| 18 أبريل 2024 م

سلام عليه يوم ولد

د. عمار علي حسن.. يكتب: المسلمون والمسيحيون في مصر.. من التعايش إلى الانصهار الوطني

  • | الخميس, 28 ديسمبر, 2017
د. عمار علي حسن.. يكتب: المسلمون والمسيحيون في مصر.. من التعايش إلى الانصهار الوطني
د. عمار علي حسن

حتى هذه اللحظة لا يزال المصريون قادرين على وأد أى فتنة طائفية فى مهدها، وحصرها فى مكانها. لكن ترك الأمور على حالها، من دون علاج شاف، والاكتفاء بـ«المسكنات» أو اللجوء إلى أى «مخزون تاريخى» محمل بالتسامح والتفاهم، أو معالجة المسألة على مستوى النخب، لم يعد كافيا، خاصة مع وصول المشكلة إلى الجماهير العريضة، التى كانت فى السابق تضرب مثلا ناصعا فى احترام العيش المشترك. فمن قبل كانت مشكلة المسيحيين تنحصر فى اتجاهين، الأول هو شكواهم من عدم المساواة فى بعض المواقع العامة، وحرمانهم من تقلد وظائف قيادية بعينها، أو الحصول على ما يناسب قوتهم الديموغرافية، التى تتراوح الإحصائيات حولها بين 5 و7 ملايين نسمة، من هذه الوظائف، وممارسة تمييز ضدهم من قبل الأجهزة البيروقراطية الرسمية. والثانى هو تخوفهم من الجماعات والتنظيمات السياسية المتطرفة ذات الإسناد الإسلامى، والتى قام بعضها بمهاجمة مصالح للمسيحيين إبان فترة المواجهة العصيبة بين النظام الحاكم و«الجماعات الإسلامية الراديكالية»، والتى امتدت منذ عام 1988 إلى عام 1997. وقد زادت هذه المخاوف بعد حالة التمكن التى ظهر عليها التيار الدينى التقليدى فى مصر عقب ثورة 25 يناير. وما يخيف حقا هو إقدام «العوام» من الجانبين، على أفعال مستفزة، ويعتدى بعضهم على بعض.

وهناك أمور رئيسية لا بد من توافرها قبل أن نسعى فى بناء شروط للتعايش، أو نطبق ما تعارف عليه الناس من شروط، إما بحكم التجربة، أو بفعل إعمال العقل. ومن هذه الأمور:

1- الفصل بين «الجماعة السياسية» و«الجماعة الدينية»: وهذا شرط أساسى لتحقق «المواطنة» فى مجتمع ما، ومن ثم ترسيخ جذر أساسى للتعايش. فالمصريون يجب أن يكونوا «جماعة سياسية» واحدة و«جماعتين دينيتين»، مسلمة ومسيحية. وهذا معناه أن تكون الحقوق والواجبات متساوية فى كل ما ترتبه السياسة، بمختلف درجاتها، والشراكة متساوية فى «الغنم» و«الغرم». أما بالنسبة للدين، فيتم التعامل معه على أساس القاعدة الذهبية التى تقول «الدين للديان».

2- الخروج من سجن التاريخ: فالسجال الدائر بين المسلمين والمسيحيين فى مصر يجب ألا يحيل كثيرا إلى التاريخ، ويركز، بدلا من ذلك، على الحاضر المعيش. وهذا المنحى يرفع المسئولية عمن يعيشون الآن وهنا، عما جرى فى القرون الغابرة، فلا يطيل المسيحيون فى الحديث عن اضطهاد لحق بهم بعد دخول الإسلام مصر، ولا يفتش المسلمون عما ارتكبته الكنيسة فى حق «الوثنية» المصرية بعد دخول المسيحية مصر، ويتيهون على المسيحيين بإنقاذهم من ظلم الرومان واضطهادهم الشديد. ورغم أن التاريخ ملىء بالمواقف المشرقة والمشرفة للطرفين، فإن الاكتفاء بها لا يفيد فى الوقت الحاضر. وعلى النقيض يؤدى استدعاء المواقف المشينة من ذمة التاريخ إلى تأجيج الوضع الراهن.

3- الاعتراف المتبادل بالمتجاوز: أى أن يقوم المسلمون بالاعتراف أن بينهم متطرفين فى تصوراتهم واعتقاداتهم، ينظرون إلى المسيحيين على أنهم «كفار» ويسعون إلى معالجة هذه المغالاة، وهذا القصور فى الفهم. وعلى الجانب الآخر، يعترف المسيحيون أن بينهم متطرفين ينظرون إلى المسلمين على أنهم «هراطقة».

وهذا الاعتراف لا ينتظم أبدا فى محاولة من كل طرف لإثناء الآخر عن معتقده، بل يجب أن يكون بداية للبحث عن «التعايش الإيمانى»، وتعزيز المشترك الأخلاقى الذى يزخر به الإسلام والمسيحية، وتصحيح التصورات الخاطئة والمغلوطة عند فصيل من الحركة الإسلامية المسيسة التى لا تزال تتعامل مع المسيحيين على أنهم «ذميون»، وعند قطاع من المسيحيين ينظر إلى المسلمين على أنهم «غزاة». فلا معاملة أهل الذمة تصلح لنظام اليوم ولا المسلمون الموجودون فى مصر حاليا قدموا جميعا من جزيرة العرب، بل أغلبهم مصريون تحولوا من المسيحية إلى الإسلام، وبالتالى ففيهم من «القبطية» ما فى إخوانهم من المسيحيين.

4- الفصل بين النص والممارسة: فالنصان القرآنى والإنجيلى يحملان من القيم ما يكفى حال التمسك بها لبناء تعايش مشترك واحترام متبادل بين المسلمين والمسيحيين، ولا يجب أن يتحملا ما يفعله الطرفان ببعضهما، فهذا من قبيل السلوك البشرى الذى يعد انحرافا عن مقاصد الأديان وغاياتها. وبالتالى فإن الحاجة تصبح ماسة وملحة للرد على التأويلات الخاطئة للنصوص.

5- التمييز بين السياسى والدينى: وهو التصور الذى يقوم على أساس قاعدة أن «فصل الدين عن السلطة ضرورة، وفصله عن الحياة جريمة». وهذا معناه ألا تحاول المؤسسات الدينية لعب دور سياسى، فهذا خارج اختصاصها وفوق طاقتها، ولا تستمر «الجماعات والتنظيمات الإسلامية» فى «تسييس الدين». والبديل لهذا هو «تديين السياسة» أى منحها إطارا أخلاقيا، نحن بأشد الحاجة إليه لمواجهة الفساد والاستبداد.

6- تغيير السياق العام: فكثير من المثقفين وأعضاء النخبة السياسية والاجتماعية من المسلمين والمسيحيين، على حد سواء، يرون أن حل مشاكل مسيحيى مصر، لن يتم، على الوجه الأكمل، إلا فى إطار إصلاح سياسى شامل، تستقر فيه قواعد دولة مدنية ديمقراطية، تقوم على مبدأ «المواطنة» وتداول السلطة، وتفتح الباب أمام حرية التعبير، وحرية تشكيل الأحزاب السياسية، وحقها فى العمل بين الجماهير، وتعبئتهم خلف برامجها «السياسية»، بدلا من تركهم يعودون إلى انتماءاتهم الأولية، ومنها الدين والعشائرية والوضع الجغرافى، لاستخدامها فى المجال السياسى.

7- الأرضية الوطنية: فأى مشكلة للتعايش بين المسلمين والمسيحيين فى مصر يجب أن تحل على أرضية وطنية، وبأجندة مصرية، ويشارك فيها مصريون. فالاستقواء بالخارج، أو حرث الأرض أمام تدخل أجنبى، سيقود إلى نتائج غاية فى الخطورة، سيتأثر بها المسيحيون المصريون قبل المسلمين.

<<<

وفى حقيقة الأمر فإن التعايش، فى أى مكان وزمان، يستند على عدد من الشروط، التى يجب توافرها من أجل تمتين الروابط بين الفئات الاجتماعية لأى دولة تموج بحال من التعددية ثقافية كانت أم لغوية أو دينية أو عرقية.

ومن بين هذه الشروط أن يكون الحوار متكافئا بين الأطراف المتشاركة فى حياة واحدة، سواء كانوا أفرادا أو جماعات، وأن يعلو التحاور والتفاهم فوق أى عصبيات أو أفكار مسبقة عن الباقين، كما يجب الاستعداد للتعامل بتسامح مع الآخر وقبول الآراء المضادة، وعدم النظر إلى هذا التسامح على أنه علاقة بين طرفين أحدهما أقوى من الثانى، بل باعتباره ضرورة حياتية.

ومن شروط التعايش أيضاً توافر شعور لدى الشعب المصرى بمختلف شرائحه وطبقاته بأهمية فكرة التعايش الاجتماعى، وإدراك أنها باتت ضرورة للدولة المعاصرة، وتفهم فكرة الاختلافات الطبيعية بين البشر، من حيث اللغة والدين والعرق واللون والثقافة، وكيفية تطويعها بحيث لا تشكل عائقا أمام التعايش بين جماعات شتى، بل تحقق الحكمة الإلهية العظيمة فى اختلاف الناس، من حيث الألوان والأجناس والأحجام واللغات واللهجات والمعتقدات... الخ.

ولذا يناط بالنخبة المصرية، بمختلف ألوانها، أن تبحث، من دون كلل ولا ملل، عن سبل تأصيل ثقافة التعايش، من زاوية مدى الارتباط بين الدولة المدنية التى تقوم على عدم تسييس الدين وبين قيام تعايش سليم معافى، واحتضان جهد الأزهر الشريف وشيخه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب اللافت فى هذا الصدد والظاهر فى انفتاح حقيقى على العالم وعلى مشكلات المواطنة والتعايش، إضافة إلى إمكانية تأسيس مشروع وطنى يمهد لإعادة بناء دولة القانون المرتكزة على التعددية السياسية والثقافية واحترام حقوق الإنسان، وبذل جهد فائق فى البحث عن سبل الاستفادة من إعادة قراءة تاريخ العلاقة بين الفئات والشرائح الاجتماعية العربية، عبر فترات تاريخية، فى فهم الواقع المركب والمعقد للعلاقة بينها فى الوقت الراهن، وإبراز القيم المشتركة والموحدة من خلال التنقيب فى التراث الحضارى الشرقى، المفعم بعبر لا يمحوها الزمن عن آفات الشقاق، ومآثر التوحد القومى بين سكان الدولة الواحدة.

ولا يجب أن يقف جهد هذه النخبة عند حد الإسهاب فى وضع نظريات مجردة حول مفهوم التعايش ومظاهره وأساليبه ومخاطر غيابه أو حتى ضعفه، بل من الضرورى أن تعكف على تحديد آليات التوفيق بين المطالب المتبادلة لعنصرى الأمة المصرية، عبر تفعيل الحوار، وإعلاء قيم التسامح ليس باعتبارها شعاراً تلوكه الألسنة، لكن بتحويلها إلى واقع معاش يحيا بين ظهرانينا، وإيجاد آلية لإزالة المخاوف والهواجس المتعلقة بما حدث من تجاوزات أو ظلم فى السابق لأى فئة اجتماعية، وذلك من خلال تعميق فكرة المواطنة، وإعلاء قيمة الانتماء إلى الوطن الأم، والاعتراف بالخصوصية الثقافية للآخر، واعتبارها جزءا لا يتجزأ من ثقافة المجتمع العامة.

ومن جانبها فإن الحكومة المصرية مطالبة بتلافى كل العناصر التى تهدد فكرة التعايش، ومنها إنهاء التمييز على أساس الدين أو اللغة أو العرق أو اللون، أو أى شىء آخر، فى الوظائف العامة، وفى تحصيل الفرص السياسية والاقتصادية، والوقوف بشجاعة وصبر لا يلين فى وجه أى ثقافات وتأويلات دينية مغلوطة تؤدى إلى ظهور تطرف دينى متبادل يعمق الخلافات ويقوض الروابط، ويفتح الباب أمام التأثيرات السلبية والممقوتة التى تتركها مسألة الاستقواء بالخارج للحصول على مكاسب داخلية معينة، تقود فى خاتمة المطاف إلى شق صف «الجماعة الوطنية» وتآكل قدرة الدولة المصرية على التكامل والتماسك.

<<<

والسؤال الذى يطرح نفسه فى هذا المقام هو: ما هى الفرص الحقيقية للتعايش بين المسلمين والمسيحيين فى مصر؟... بداية لا بد لنا جميعا أن نعترف بداية أن هناك مشكلات قد يؤدى تفاقمها وتراكمها إلى تقويض التعايش فى مصر، أو النيل منه، ابتداء من سلوكيات بعض المسئولين الأمنيين وموظفى الجهاز البيروقراطى، وانتهاء بمن لا يفهمون غايات الدين ومقاصده، أو يسحبونه إلى المجال السياسى، من بين الجماعات والتنظيمات الإسلامية المتطرفة، التى تنتج خطابا، يحض بعضه على كراهية المسيحيين، ويقلل بعضه من حقوقهم الوطنية، أو من قبل مسيحيين متطرفين، ينادون بخروج المسلمين جميعا من مصر.

وزاد من وطأة المشكلة فى السنوات الأخيرة تزايد الوزن النسبى للعامل الخارجى فى الضغط على «الوحدة الوطنية» المصرية. فموقع الدين فى الصراعات الدولية تقدم بشكل مذهل ومؤسف، بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001، التى أدارها اليمين المسيحى فى الولايات المتحدة على أساس تصور «صراع الحضارات» أكثر من الدفاع عن المصلحة القومية للولايات المتحدة. وانعكس هذا، بشكل غير مباشر، على العلاقة بين المسلمين والمسيحيين فى مصر. فبعض المسلمين لم يفرق بين ساسة الغرب الذين يدينون بالمسيحية وبين مسيحيى الشرق عامة، الذين يرى كثير من قادتهم أن ما تفعله الدول الغربية حيال العالم الإسلامى وغيره لا يمت بأى صلة إلى المسيحية نفسها. وعلى الجانب الآخر أبدى مسيحيون مصريون غبطة لضرب أفغانستان وغزو العراق، واعتبروا أن هذا بداية لقيام الولايات المتحدة بمناصرة الأقليات المسيحية فى العالم الإسلامى. ورغم قلة هؤلاء فى الجانبين، فإن استمرار وطأة الدين على إدارة الصراعات الدولية وازديادها يوما تلو الآخر، يزيد من هؤلاء عددا، ويعمق رؤيتهم الخاطئة المتبادلة.

والعامل الثانى هو ظهور جماعة «أقباط المهجر»، بأجندة تحمل مطالب مسيحيى مصر، وتسعى إلى طرحها فى المحافل الدولية، وتبالغ فى الوقت نفسه فى تصوير ما يجرى فى وسائل الإعلام المتاحة، مستغلة ثورة الاتصالات التى حولت العالم إلى قرية صغيرة، فربطت بينهم وبين مسيحيى الداخل، خاصة الشباب. ورغم أن كثيرين من المسيحيين المصريين لديهم تحفظات عديدة على أفكار ومسلك «أقباط المهجر» فإن العوام من المسلمين لا يعرفون هذا الأمر بشكل كاف، بل يعتقدون أن «أقباط المهجر» تنظيم قوى وكبير وفعال، ويسعى إلى استعداء الغرب على مصر. ولم تبذل النخبة المثقفة من المسيحيين المصريين، ممن يوجهون انتقادات إلى أقباط المهجر، جهدا إعلاميا وفكريا كافيا، يقنع عوام المسلمين وقطاعات من نخبتهم أن المسيحيين المصريين ليسوا كتلة واحدة، ولن يكونوا بفعل عوامل عديدة، لا حصر لها.

لكن هذين العاملين اللذين يؤثران سلبا على التعايش فى مصر، ليس بوسعهما، حتى الآن، أن يشكلا تحديا كبيرا، لأن العوامل التى تعزز التعايش، أو تحافظ على استمراره لا تزال قوية. ويمكن ذكر هذه العوامل على النحو التالى:

1- التجانس العرقى: فالمصريون من أشد شعوب العالم تجانسا فى الصفات العرقية والمقاسات الجسمية، ومن أكثرهم تشابها فى السحنة والملامح. ويمتد هذا التجانس من «البيولوجيا» إلى «السيكولوجيا» ليعزز التقارب النفسى بينهم.

2- هبة الجغرافيا: فالمسيحيون ينتشرون فى كل قرى ومدن مصر تقريبا، ولا يقطنون منطقة جغرافية محددة، كما هى الحال بالنسبة للأكراد فى كل من العراق وسوريا وتركيا وإيران. وهذا الأمر يجعل علاقات الوجه للوجه قائمة يوميا بين مسلمى مصر ومسيحييها، ويزيد من تشابك المصالح المتبادلة، ولا يجعل فكرة الانفصال قائمة أبدا.

3- التشرب الحضارى: فمصر الحاضر تتشرب كل طبقات الثقافات التى تراكمت عليها، هاضمة ما أتاها من الخارج، محتفظة فى الوقت نفسه بكثير من أصالتها الأولى، لتبدو كما يقول الفرنسى إدوارد لين وثيقة من جلد رقيق، الإنجيل فيها مكتوب فوق هيرودت، وفوقهما القرآن، وتحت الجميع لا تزال الكتابة القديمة تقرأ بوضوح وجلاء.

وإذا كانت مصر الراهنة عربية الهوية والحضارة، فإن كثيرا من المثقفين المسيحيين ينظرون إلى أنفسهم على أنهم «مسيحيون دينيا، لكنهم مسلمون ثقافة وحضارة»، وزاد من هذا التصور أن كثيرا من منظرى «القومية العربية» الأوائل كانوا من المسيحيين، وهم إن انتقدوا «الخلافة الإسلامية» كنظام سياسى، فإنهم لم يستطيعوا أن يتجاوزا الإسلام كدين وحضارة لتلك البقعة الجغرافية من العالم.

4- وحدة الموروث الشعبى: فالفلكلور المصرى واحد، لا يفرق بين مسلم ومسيحى. فعادات الأفراح والأحزان متشابهة، وطقوس الموالد واحدة، والجميع يتفاعلون مع الأساطير الشعبية بالدرجة نفسها.

5- علاقات السوق: فالمصالح التجارية الحياتية بين المسلمين والمِسيحيين فى مصر تفرض على الجانبين تعايشا مستمرا. فالأفراد فى خاتمة المطاف ينحازون إلى مصالحهم الشخصية، وقد يبتعدون عن الهموم العامة إن وجدوها تؤثر سلبا على أرزاقهم، أو على الأقل يفصلون بين واجباتهم حيال المشكلة الكبرى ومقتضيات مصالحهم الفردية.

6- الخوف من عواقب الفتنة: فهذا الخوف يشكل كابحا للطرفين من أن يتماديا فى تصعيد أى خلاف طارئ ينشب بينهما، لأن استشراء الفتنة، يعنى إزهاق أرواح وتدمير ممتلكات، لا أحد بوسعه أن يعرف حجمها.

<<<

وهنا يأتى السؤال: كيف يمكن تحقيق مبادئ التعايش واغتنام فرصه فى الواقع المعيش؟ فى حقيقة الأمر فهناك أكثر من وسيلة يمكن استخدامها فى تعزيز التعايش بين المصريين جميعا، يمكن ذكرها على النحو التالى:

1- التعليم: وذلك بتضمين المناهج التعليمية ما يحض على التعايش، ويحرص عليه، وتنقيتها مما قد يقود إلى كراهية طرف لآخر.

2- الإعلام: وهو وسيلة مهمة، لو استخدمت على الوجه الأكمل، ومن دون انفعال ولا افتعال، فإن بوسعها أن تقلل من أى احتقانات، وترسخ فى عقول الناس ونفوسهم قيم التسامح والاعتراف بالآخر واحترامه.

3 -المنتج الثقافى، الذى يجب أن يحوى كل ثقافة الأمة المصرية، عبر التاريخ، فى جميع الأنواع الأدبية والفنون بمختلف ألوانها.

4- منظومة القوانين: أى وجود حزمة من التشريعات التى تقنن التعايش، وتحدد مرجعية عامة له، يلتزم بها الجميع.

5- المشروعات القومية، التى يجب أن تستوعب جميع المصريين، من دون تفرقة، وتوجه طاقاتهم إلى عمل وطنى مفيد، بدلا من الفراغ الذى يزيد الشقة بين الناس، ويرفع درجة الطاقة الغضبية لديهم.

6-الجهاز البيروقراطى، الذى إن وجدت معايير سليمة للتعيين والترقى فيه، رفع الظلم عن كثيرين سواء من المسيحيين أو حتى من فقراء المسلمين ومهمشيهم، وزال سبب مهم لاحتقان مسيحيى مصر.

7- المجتمع الأهلى، والذى يمكنه حال وجود جمعيات خيرية دينية مشتركة بين المسلمين والمسيحيين أن يزيد من أواصر التعايش بين الجانبين.

8 -علماء الدين من الجانبين، والذين بوسعهم، إن خلصت النوايا وصح الفهم، أن يحضوا المصريين على التعايش، ويبينوا لهم ضروراته، وأصوله فى الشرائع السماوية ذاتها.

طباعة
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg