Al-Azhar Portal - بوابة الأزهر - وزير الداخلية الألماني وسياسة اللجوء
الجديد على بوابة الأزهر الإلكترونية
بوابة الأزهر الإلكترونية
AZHAR.EG

وزير الداخلية الألماني وسياسة اللجوء

  • | الخميس, 21 يونيو, 2018
وزير الداخلية الألماني وسياسة اللجوء

من المعلوم أنه منذ تَوَلّي السيد وزير الداخلية الاتحادي الجديد، هورست زيهوفر، وهو على خلاف دائم مع السياسة العامة لحكومة المستشارة الألمانية "ميركل"، حول ملف اللجوء والهجرة، لكن نقطة خلافه مع هذه السياسة ليست بالأمر الجديد، بل تعود إلى بداية أزمة اللاجئين عام 2015، قبل تَوَلّيه منصبَه في الحكومة الألمانية، عندما عارَض "ميركل" علانيةً خلال مؤتمر الحزب المسيحي الاجتماعي في نهاية عام 2015، مُطالِبًا بإيجاد حلٍّ سريع لمشكلة تَدَفُّق الهجرة نحو أوروبا وألمانيا بالأخصّ، وتقليل أعداد اللاجئين الذين تستقبلهم ألمانيا، ووقْف سياسة "الباب المفتوح"، والتحفظ على ما يُسَمّى بــ "ثقافة الترحيب".

بدأ "هورست زيهوفر" أولى خطواته العملية في المعارضة عندما خرج في اجتماع للحزب المسيحي الاجتماعي في بداية عام 2016 وفاجأ الجميع بإطلاقه مبادرةً لتحديد عدد اللاجئين الذين يمكن لألمانيا أن تستقبلهم سنويًّا بنحو 200 ألفٍ، الأمر الذي جلب تهديدًا من الحكومة البافارية برفع دعوى أمام محكمة الدستور الاتحادية ضد سياسة اللجوء التي تنتهجها "ميركل".

ولما صار وزيرًا للداخلية الألمانية بدأت نيات "زيهوفر" تتكشّف مع أول تصريح له؛ بأن الإسلام لا ينتمي لألمانيا، في ثاني يومٍ تَقَلَّد فيه هذا المنصب في مارس 2018.

ولم تقتصر معارضته التي كانت بمثابة تأييدٍ ضمنيٍّ لسياسة حزب "البديل" اليميني الشعبوي على ذلك، بل اشتهر بموقفه المعارض بشدة لسياسة "ميركل" في ملف الهجرة واللجوء على وجه الخصوص، الأمر الذي جعله يُنَقِّب خلف المكتب الاتحادي للهجرة واللجوء "بامف"، ويتهم كثيرًا من أعضائه بالفساد وموافقتهم على طلباتِ لجوءٍ كثيرة مخالِفةٍ لقواعد ولوائح اللجوء مقابل وجبات طعام، على حدّ ما ورد من أخبارٍ وانتشر في معظم الصحف  -وإن كان الأمر في ظننا يصعب مقايسته بالمنطق السليم والعقل المتأمل– وانتهى الأمر في هذا السياق بإقالة الكثير من أعضاء المكتب، بل ورئيسته مؤخرًا، ولم يكن هذا –في رأينا– بمشكلةٍ ذاتِ بال إذا ما اقتصر الأمر على إقالة أو استبدال بعض موظفي المكتب بل وحتى رئيسته، وإنما الخطر يكمن في التشكيك في مصداقية المكتب بأكمله والطعن في نزاهة القائمين عليه، مما قد يُعَبِّد الطريقَ إلى انتهاج سياسات لجوء صارمة مجحفة في الغد القريب، تهدِف لاسترضاء اليمين الشعبوي الذي تنامى بقوة في الفترة الأخيرة، وعقب الانتخابات البرلمانية الماضية، بفوز حزب "البديل" بنسبة 13.7% من مقاعد "البوندستاغ" لأول مرة.

في بداية شهر أبريل 2018 أعلن وزير الداخلية المنتمي للحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، عن مشروعٍ لتقنين قوانين "لَمّ الشمل"، يشدّد من إجراءات لَمّ شمل لاجئي "الحماية الثانوية"، التي من شأنها السماح باستقدام ألف فردٍ من عائلات الحاصلين على "الحماية الثانوية" شهريًّا كحَدٍّ أقصى بحلول أغسطس 2018، وإلغاء "حق لَمّ شمل العائلات" للحاصلين على "الحماية الثانوية"، وهو ما لاقى انتقاداتٍ حادّةً داخل البرلمان الألماني "البوندستاغ"، ولدى كثيرٍ من أحزاب المعارضة والمنظمات الإنسانية.

ثم أعرب "زيهوفر" بعد ذلك بشهرين تقريبًا (في يونيو 2018) عن عزمه رفْضَ استقبال اللاجئين والمهاجرين الذين سجّلوا دخولهم الأول في أوروبا في بلدٍ آخَرَ، مسوِّغًا موقفه هذا الذي لاقى رفضًا شديدًا من المستشارة الألمانية، باتفاقية "دبلن" التي دخلت حيّز التنفيذ عام 1997، ومع ذلك أشارت بعض الجهات ومنها: "المعهد الألماني لحقوق الإنسان"؛ إلى أن استناد "زيهوفر" لاتفاقية "دبلن" لتسويغ مساعيه أمرٌ غيرُ مقبول.

ومع الضغط المُتواصِل الذي تقوم به الكتلة البرلمانية لحزبَي "المسيحي الاجتماعي" و"المسيحي الديمقراطي" في قضية اللجوء؛ يَتَوَجّب على المستشارة الألمانية "ميركل" إيجاد حلٍّ مع باقي دول الاتحاد الأوروبي مثل: إيطاليا والنمسا واليونان لهذه الأزمة، قبل انعقاد القمة الأوروبية القادمة في نهاية شهر يونيو الجاري، وإلا فسيتمّ التطبيق الفوري لسياسة منْع طالبي اللجوء القادمين من دولٍ أوروبية من دخول ألمانيا، وإرغامهم على العودة إلى الدول الأوروبية القادمين منها، وهو ما رفضته المستشارة الألمانية بشدة، مؤكّدةً على أنه لابد أن يكون هناك حلٌّ أوروبي مشترَك لأزمة اللاجئين، وكان من أبرز تصريحاتها في هذا الشأن: «يجب التوفيق بين المصالح الألمانية والمصالح الأوروبية.. منْع طالبِي اللجوء من دخول البلاد َتصَرُّفٌ أُحاديٌّ، وسيأتي على حساب أطرافٍ ثالثة.. ونحن لا نريد ذلك، إن الإعادة القسرية لطالبي اللجوء إلى الدول الأوروبية القادمين منها يمكن أن يكون لها تأثيرٌ كبير وتُعَرِّض الوَحدةَ الأوروبية للخطر».

ومع إصرار "زيهوفر" على الالتزام بتلك المهلة، بات مصير استمرار التحالف بين حزبه وحزب "ميركل" في خطر، حيث صرّح في اجتماعٍ له بمجلس قيادة حزبه، يوم الاثنين الموافق 18 من يونيو 2018 بميونخ، أنه سيُسارع إلى تمكين شرطة الحدود الجديدة في ولاية بافاريا من إحكام السيطرة على الحدود بشكل مستقل، إذا فشلت القمة الأوروبية القادمة في إيجاد حلٍّ مشترك وفَعّال لهذه الأزمة، الأمر الذي رفضته "ميركل"؛ لأنها لا تريد التصرف بشكلٍ أُحاديّ على حساب بلدان الاتحاد الأوروبي الأخرى، وتبحث عن حلٍّ يتمحْوَر حول حصص توزيع اللاجئين وتأمين الحدود الخارجية.

كما تَصاعَد الخلاف داخل الاتحاد في الأيام الأخيرة، ولم يكن هناك تقارُب في المواقف، فعلى الرغم من أن "زيهوفر" أكّد في مقابلةٍ له؛ أن حزبه لا يريد إثارةَ أزمةٍ سياسية، إلا أنه لم يتراجع عن الأمر، وصرّح "زيهوفر" لصحيفة "بيلد أم زونتاج": «لا توجد رغبةٌ لدى أحدٍ في الاتحاد الاجتماعي المسيحي لإسقاط المستشارة، أو حلّ الائتلاف البرلماني بين حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي، أو حتى خرْق هذا الائتلاف»، وأضاف: «نريد حلًّا دائمًا لصَدّ اللاجئين على حدودنا»، ولم يتقدّم بحلٍّ وسطٍ ممكن.

وذكرت صحيفة "فيلت أم زونتاج"؛ أن "زيهوفر" صرّح في جولةٍ لأعضاء حكومة الاتحاد الاجتماعي الاشتراكي مع زعيم كتلة الحزب البافاري في البرلمان، "أليكسندر دوبريندت"، صباحَ الخميس، في برلين؛ أنه "لم يَعُدْ باستطاعته العمل مع ميركل".

وقد حدّد الاتحاد المسيحي الاشتراكي للمستشارة موعدًا نهائيًّا حتى يوم الاثنين؛ لكي تسلكَ نهْجَهم، ويريد "زيهوفر" الحصول يوم الاثنين على موافقة قيادة الاتحاد المسيحي الاشتراكي على مشروعه، وإذا وضع الخُطّة موضعَ التنفيذ؛ فإن زعيم "الاتحاد المسيحي" من شأنه أن يحجب ميركل سياسيًّا، أمّا مسألة قَبول "ميركل" أو حتى عزْلها لوزيرها فهي مسألةٌ مفتوحة، فإنها إذا استغنت عن "زيهوفر" من مجلس الوزراء، فإنه من المُرَجَّح أن يكون هذا هو نهاية الائتلاف.

ويرى "مرصد الأزهر" أنه في حالة استمرار هذا الخلاف الداخلي وعدم التوصل إلى حلٍّ تَوافُقيٍّ؛ فإنه لا يهدّد وضْع اللاجئين في البلاد فحسب، بل يمتد لِيَمَسَّ استقرارَ وتحالف الحزبين اللَّذَيْنِ يحكمان ألمانيا؛ الأمر الذي يَصُبُّ بدوره في مصلحة أحزابٍ أخرى، سيما حزب "البديل" اليميني الشعبوي المناهض للإسلام والأجانب.

وحدة رصد اللغة الألمانية

 

المصادر:

http://www.wz.de/home/thema-des-tages/was-seehofer-an-der-grenze-aendern-will-1.2704880

http://www.spiegel.de/politik/deutschland/merkel-und-seehofer-nun-soll-es-der-1-juli-im-asylstreit-richten-a-1213638.html

http://www.spiegel.de/politik/deutschland/cdu-und-csu-streiten-ueber-fluechtlinge-drei-szenarien-fuer-die-groko-krise-a-1213150.html

http://www.spiegel.de/politik/deutschland/asylstreit-in-der-union-richtlinienkompetenz-was-das-bedeutet-a-1213665.html

https://www.luzernerzeitung.ch/newsticker/international/seehofer-und-merkel-einigen-sich-im-asylstreit-ld.1030117

https://www.zdf.de/nachrichten/heute/bundesregierung-kein-eu-sondergipfel-geplant-100.html

https://www.kleinezeitung.at/politik/aussenpolitik/5449409/Deutscher-Asylstreit_Seehofer-will-Kontrolle-des-Bundesamts-fuer

https://www.derstandard.de/story/2000081724150/seehofer-niemand-in-der-csu-will-merkel-stuerzen

https://www.welt.de/politik/deutschland/live177726846/CSU-wohl-sauer-wegen-Merkel-Zusagen-an-Macron-Liveticker-zum-Asylstreit.html

https://diepresse.com/home/ausland/aussenpolitik/5448437/Seehofer_Ich-kann-mit-der-Frau-nicht-mehr-arbeiten

 

 

طباعة