| 29 مارس 2024 م

محمد مصطفى أبوشامة.. يكتب: مطربة محجبة فى الأوبرا

  • | الأحد, 26 مايو, 2019
محمد مصطفى أبوشامة.. يكتب: مطربة محجبة فى الأوبرا
محمد مصطفى أبو شامة


حضرت حفلاً للمطربة عايدة الأيوبى على المسرح المكشوف بدار الأبرا المصرية، فى إطار السهرات الرمضانية التى تقيمها الأوبرا سنوياً، وتحشد لها نجوم الطرب والغناء، واستمتعت بالحفل وبأداء نجمته التى تخرجت فى الجامعة الأمريكية، وأطلقت البومها الأول الناجح «على بالى» عام 1991، أعقبته بألبومين آخرين حققا لها مكانة فنية مميزة، خاصة أنها كانت تكتب معظم أغانيها وتلحنها، قبل أن تختفى فى نهاية التسعينيات، ثم تظهر بعد ذلك بسنوات بالحجاب وتصدر ألبومها الدينى، الأول عام 2009، لتقدم شكلاً مميزاً فى الإنشاد الدينى، توجته بتلحينها «بردة البوصيرى» والعديد من الأغانى الصوفية.

وخلال الحفل قدمت الأيوبى مزيجاً ممتعاً من الإنشاد العاطفى، والغناء الرومانسى، وأغنيات التراث، وعزفت مع أغانيها على آلتى العود والجيتار بالتبادل، وشهد الحفل حضور كبير (لم أتوقعه)، لظنى أن المطربة معروفة فقط لجيلى، وقد أسعدنى الحضور الواضح للشباب صغار السن الذين لم يعاصروا نجاح وتألق عايدة فى التسعينيات، والمدهش أنهم كانوا يحفظون أغانيها الشهيرة: «صدفة» و«إن كنت غالى» و«عصفور» و«من زمان» و«كفاية».

وتلخص تجربة عايدة الأيوبى الغنائية قصة جيل التسعينيات فى علاقته المضطربة مع الفن والدين والحياة، والتى ازدادت تعقيدا خلال سنوات الربيع العربى مع ارتباك الوجدان والعقل المصرى، وهو ما ألقى بظلاله على الحالة الإبداعية، فتقصلت مساحة الغناء التقليدى، وسطعت الأغنية المتمردة (الثورية)، بالتوازى مع صعود الغناء الصوفى واحتلاله مساحة كبيرة فى قلوب الجمهور المصرى العاشق بفطرته للمديح والأناشيد الدينية، وظنى أن اللجوء الجمعى للمصريين لهذا النوع الغنائى كان تحركاً عفوياً لمقاومة ظاهرة «الإرهاب الدينى» التى أفسدت عليهم حياتهم ووترت علاقتهم بالدين.

والإنشاد الدينى يشترك فيه المسلم والمسيحى، فهو جزء من ملامح الشخصية المصرية، وللمهتمين بقصة الإنشاد الدينى فى مصر أنصحهم بقراءة كتاب «فن الإنشاد الدينى» الصادر عن الدار المصرية اللبنانية، للصحفية والباحثة مروة البشير، التى تؤكد فى مقدمة كتابها «على أن مصر هى أول دولة فى العالم عرفت الإنشاد الدينى، وكان ذلك من خلال الإنشاد المصاحب للطقوس والعبادات وإقامة الشعائر والصلوات داخل المعابد الفرعونية، وكان عبارة عن مجموعة من الترانيم المستندة لنصوص دينية، وأشهر هذه الأناشيد كان للملك الفرعون إخناتون».

وتشير الباحثة فى كتابها إلى أنه «عندما جاء الإسلام، كانت قصائد المديح النبوى (التى تعد العمود الفقرى للإنشاد) إحدى أدوات الحرب ضد المشركين، وأهم «وسيلة إعلام» للدفاع عن الإسلام، وبعد عصر النبى - صلى الله عليه وسلم - تطور فن المديح والإنشاد الدينى حتى أصبح فى عهد الأمويين فناً له أصوله، وضوابطه، وقوالبه، وإيقاعاته. وفى عهد الفاطميين تطور فن الإنشاد، وبات مصاحباً للعديد من الاحتفالات والمناسبات الدينية، مثل: رأس السنة الهجرية، وليلة المولد النبوى، وليلة أول رجب، وليلة الإسراء والمعراج، وليلة النصف من شعبان، وشهر رمضان وعيد الفطر. وفى بدايات القرن العشرين أصبح للإنشاد الدينى أهمية كبرى وجمهور كبير، وتصدى له كبار المشايخ والمنشدين الذين أصبحوا نجوم الاحتفالات والمناسبات الدينية».

أنصحكم بالاستمتاع والاستماع إلى تجربة عايدة الأيوبى فى الإنشاد الدينى، فهى تجربة ثرية ومميزة، تحمل قدراً واضحاً من الصدق والمحبة، وأقتبس مما اختتمت به حفلها، حيث تغنت بقصيدة الإمام الشافعى الرائعة «دع الأيام» ومن أبياتها:

«دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ.. وطب نفساً إذا حكمَ القضاءُ

وَلا تَجْزَعْ لنازلة الليالى.. فما لحوادثِ الدنيا بقاءُ

وكنْ رجلاً على الأهوالِ جلداً.. وشيمتكَ السماحة ُ والوفاءُ».

وكل عام وأنتم بخير.. رمضان كريم.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg