| 25 أبريل 2024 م

محمد مصطفى أبو شامة يكتب: كيف يصل خطاب الأزهر فى عصر «الترافيك»؟

  • | الأحد, 23 أبريل, 2017
محمد مصطفى أبو شامة يكتب: كيف يصل خطاب الأزهر فى عصر «الترافيك»؟

قبل أن أحدِّثَكم عن «الترافيك» الذى أصبح مقياس العصر للقوة والتأثير والانتشار، سنتوقف قليلاً أمام مشهد الـ«هوجة» التى استهدفت الأزهر وشيخَه خلال أسبوع الآلام المصرى الذى أعقب تفجير كنيستى «مار جرجس» و«المرقسية» فى طنطا والإسكندرية صبيحة «أحد الشعانين»، التاسع من أبريل الحالى، فتطَوَّع المتطوعون وتبرَّع المتبرعون، واندفع من دُفع أو دُفِع له كى يشارك فى حملة مفتعلة للإساءة والتوريط، أنتجت حملة مضادة للدفاع والتصدى، وانتهى الأسبوع وقد تخندق الطرفان، كل فى مواجهة الآخر، لنصبح أمام معركة مشتعلة، لا يعرف إلا مشعِلُها.. أهدافَها، ولا يملك إلا الله.. إخمادَها.

يأتى ذلك بينما تصَدَّر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيِّب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، المرتبة الأولى فى قائمة الشَّخصيات الإسلامية الأكثر تأثيراً فى العالم لعام 2017، وذلك وفق التقرير السنوى الذى أصدره المركز الإسلامى الملكى للدراسات الاستراتيجية بالعاصمة الأردنية (عمان)، خلال أبريل الحالى (أيضاً)، وهو خبر اختطفه الزحام وضاع وسط الضباب الإعلامى، ولم يتوقف أمامه أحد بالقدر المناسب لقيمته وأهميته.

والخبر السابق مدخل مثالى لقصتنا عن «الترافيك»، المصطلح الأبرز فى خطاب كل المشتغلين والمنشغلين بـ«الخطابات»؛ الدينية منها والمدنية، وسيقفز على الفور سؤالك: كيف يكون الإمام الطيب هو الأكثر تأثيراً، ولا يكون خطاب الأزهر هو الأكثر انتشاراً؟! وسيقفز (أيضاً) أحد المتسرعين، ويطلق حُكمَه ويردد مع المرددين بأن الخطاب يحتاج إلى تجديد، إذاً.. ما الجديد؟

سأجيبه وأطمئنه بأن الخطاب يُجدَّد ليس تملقاً لسلطان أو خضوعاً لإنسان، بل هى حركة التاريخ والتطور التى تفرض ذلك، فمؤسسة تخطى عمرها الألف عام لا شك أنها جدَّدَت نفسها وفِكرَها ومنهجَها ألفَ مرة، والمشكلة التى على الجميع إدراكها، أنه مهما تطوَّر الخطاب فإنه سيبقى خطاباً علميًّا.. وسطيًّا.. معتدلاً، لا يملك جاذبية خطابات الآخرين ممن تَسلَّف أو تطرَّف وممن «ترَوْشَن» أو «تدعشن»، لأن أحاديثهم تحوى الغريب والمثير من أمور مهجورة فى الدين، مضافاً إليها ما تيَسَّر من أفعال جذب مفتعلة ووهمية (وأحيانا جنسية)، لهذا أصبح هؤلاء يملكون قوة «الترافيك» التى لن يستطيع الأزهر أن يجاريها، وهنا مكمن العلة، وربما أيضاً يكون مصدر الدواء.

وهذا ما يجعلنى أختلف مع ما ذكرته «ذى إيكونوميست» الإنجليزية قبل شهرين عن الأزهر قائلة: «مع محاولة الأزهر لتبنى الإصلاح، يشك العديد فى قدرته على كسب المسلمين، حيث إن مهارات تواصُلِه ضعيفة».

ليس صحيحاً أن مهارات التواصل الأزهرية ضعيفة، ولعل نموذج «الإمام الطيب» الذى تصدَّر قائمة الأكثر تأثيراً مثال حيّ على ذلك، ولكننا نحتاج إلى نماذج أخرى، وهنا «مربط الفرس». يجب أن نتوقف هنا وندرس: كيف تحول إمام معتدل ووسطى إلى مصدر تأثير عالمى، والشيخ الطيب ليس تجربة وحيدة قدمتها مصر، فهناك أسماء عظيمة (سابقة ومعاصرة) سطعت وأثَّرَت، لكن أعدادها لا تكفى لمواجهة الطوفان، كما أن هذه الأعداد تقلَّصَت فى عصرنا الحالى، وهو ما يجب أن ندركه.

يجب أن يبدأ الأزهر على الفور عملية «صناعة نجومه» بشكل علمى واحترافى، بعيداً عن الاختيارات العشوائية والاجتهادات الفردية، ولنطلقها مبادرةً عبر هذا المنفذ الإعلامى المحترم، تنطلق بأن يختار الأزهر 100 من شيوخه المعتَبَرين ممن لا تزيد أعمارهم على 50 عاماً، ويتعاقد على الفور مع كبرى شركات التسويق والإعلان لتصفِّى المائة إلى 25 مرشحاً للنجومية، يتم تدريبهم ووضع خطة تسويقية مُحكَمَة ليكونوا خلال أشهر نجوم الدعوة وفرسان التواصل وأصحاب اليد العليا فى دولة الـ«ترافيك» الدينى.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg