مأساة مسلمى الروهينجا

 

إسبانيا.. اليمين المتطرف يسيء استغلال هجوم الجزيرة الخضراء الإرهابي
Sameh Eledwy
/ الأبواب: اليمين المتطرف

إسبانيا.. اليمين المتطرف يسيء استغلال هجوم الجزيرة الخضراء الإرهابي

خبراء: التهديد الإرهابي الراهن متعدد الأوجه

      تصارع بعض المجتمعات مخاطر وتحديات كثيرة تهدد أمنها واستقرارها، في مقدمتها مشكلة الإرهاب بالنظر إلى تداعياتها السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية السلبية والمتعددة، فضلًا عن مخاطر هذه الظاهرة العابرة للحدود على تماسك النسيج الوطني؛ حيث تستغل تنظيمات اليمين المتطرف تداعيات مثل هذه في تأجيج نيران الكراهية والعنصرية والتمييز وخاصة تجاه المسلمين والمهاجرين.
ومؤخرًا كشفت المتابعات الدقيقة للتغطية الإعلامية لحادث استهدف كنيستيْن في مدينة "الجزيرة الخضراء" جنوب إسبانيا، استغلال تنظيمات اليمين المتطرف مثل هذه الحوادث الفردية التي تدينها جميع الأديان والأعراف، في تجديد المطالب بطرد المسلمين من إسبانيا. وسارع نواب حزب (فوكس) اليميني المتطرف، للتقدم بمقترح إلى البرلمان يدعو لإغلاق فوري لكل المساجد التي تروج للفكر المتطرف في إسبانيا، وهذه التصريحات تمثل إحدى حيل تيار اليمن المتطرف للتحريض ضد الإسلام والمسلمين بشكل عام.
وللأسف فقد تمكنت هذه التيارات في استعداء فئة من الإسبان ضد المسلمين، لكن في المقابل خرجت على الفور بعض الأصوات العقلانية التي دعت إلى التعامل بموضوعية مع الهجوم وتداعياته، ونفت ارتباط الإرهاب بالأديان عمومًا. فقد اتهمت "كوكا جامارا" السكرتير العام لحزب الشعب الإسباني، حزب فوكس بالإساءة للمهاجرين بشكل عام على خلفية هجوم الجزيرة الخضراء، وشددت حسبما نقلت صحيفة "نيوس دياريو" على ضرورة احترام الجميع، ومكافحة الإرهاب بكل الطرق.
كما أعلن "ألبرتو نونيث فيجو" زعيم الحزب الشعبي ‏الإسباني، التراجع عن تصريحاته السابقة ربط الإرهاب بالإسلام، وأكد حسبما نقلت صحيفة ‏"لا بانجوارديا" أن ما حدث كان مجرد زلة لسان، وأنه لا يعيب المرء الاعتراف بالخطأ والعمل على تصحيحه. وذكر أن المشكلة تكمن في التعصب، وليس في الدين، وكرر تصريحه بأن الأصولية الجهادية، وتبني ‏الأفكار المتشددة هي أساس التطرف.
كما سلطت صحيفة "إل ديباتي" الضوء على تحذيرات "روخيليو ألونصو"، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك "خوان كارلوس" والمتخصص في شؤون الإرهاب، من خطورة تسييس هجوم "الجزيرة الخضراء" ووصف التهديد الإرهابي بـ "متعدد الأوجه" وقال:" التفسير الخطير والخاطئ يتمثل في تقديم هذا الهجوم على أنه دليل على تفشي الفكر المتطرف في إسبانيا، أو أن الهجرة غير الشرعية هي السبب وراء كل عمل إرهابي ... لكن التهديد الإرهابي موجود بالفعل، ولا بد من عمل تحليل واسع النطاق يقوم على عدم التهويل، أو التقليل ... وما حدث في "الجزيرة الخضراء" كان أمرًا مفاجئًا كغيره من الهجمات الإرهابية".
بدوره شدد "سيزار جارثيا ماجان" أمين عام المؤتمر الأسقفي، على أهمية فك الارتباط بين الدين والإرهاب، وحذر من استغلال الحادث في تشويه صورة المسلمين في إسبانيا وأوروبا بشكل عام. ولفت حسبما جريدة ‏"لاس بروبنثياس" إلى إدانة المفوضية الإسلامية الإسبانية، وعددٍ من الهيئات، والمنظمات الإسلامية داخل، وخارج البلاد لهذا العمل الإرهابي بصرامة، وقال: " تاريخ إسبانيا مع الإرهاب، ومعرفة طرقه الخبيثة، تحصنها من الوقوع في وصم الأديان بالإرهاب، أو حصره في فئة مجتمعية بعينها".
ونوه الكاتب الصحفي "مانويل كروث" إلى خلط الكثيرين بين الإسلام كعقيدة وتطرف التنظيمات الإرهابية التي تأول النصوص والمفاهيم القرآنية بما يخدم أيديولوجيتها الإرهابية، وأوضح في مقال منشور على موقع "كوبي" الإسباني:" مفهوم الجهاد في الإسلام يشير إلى الاجتهاد في العبادة من أجل توطيد علاقة المسلم بربه، وأن ما شُرع من جهاد فهو للدفاع، وليس العدوان على أتباع العقائد الأخرى كما تعتقد التنظيمات الإرهابية التي تمارس التشدد، وتفرضه ليس فقط على غير المسلمين من أتباع المعتقدات الأخرى، بل أيضًا على المسلمين أنفسهم". واستشهد بمقولة البابا فرانسيس عن المؤمن الحق الذي يحمي حقوق الآخرين بنفس قوة الدفاع عن حقوقه، وأن هذه الفكرة هي التي طُورت وأُدرجت في "وثيقة الأخوة الإنسانية" التي وقعها فضيلة الإمام الطيب، والبابا فرانسيس في أبوظبي، والتي أكدت على أن الإيمان يقود المؤمن ليرى في الآخَر أخًا له، مع الإيمان بالله الذي خلق الكون، وتابع: "الآن وقد صُدمنا بشدة من الاعتداء الإرهابي الذي وقع في الجزيرة الخضراء، والذي ارتكبه "متشدد مهووس"، مصاب بعدم التوازن العقلي، يجدر بنا أن نمعن النظر في وثيقة الإخوة الإنسانية لتوضيح الشكوك، وإزالة سوء الفهم فيما يتعلق بما يفكر فيه المسلمون، والمسيحيون حول الأخوة الإنسانية".
ويرى مرصد الأزهر أن تفعيل وثيقة الأخوة الإنسانية، واعتمادها منهجًا إنسانيًّا لعلاقة الإنسان بأخوته في الإنسانية هو أمر بالغ الأهمية، في وقت تتصاعد خلاله حدة الاعتداءات العنصرية، ورفض الآخر المختلف في الدين، أو اللون، أو العرق. كما يثمن مرصد الأزهر بصفة عامة التصريحات المتزنة، ‏وردود الأفعال المسؤولة على هجوم الجزيرة الخضراء في إسبانيا بوجه عام، والتأكيد على أن أي عمل ‏إرهابي لا علاقة له بأي دين، وأنه من غير المقبول وصم أي دين بالتطرف، والإرهاب. ويوضح المرصد أن البحث عن الأسباب الحقيقية للتطرف، ومواجهته هو السبيل الأمثل للقضاء عليه، مع ضرورة توجيه الجهود كافة للحفاظ على تآلف المجتمعات، ووحدة صفها وتماسكها.

Image

وحدة رصد اللغة الإسبانية

الموضوع السابق الأزهر يشارك في فاعليات الأسبوع المائي تزامنا مع احتفاليات اليوم العالمي للمياه
الموضوع التالي استهدفت تعزيز الوعي بالقيم الإنسانية وقيم التسامح في أعمال الإمام.. «البحوث الإسلامية» يعقد حفلًا لتكريم الفائزين بمسابقة «تراث الإمام الماتريدي»
طباعة
571