| 23 أبريل 2024 م

أراء و أفكار

مارى مراد .. تكتب: الأزهر يمد يده للجميع لمواجهة التحرش.. فأين الاستجابة؟

  • | الأحد, 9 سبتمبر, 2018
مارى مراد .. تكتب: الأزهر يمد يده للجميع لمواجهة التحرش.. فأين الاستجابة؟

«تجريم التحرش والمتحرِش يجب أن يكون مطلقاً ومجرداً من أى شرط أو سياق» بهذه الكلمات وأكثر منها قوة وحزماً، حسمت مشيخة الأزهر الشريف فى بيان لها تبريرات أحياناً ما يضعها أمامه المتحرش، ومن ينضمون إلى صفه، لتبرير فعلته التى تعتبر جسد المرأة مجرد سلعة إن لم يُمكنهم شراؤها، فبإمكانهم تفحصها بل ولمسها.

بيان الأزهر جاء لينهى فترة استشرى فيها «سرطان التحرش» فى المجتمع المصرى طالما أن الفاعل غالبا لا يُعاقب، لأسباب عدة أبرزها خوف المجنى عليها من وصمة العار التى قد تلحقها بعد ذلك تارة، وإدانة المجتمع لها تارة أخرى باعتبارها «مشجعة للتحرش وليست ضحية».

 وإذا كنت ترى استخدام «مستشرى» فيه مبالغة وأن «الدنيا زى الفل» وأن «دى حوادث بسيطة»، يمكنك الاطلاع على نتائج الدراسة التى أجرتها هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة- نُشرت مارس من العام الماضي- والتى أظهرت أن نحو 90% من النساء المصريات تعرضن على الأقل لصورة ما من صور التحرش.

لسنوات- مُنذ أن أصبح لفظ التحرش دارجاً- برر المتحرشون ومن على شاكلتهم من المعتدين على حرية المرأة، فعلتهم؛ فطالما «من وجهة نظرهم الضيقة المريضة» كانت الأنثى ترتدى ملابس يرونها «مثيرة»، يحق لهم الاستمتاع وإن كان للحظات قليلة بملامسة جسدها عنوة أو حتى بقول كلمة أو حركة تخدش حياءها، لكن المشيخة أخرست ألسنة هؤلاء بتأكيد أن «تبرير التحرش بسلوك أو ملابس الفتاة يعبر عن فهم مغلوط، لما فى التحرش من اعتداء على خصوصية المرأة وحريتها وكرامتها، فضلاً عما تؤدى إليه انتشار هذه الظاهرة المنكرة من فقدان الإحساس بالأمن، والاعتداء على الأعراض والحرمات».

بيان الأزهر- الذى ربط فيه تحضر المتجمعات ورقيها بما تحظى به المرأة من احترام وتأدب فى المعاملة، وبما تتمتع به من أمان واستقرار- يجعل المصريات (وأنا على وجه الخصوص) يشعرن بالأمن لكون مؤسسة بحجم وعراقة الأزهر تقف إلى جوارهن وتدعمهن ليعشن آمنات فى مجتمع يخوض حرباً فكرية، ضد هؤلاء الذين تخلوا عن القيم الإنسانية بل والإسلامية التى تُعلى من شأن وكرامة المرأة.

الأزهر، فى بيانه، وجه نقداً وإن كان مستتراً لبعض المنصات الإعلامية التى جعلت بشكل أو آخر سلوك التحرش مُبررا- فى إشارة على ما يبدو لـ«متحرش التجمع» الذى حظى، بفضل بعض المنصات الإعلامية، بشهرة كبيرة بعد سلوكه (الذى رفض البعض اعتباره تحرشاً) ضد «فتاة التجمع»- داعياً وسائل الإعلام إلى «تجنب بث أى مواد تروج للتحرش أو تظهر المتحرش بأى شكل يشجع الآخرين على تقليده».

فى طريق مواجهة التحرش، لن يعمل الأزهر منفرداً، وهذا ما دفعه إلى دعوة جميع المؤسسات المعنية إلى «التكاتف لرفع الوعى المجتمعى بأشكال التحرش وخطورته، والتنفير من آثاره المدمرة على الأخلاق والحياء، لا سيما التحرش بالأطفال، وتكثيف البرامج الإعلامية لتعريف المواطنين بما يجب عليهم من تصرُّفٍ حال وقوع حادثة تحرش، وبما يردع المتحرش ويوفر الحماية للمرأة أو الفتاة المتحرش بها»، وهو ما يشير بقوة إلى أوجه قصور لطالما أهملتها وسائل الإعلام لسنوات.

موقف الأزهر المُشرف هذا، المؤيد والمناصر للمرأة لم يكن الأول، فسبقه مواقف ومناسبات عدة أظهرت اهتمامه بالمرأة قولا وفعلا؛ أبرزها كان إعلان فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب عام 2017 عاماً «لتكريم المرأة»، ورفضه الإجبار على الزواج وزواج القاصرات، وتكريم زوجة الشهيد أحمد المنسى، علاوة على استقبال شيخ الأزهر المواطنة العراقية الإيزيدية نادية مراد الناجية من تنظيم داعش، وأيضاً انحياز الأزهر الواضح للمناضلة الفلسطينية عهد التميمى.

هذه المواقف وغيرها، تُبث عملياً مساندة الأزهر الكاملة للمرأة، لكنه لن يستطيع وحده القيام بهذا الدور ما لم تدعم جهوده المؤسسات المعنية بأشكالها المختلفة، سواء المؤسسات القانونية والتشريعية أو تعليمية أو الدينية أو الإعلامية)، فهل تستجيب إلى دعوة الأزهر؟ أم ستبقى معاندة، ما قد يجعلنا ننزلق إلى أعماق الهاوية؟

طباعة
الأبواب: المقالات
كلمات دالة: الإمام السند
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg