هذا إلا عند "الأب" الذي به يتحقق التوازن النفسي والاستقرار الأسري، فكما أن وجود الأم مهم، فوجود الأب لا يقل أهمية عن وجود الأم.

عزيزي الأب.!  استيقظ من فضلك قبل فوت الأوان فكثيرًا من البنات ضِعن بسبب فقدانهن للرعاية الأبوية، كن موجودًا في حياة بنتك كن مؤثرًا، كن مربيًا، كن صديقًا، كن قدوةً، كن أمانًا لها، كن مصدرًا للثقة والحنان فتلجأ إليك في كل صغيرةٍ وكبيرةٍ في حياتها ولا تكن ضيفًا على مائدة الأسرة.

تقرّب من بنتك وعودها على الحوار والمناقشة، ولا تكن ذلك الديكتاتور المتسلط الذي تنفر منه بنته وتتجنب لقاءه، فالتربية كما تحتاج للحزم والشدة تحتاج للين والعطف، تحدث معها وحاول أن تساعدها في حل مشاكلها حتى وإن كانت بسيطة تافهة من وجهة نظرك، وأضف عليها من تجاربك في الحياة ما يجعل لديها معرفةً وإدراكًا وحسن تصرفٍ وتقديرٍ للأمور، إن أخطأت قوّمها وإن أحسنت كافئها، فهذا سيعزز ثقتها بنفسها.

ولا تقدم الحجج والأعذار بأنك ليس لديك وقت فأنت تعمل وتسافر وتكد من أجل توفير مستوى معيشي مناسب لها ولتأمين مستقبلها!

الأمر بسيط.. فهذا الكائن الوديع (بنتك) لا تحتاج منك إلا وقتًا يسيرًا ولو ربع ساعة يوميًّا تطمئن به عليها وتسألها عن أخبارها وأحوالها وتبدى لها اهتمامك بها.

وانتبه... فإن لم تجدك ستبحث عنك خارج الأسرة وهنا سيفتح لها ألف باب وتتلقفها الأيدي التي لا ترحم وبعدها لا ينفع الندم.

هذه نصيحة أقدمها إليك أيها الأب الكريم لك أن تعمل بها أو لا تعمل، ولكن تأكد أن بنتك بين يديك أمانة أنت مسؤول عنها وستحاسب عليها يوم القيامة كما أخبرنا الحبيب صلي الله عليه وسلم: " كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ..". صحيح البخاري.

 

مقال بقلم وفاء عز الدين أحمد - منطقة وعظ قنا

الموضوع السابق انطلاق فعاليات ندوة مجلة الأزهر حول تفعيل صِيَغ الاستثمار الإنتاجي في الواقع المعاصر بطنطا
الموضوع التالي الإعلان عن جداول امتحانات الشهادات الأزهرية العامة
طباعة
50

أخبار متعلقة