| 20 أبريل 2024 م

خروج المرأة لتلبية متطلباتها الحياتية دون محرم

  • | الأربعاء, 24 فبراير, 2016
خروج المرأة لتلبية متطلباتها الحياتية دون محرم
من الأصول المقررة أن شريعة الإسلام لم تفرض على المرأة أن تكون أسيرة في البيت وكذلك لم تقيد حريتها أو تحرم المجتمع من عطائها ، فللمرأة أن تخرج لتحصيل المصالح الدينية والدنيوية ما لم يترتب على خروجها مفسدة راجحة .
واجتنابًا للمفاسد ونتائجها ، فإنه يتعين على المرأة المسلمة عند إرادة السفر الطويل في حالة الاختيار أن تتخذ محرمًا ، يرعاها في خصوصياتها ويجب عنها ما تكره ، ويساعدها في تلبية احتياجاتها ، غير متحرجة منه ، لما له من خصوصية الاطلاع منها لما ليس لغيره فتشريع سفر المحرم مع المرأة هو نوع تكريم لم تلتفت إليه التشريعات الوضعية ، ولم تعبأ به ، وليس ناشئًا عن إهانة الإسلام للمرأة ، أو ابتغاء كبت إرادتهن ، ولكن لحمايتهن من الافتتان .
ومن هذا المنطلق جاء الحديث النبوي الشريف " لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ أَنْ تُسَافِرَ ثَلَاثًا إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا " رواه مسلم .
كما قرر الفقهاء أنه في حالة الضرورة يباح للمرأة أن تسافر بلا محرم ، وكذلك لا مانع شرعًا من خروج المرأة من بيتها لمتطلباتها الحياتية بغير محرم ، دل على ذلك الكتاب والسنة والمعقول .
أما الكتاب : فقوله - تعالى – " وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ "(القصص :22) .

ووجه الدلالة من الآية الكريمة : أن هذا الرجل الصالح شُعيبًا ، قد أذن لابنتيه أن تسقيا الأغنام خارج البيت من ماء مدين ؛ لأن شُعيبًا في حالة عجز عن القيام بمهمة السقي ، فهو إذًا في حالة ضرورة أباحت له أن يأذن لابنتيه بالقيام بهذا العمل , وإن كان هذا شرع موسى – عليه السلام - ؛ فإنه شرع لنا ما لم يأت ما ينسخه .
أما السنة : فعن أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنهما- قالت : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم " قَدْ أَذِنَ اللَّهُ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَوَائِجِكُنَّ" (رواه البخاري ) .
ووجه الدلالة من الحديث : قد أفاد الحديث أن للمرأة الخروج من بيتها من أجل حاجتها ، وأنها لا تُمنع من ذلك عند اقتضاء المصلحة ، فهذا مما أذن فيه الشرع .وعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – " إِذَا اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةُ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَمْنَعْهَا" .
ووجه الدلالة من الحديث : يفيد الحديث عدم منع المرأة من الخروج لقضاء مصالحها، إذا استأذنت زوجها, أو من تكون تحت ولايته الشرعية .
أما المعقول : فإن عدم جواز خروج النساء لحاجتهن فيه مشقة عليهن ، وقد يلحق المرأة الضرر عند فوات المصلحة لذلك جاءت النصوص الدالة على رفع المشقة عنها وإزالة الضرر قال تعالى " وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ" ( الحج : 78) .وقوله " { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}
(البقرة :185) ، وقوله صلى الله عليه وسلم "لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ" (موطأ مالك ) .مما أنتج القاعدة الفقهية : ( الضرر يزال ) ونظيرتها ( إذا ضاق الأمر اتسع ) يضاف إلى ما سبق أن النساء المسلمات كن يخرجن في قضاء حوائجهن في كل عصر ومصر من غير نكير عليهن ، فدل ذلك على المشروعية .

وقد نص الفقهاء على أن للمرأة المتزوجة الخروج من بيتها لحاجة كما أنهم اعتبروا خروجها بدون إذن زوجها لا يعد نشوزًا ما دام الزوج لا يكفيها , وما دامت الحاجة تستدعي خروجها .
يقول ابن حجر الهيتمي- رحمه الله - في الفتاوى الكبرى عندما سُئل - رحمه الله- هل للمرأة أن تخرج من بيت زوجها للاستفتاء- طلب الفتوى - والتكسب ونحو ذلك أم لا ؟ فأجاب بقوله : }لَهَا الْخُرُوجُ بِغَيْرِ إذْنٍ لِلضَّرُورَةِ كَخَوْفِ هَدْمٍ وَعَدُوّ وَحَرِيقٍ وَغَرَقٍ وَلِلْحَاجَةِ لِلتَّكَسُّبِ بِالنَّفَقَةِ إذَا لَمْ يَكْفِهَا الزَّوْجُ وَلِلْحَاجَةِ الشَّرْعِيَّةِ كَالاسْتِفْتَاءِ وَنَحْوِهِ إلا أَنْ يُفْتِيهَا الزَّوْجُ أَوْ يَسْأَل لَهَا{ . الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي ، ج4 صــ 205 .
مما سبق يتضح أن الشرع قد أذن للنساء أن يخرجن لحوائجهن؛ لكن كل هذا لا يكون إلا وفق ضوابط الشرع من حيث المحرم للسفر ، والأمن في الطريق في الحضر ، وكذا أن تخرج بحجابها الساتر لجميع بدنها وأن لا تكون متبرجة أو متزينة أو متعطرة ؛ لقوله – تعالى -: } وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى {(الأحزاب : 33).
طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg