| 18 أبريل 2024 م

مقالات جريدة صوت الأزهر

لماذا ارتبطت الانتصارات الكبرى بشهر رمضان؟ .. بقلم: أ.د. عبدالحليم منصور

  • | الخميس, 16 مايو, 2019
لماذا ارتبطت الانتصارات الكبرى بشهر رمضان؟ .. بقلم: أ.د. عبدالحليم منصور
د. عبد الحليم منصور

رمضان شهر الخير والبركة والانتصارات على مدار تاريخ الإسلام، قديمه وحديثه، ففى رمضان انتصر المسلمون فى بدر، وفيه تم فتح مكة، وفيه انتصر المصريون على اليهود فى العاشر من رمضان السادس من أكتوبر عام 1973 م، وغير ذلك من الوقائع التى حدثت فى رمضان وانتصر فيها المسلمون بفضل الله عز وجل، وهذا يدعونا إلى دراسة أسباب النصر، ولماذا ارتبطت الانتصارات الكبرى فى تاريخ الإسلام والمسلمين بشهر رمضان؟

1 - فى رمضان تقوى الإرادة لدى مجموع المسلمين، ويزداد الإخلاص، وتقوى صلة المسلمين بربهم وهذا من أهم عوامل وأسباب الانتصار على الأعداء.

2 - فى رمضان يغير الناس كثيراً من سلوكياتهم نحو الأفضل، فلا يتكلم المسلم بقبيح القول، وإن سابه أحد أو قاتله يقول إنى صائم، ويكف جوارحه وقلبه عن الشهوات، ويتعلق بصره بالسماء، فحيث يغير المسلم من سلوكه نحو الأفضل، فإن الله يبدل حاله نحو الأفضل فى كل شىء قال تعالى: «ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ» وقال عز وجل: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ».

3 - التوكل على الله والخضوع له: فكلما زاد تعلق المسلمين وخضوعهم لله سبحانه وتعالى، وتوكلوا عليه حق التوكل، تحقق موعود الله ومراده بالنصر أقرب، قال تعالى:

«وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ».

4 - الإيمان الجازم بأن النصر والهزيمة من عند الله سبحانه وتعالى، وأنه ليس لأحد أن يدعى أنه صاحب النصر بملكاته وأدواته، وأسبابه، فكل ذلك من خلق الله، وهو عز وجل من ربط المسببات بأسبابها فحقق لنا النصر مسببا على استخدامنا لهذه الوسائل، قال تعالى: «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ».

5 - الإيمان الكامل بالله عز وجل والتسليم والانقياد له فى كل شىء، فكلما آمن الناس بربهم، وزاد تعلقهم به، كان النصر حليفهم قال تعالى: «وَكَانَ حَقاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ»، وقال أيضاً: «إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ».

6 - الانتصار لله ولدينه، والعمل على نصره بكل ما أوتى المسلمون من قوة فإن ذلك كله أحد أسباب تحقيق النصر قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ».

7 - التواضع لله، والخضوع لأمره، وعدم الاغترار بالأسباب التى يمتلكها البشر، فإن خالق الأسباب هو الله، والقادر بربطها بمسبباتها هو الله، والقادر على عدم تحقيق الأسباب لمسبباتها هو الله، فالعلم بذلك والتسليم به، والانقياد له أحد أسباب النصر، أما الغرور والعجب بالقوة والكثرة فلن يغنى شيئاً، ولن يجدى نفعاً.

8 - الابتعاد عن المعاصى وعما يغضب الحق سبحانه وتعالى: فإن المعاصى تزيل النعم، وتستجلب غضب الله عز وجل على عباده، وكلما كان المسلمون قريبين من ربهم، وبعيدين عن المعاصى ما ظهر منها وما بطن، كانوا أقرب إلى تحقيق مرادهم فى النصر على عدوهم. ومن ثم فكلما اقترب المسلمون من ربهم ومن دينهم كان النصر قريباً منهم وحليفهم، أما إذا عصوا ربهم وابتعدوا عنه، فإن الله يسلط عليهم عدوهم حتى يرجعوا إليه، فعن عبدالله بن عمر - رضى الله عنهما - قال: إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل علينا بوجهه، فقال: «يا معشر المهاجرين، خمسُ خصالٍ أعوذ بالله أن تدركوهنَّ: ما ظهرت الفاحشة فى قوم حتى أعلنوا بها؛ إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التى لم تكن فى أسلافهم الذين مضوا، ولا نَقَص قومٌ المكيالَ؛ إلا ابتلوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان، ولا خَفَر قومٌ العهد؛ إلا سلط الله عليهم عدوّاً من غيرهم، فأخذوا بعض ما فى أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بما أنزل الله فى كتابه؛ إلا جعل الله بأسهم بينهم».

9 - أن تكون الحرب دفاعية عن الدين والنفس والعرض والمال والأرض، وبهدف التمكين لإقامة شعائر الدين على النحو الذى شرعه الحق سبحانه وتعالى، فإذا خرجت عن هذه الأطر وكان فيها تجاوز واعتداء فإنها فى هذه الحالة تكون من قبيل الإفساد فى الأرض والله لا يحب الفساد، ولا يحب المفسدين، ولا يصلح عمل المفسدين، قال تعالى: «ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُور».

10 - عدم الارتكان إلى الذين ظلموا، فالميل إليهم، والرضا بفعلهم، سبب لاستجلاب غضب الله عز وجل على عباده، إذ الرضا بالظلم والسكوت عليه ظلم آخر، قال تعالى: «وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ».

11 - الإلحاح على الله فى الدعاء وفى طلب النصر، كما فعل النبى فى بدر، ففى صحيح مسلم:«... فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم - الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ اللهم أَنْجِزْ لى ما وَعَدْتَنِى اللهم آتِ ما وَعَدْتَنِى اللهم إن تُهْلِكْ هذه الْعِصَابَةَ من أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فى الأرض فما زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَاداً يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حتى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عن مَنْكِبَيْهِ».

وكما فعل سائر الأنبياء فى طلبهم النصر من الله سبحانه وتعالى: قال عز وجل حكاية على لسان نوح عليه السلام: «قَالَ رَبِّ انْصُرْنِى بِمَا كَذَّبُونِ».

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
5.0

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg