| 29 مارس 2024 م

مناهج المعاهد الأزهرية .. عام من التطوير

  • | الإثنين, 17 ديسمبر, 2018
مناهج المعاهد الأزهرية .. عام من التطوير

شهد عام 2018م تطويرا وتجديدا شاملا لمقررات ومناهج الدراسة فى مختلف المراحل الدراسية بالمعاهد الأزهرية، من رياض الأطفال حتى الشهادة الثانوية، خاصة فى المواد الشرعية والعربية والثقافية، والتى تم تطوير شكلها ومضمونها بالكامل، وأصبحت أكثر ارتباطا بالواقع المعاصر، كما شهدت المناهج تعديلا فى المقررات العلمية لتتناسب مع باقى المواد التى يدرسها طلاب الأزهر، كما تم التوسع فى كتاب الثقافة الإسلامية ليشمل موضوعات أخرى بخلاف التى كان يضمها فى السابق مرتبطة بعدد من القضايا التى طرحت نفسها بشكل ملح هذا العام، فيما تم تنقية وتنقيح كتاب الفقه الشافعى لأبى شجاع والذى أثار ضجة كبرى خلال الأعوام الماضية، كما جاء تأسيس مجلس مختص لتطوير التعليم قبل الجامعى ليكون نواة التطوير والتجديد المقبل فى التعليم الأزهرى  ليكون مواكبا ومتطورا ومتماشيا للعصر.. التقرير التالى يرصد أبرز محطات التطوير على مدار عام 2018.

وخلال 2018 قام الأزهر الشريف بتغيير كامل لخريطة المناهج الدراسية والمقررات بالمعاهد الأزهرية، حيث تم تطوير المواد الدراسية بدءا من مرحلة رياض الأطفال وحتى الشهادة الثانوية الأزهرية، ففى مرحلة رياض الأطفال تم تطوير المواد الدراسية بعد أن تم اعتمادها من المجلس الأعلى للأزهر، حيث تم إقرار 4 كتب متخصصة فى اللغة الإنجليزية واللغة العربية والرياضيات، وكتاب جديد تحت اسم كتاب متعدد التخصصات، وجميع تلك الكتب مدعمة بصور كبيرة تشرح كيفية التعلم، ويتم تدريسها لأبناء وبنات مرحلة رياض الأطفال ويتم التدريب عليها لتنشئة الأطفال تنشئة سليمة لإعدادهم إعدادا جيدا لدخول المرحلة الابتدائية.

المرحلة الابتدائية

طور الأزهر الشريف المواد والمقررات الدراسية فى المرحلة الابتدائية بشكل كبير لتتناسب مع مستجدات الحياة، خاصة فيما يتعلق بقضية الوحدة الوطنية وقضايا الوطن، فنجد حرص الأزهر الشريف على تعليم النشء والطلاب بالمعاهد الأزهرية أن المواطنين فى الدولة الواحدة لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، ويؤكد على ضرورة أن بيوت العبادة لها حرمتها ومكانتها، ولا يجب مساسها بسوء، وأن بيوت العبادة مصونة ومحمية، ففى كتاب التربية الدينية الإسلامية للمرحلة الابتدائية، بالصفوف الستة نجده يحرص على تعليم طلاب المعاهد الأزهرية قبول الآخر، ويدفعهم إلى إفشاء السلام، وهم يلتقون بصديقهم المسيحى، وهم يلقون عليه التحية ويتحدثون معه، وعلى هذا النحو سار كتاب التربية الدينية بمختلف المراحل بأن جعل الحوار والتعارف وتقبل الآخر لغة لتلاميذ الأزهر الشريف للتأكيد على ترسيخ مبدأ المواطنة.

المرحلة الإعدادية

أما التطوير والتجديد الذى تم فى مقررات المرحلة الإعدادية فقد استهدف الكتب الشرعية  ككتاب أصول الدين المقرر على الصف الأول الإعدادى بالمعاهد الأزهرية، حيث تم التركيز فيه على العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين، وبيان الحقوق والواجبات المقررة على كل منهما، بالإضافة إلى وضع عدد من الأحاديث النبوية الشريفة التى تظهر سماحة الإسلام، وسماحة خلق النبى عليه الصلاة والسلام، مع جانب من سيرته وتعاملاته مع غير المسلمين، كما تضمن وضع  دروس عن المساواة بين الناس فى الخلق، ومعاملة المسلم مع المسلمين وغير المسلمين، فيما تناول كتاب أصول الدين المقرر على الصف الثانى الإعدادى بالمعاهد الأزهرية، دروسا جديدة حول انصاف أهل الكتاب، وتأمين غير المسلم، وعدد من الموضوعات التى تنظم علاقة المسلم مع غيره من شركاء الوطن، وفى كتاب أصول الدين المقرر على الصف الثالث الإعدادى بالمعاهد الأزهرية تم وضع موضوع بعنوان  مخاطبة أهل الكتاب، كما تضمن درسا كاملا تحت عنوان رعاية حقوق غير المسلمين، مع بيان لأحكام المواطنة فى الإسلام، وكانت تلك المادة من المواد التى استحدثها الأزهر الشريف ضمن تطوير منظومة التعليم فى المعاهد الأزهرية.

المرحلة الثانوية

تعد المرحلة الثانوية من أهم المراحل الدراسية التى اهتم بها الأزهر بشكل خاص فقد تم إقرار وتجديد بعض المواد الدراسية من ابرزها إقرار مادة دراسية متكاملة عن المواطنة وحقوق الإنسان، وذلك بهدف إرساء دعائم المواطنة، وغرس القيم الدينية التى تحض على التعايش السلمى المشترك، وقبول الآخر، وبناء  حوار القائم على الاتفاق، ويدرس طلاب المعاهد الأزهرية أسوة بالتربية والتعليم، هذا الكتاب، ويتم تدريسه للصف الثانى الثانوى بقسميه الأدبى والعلمى، بمختلف المعاهد الأزهرية، حيث يعرض الكتاب لأهمية دراسة قيم المواطنة وتعزيز السلم، وإقرار حقوق الإنسان، ويحوى الكتاب أربعة فصول خاصة بالمواطنة، وحقوق الإنسان، ودور المرأة فى المجتمع، وأهمية العمل التطوعى من أجل الوطن، مركزا على المفاهيم الأساسية للمواطنة والقيم التى تدعو إليها، وضرورة المشاركة الإيجابية للمواطنين، بالإضافة للتأكيد على أهمية إبراز الهوية المصرية الوطنية وتعزيز روح الانتماء للوطن.

أما الجزء الآخر من الكتاب فيحوى دروسا مستفيضة حول حقوق الإنسان، حيث يعرف الكتاب ما المقصود بحقوق الإنسان باعتبارها مجموعة القواعد والمبادئ المنصوص عليها فى المعاهدات الدولية والتى تؤمن حقوق وحريات الأفراد والشعوب، وغير قابلة للتنازل عنها، وتلتزم الدولة بحمايتها،  كما يلقى هذا الجزء الضوء على رحلة عمل وكفاح المرأة المصرية، مبرزا مكانة المرأة التى تشكلت عبر التاريخ المصرى، ودورها فى تنمية المجتمعات المصرية، وإبراز الدور الهام للمرأة فى الاتفاقيات والمواثيق الدولية، منوها لعدة نماذج نسائية ساهمت فى نهضة مصر عبر التاريخ، كما يتناول هذا الجزء أيضاً أهمية العمل التطوعى فى تنمية الوطن، موضحاً أهمية العمل التطوعى والمشاركة فى تنمية الوطن، وأشكال العمل التطوعى، والمبادئ الحاكمة لأعمال التطوع ويوضح أهمية عمل مؤسسات المجتمع المدنى، ودورها فى المشاركة المجتمعية فى تنمية الوطن، ووظائف تلك المؤسسات.

كتاب الثقافة الإسلامية

من المقررات التى اهتم بها الأزهر وأدخلها للتدريس بمعاهده كتاب «الثقافة الإسلامية» وهو كتاب مقرر على طلاب الصف الأول الثانوى بالمعاهد الأزهرية، وهذا الكتاب يعد من أهم الكتب التى يدرسها طلاب الأزهر وذلك لما له من أهمية لتعريف الطلاب بالقضايا الدينية الشائكة التى ظهرت بشكل ملح فى السنوات الأخيرة، فمن تلك القضايا التى اهتم كتاب الثقافة الإسلامة بدراستها قضية «التطرف والإرهاب» بشكل شامل وواسع، حيث حرص الأزهر الشريف على إظهار حقيقة القضايا المرتبطة بقضية التطرف والإرهاب والتى منها التكفير والجهاد والمواطنة والحاكمية وقضية الخلافة فى ضوء الإسلام وقضايا الهجرة ومفهومها الصحيح، وذلك بهدف التحصين لطلاب الأزهر، من الوقوع فى فخ التنظيمات والتيارات الدينية المتطرفة.

كما ناقش الكتاب قضية «الجماعات الإرهابية»،  لتوضيح حقيقتهم لأبناء وطلاب الأزهر حيث أوضح لهم موقف الإسلام من التنظيمات الإرهابية، مؤكدا على أنها أشد خطرا على الإسلام والمسلمين، وأخطر من أعدائها لأنها شوهت صورة الإسلام، وأسائت إليه، واظهرته بمظهر غير صحيح، مؤكدا أن هذا النهج الذى تقوم به تلك التنظيمات مخالف لشريعة الإسلام السمحة، والتى تحض على التسامح والتعايش مع الآخر، مبينا أن هؤلاء بغاة ومفسدون فى الأرض، عملا بقوله تعالى (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الْأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْى فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ).

وفيما يخص المواطنة فقد خصص كتاب الثقافة الإسلامية درسا كاملا عن المواطنة فى الإسلام، حيث يشرح مفهوم المواطنة فى الإسلام، باعتبارها ركيزة من ركائز الإسلام، وهى حب الوطن، مبينا أن المواطنة تشمل المسلمين وغير المسلمين، ماداموا يعيشون معا على أرض وطن واحد، كما يسوق الكتاب عدة نماذج من حياة النبى عليه الصلاة والسلام، وصحابته، منها بعد أن هاجر النبى، إلى المدينة المنورة وصار للإسلام وطن يضم المسلمين وغيرهم، عقد معاهدة بين المسلمين وغير المسلمين، أرسى خلالها قواعد وأسس المواطنة التى نعيشها اليوم، ونصت بنودها على أحترام الأديان والمقدسات، وحقوق الإنسان ومنع الظلم والاعتداء والجور، وبعد أن عقد تلك المعاهدة، عقد النبى اجتماعا مع الصحابة جميعهم، وخطب فيهم (ألا من قتل معاهدا منكم لم يرح رائحة الجنة أبدا).

مسلمو الروهينجا والقدس

كما تضمن لأول مرة بكتاب المطالعة والنصوص هذا العام درسين حول «مسلمى الروهينجا وقضية القدس» باعتبارهما من المستجدات التى استجد بها الأزهر الشريف فى مناهجه، حيث تم تضمين مادة المطالعة والنصوص بموضوعات تتعلق بقضيتى مسلمى الروهينجا ميانمار، والقدس الشريف، فتم إضافة موضوع مسلمى الروهينجا بمقرر الصف الأول الثانوى، والموضوع الثانى بمقرر الصف الثانى الثانوى، ويلقى الأزهر الشريف الضوء فى مقرره على مسلمى الروهينجا ونشأتهم وقضيتهم، والعنف الذى يعاملون به من قبل بعض المتطرفين، وعدم اعتراف دولتهم بحقوقهم كمواطنين، وإبراز وجهود الأزهر الشريف فى الدفاع عنهم، والزيارة التاريخية التى قام بها الأزهر الشريف إلى مخيمات مسلمى الروهينجا، فى ميانمار، فيما يلقى الضوء فى المقرر الخاص بقضية القدس طبقا لتوصيات مؤتمر نصرة القدس الذى أقامه الأزهر الشريف، حو الحق الأصيل للعرب تاريخيا فى القدس، وأن القدس عربية وهو حق تاريخى مثبت تاريخيا، ملقيا الضوء على تاريخ القدس الشريف وصلاة النبى عليه الصلاة والسلام قبيل معراجه، وكونه أولى القبلتين.

حل ألفاظ أبى شجاع

فى إطار التطوير الذى قام به الأزهر هذا العام فى تطوير وتجديد المناهج الأزهرية ما قامت به لجنة تطوير المناهج بتنقية وتنقيح كتاب «حل ألفاظ أبى شجاع» فى الفقه الشافعى من كافة المسائل التى تسببت فى هجوم البعض على الكتاب، حيث اقتصر الكتاب على عرض المسائل التى تتعلق بالحياة العصرية والمجريات الحالية، وقد قام قطاع المعاهد الأزهرية بجناحه الخاص بمعرض الكتاب بعرضه على مدار دورتين متتاليتين أمام الجميع، ليطلعوا على الكتاب وما ورد به وما تضمنه من مسائل بعد التطوير الذى اجراه الأزهر الشريف على الكتاب، حيث ناقش  الكتاب القضايا الفقهية المعاصرة، وحوى مسائل تمس واقعنا المعاصر، فتم حذف مضأمين الكتاب من المسائل التى لاتمس واقعنا المعاصر، حيث قامت لجنة تطوير المناهج بحذف المسائل التى تتصل بأحكام الأسرى والجهاد كمسائل حكم أكل الجيفة أوالميت الآدمى، أو أكل الحيوانات غير المرخص لها، كما تم حذف أحكام الأسرى، والقتلى فى الحروب والتمثيل بهم، كما قامت اللجنة بالإبقاء على حكم تعامل المسلم مع غيره بالإحسان، وأن المسلمون وغير المسلمين فى الوطن الواحد شركاء، لافرق بينهم، كما تم الإبقاء على أحكام العبادات كالصلاة والصيام والحج فى الجزء الأول منه، والإبقاء فى الجزء الثانى من الكتاب على باب أحكام الزواج والطلاق، وما يتعلق بهما من الظهار والعدة والخلع.

فيما تم الإبقاء بالكتاب على باب أحكام الجنايات، فعرض الكتاب الحدود فى الإسلام الواجبة كحد الزنا وحد والقذف وحد السكر وكيفية تطبيقهما وشروطهما، وعرض أيضاً أحكام النذور والعقيقة، وأحكام  الأضحية، كما ركز الكتاب فى فصل كامل على قتال البغاة والمفسدون فى الإرض فى إشارة منه إلى الإرهابيين، حيث عرض الكتاب على كافة الأحكام المتعلقة بهم، وكيف أن الإسلام أوجب على الدولة محاربة هؤلاء البغاة والمفسدين فى الأرض.

مجلس تطوير التعليم قبل الجامعى

وفى خطوة جديدة وصفها خبراء التربية والتعليم بأنها لبنة جديدة فى تطوير بنيان التعليم الأزهرى، وسوف تسهم بشكل كبير فى إحداث نقلة نوعية غير مسبوقة فى التعليم الأزهرى قبل الجامعى، قرر فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، فى سبتمبر الماضى، تشكيل وتأسيس مجلس للتعليم الأزهرى ما قبل الجامعى، موجها فضيلته بضرورة أن يضم المجلس الجديد ممثلين لمختلف الجهات المعنية بإدارة العملية التعليمية، إضافة إلى عدد من المتخصصين والخبراء، فى تطوير التعليم قبل الجامعى بما يثرى عمل المجلس، ويحقق الاستغلال الأمثل لموارد وإمكانيات المعاهد الأزهرية، ويرتقى بمستوى الطلاب العلمى والتربوى، ويشرف على تطوير المناهج التعليمية وتحديثها بشكل دائم.

وقد جاء إنشاء المجلس الجديد، فى إطار ما شهده قطاع المعاهد الأزهرية فى العامين الماضيين من تجديد وتحديث، سواء على صعيد تطوير المناهج أو ضبط العملية التعليمية وانتظامها، وإدارة الامتحانات بسلاسة وانضباط، والقضاء على عمليات الغش بمختلف أنواعها، ويقع اختصاص مجلس التعليم الأزهرى قبل الجامعى، بإصدار القرارات واللوائح المتعلقة بسير العمل فى قطاع المعاهد الأزهرية، ووضع خطط الدراسة والمناهج فى مختلف المراحل التعليمية، ودراسة احتياجات المناطق الأزهرية المادية والبشرية، وإقرار شروط الالتحاق والقبول بالمعاهد الأزهرية، ومعاهد الشعبة الإسلامية والبعوث والقراءات.

طباعة
الأبواب: كلام يهمنا
كلمات دالة:
Rate this article:
2.3

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg