Al-Azhar Portal - بوابة الأزهر - مدن صينية عرَفت الإسلام.. مقاطعة قانسو (مدينة لانتشو)
الجديد على بوابة الأزهر الإلكترونية
بوابة الأزهر الإلكترونية
AZHAR.EG

مدن صينية عرَفت الإسلام.. مقاطعة قانسو (مدينة لانتشو)

  • | الثلاثاء, 7 فبراير, 2023
مدن صينية عرَفت الإسلام.. مقاطعة قانسو (مدينة لانتشو)

      في سلسلة تقدمها وحدة اللغة الصينية بمرصد الأزهر حول أشهر المدن الإسلامية في الصين، والدور التي قامت به تلك المدن في ازدهار الثقافة الإسلامية بالبلاد، نستكمل الحديث في هذا التقرير، ونحط الرحال هذه المرة بمدينة "لانتشو" إحدى مدن مقاطعة "قانسو"، والتي تعد أهمَّ المقاطعات الإسلامية في الصين.
ومدينة لانتشو هي إحدى أهمِّ مدن المقاطعة والتي دخلها الإسلام قديمًا وبها العديد من المساجد والمزارات الإسلامية. وأغلب مسلمي المدينة ينتمون لقومية "هوي" المسلمة، وعدد قليل من قومية دونغشيانغ، وسالار. ويعد طريق الحرير له التأثير الأكبر على الوجود الإسلامي في المدينة، باعتبارها واحدة من المدن المركزية المهمة في شمال غرب الصين، فإن لانتشو هي أيضًا المكان الطبيعي لمرور طريق الحرير القديم فيه، وقد شكَّلَتِ التبادلات الاقتصادية والثقافية المختلفة، والتكامل في هذه المنطقة، خصائصَ للعديد من المجموعات العرقية جعلها أكثر تنوعًا، وصاحبة ثقافة غنية.
تاريخ ومكانة المدينة
مدينة لانتشو هي إحدى أهم مدن الصين التاريخية، وعاصمة مقاطعة قانسو، يمتد تاريخها لآلاف السنين، فهي واحدة من المدن التي يَعبُر عليها طريقُ الحرير، وقد أصبحت "لانتشو" تدريجيًّا شريانَ مرورٍ مهم، ومِيناء تجاريًّا رئيسيًّا، وأصبحت الرابط بين المناطق الغربية والسهول الوسطى، وقامَت بدور مهمٍّ في التواصل وتعزيز التبادلات الاقتصادية والثقافية بين الصين والغَرب، حيث أُطلِق عليها اسمُ: "النقطة الذهبية على طريق الحرير". وتُعدُّ "لانتشو" هي المدينة الوحيدة في الصين التي يمر فيها النهر الأصفر بالمدينة، ويعيش سكان المدينة على طول ضِفاف النهر الأصفر، في شريط ضيق طويل من الشرق إلى الغرب، وقصير من الشمال إلى الجنوب، كما أنها مِن أكثرِ المدن كثافةً سكانية في البلاد.

منارات العلوم الإسلامية في مدينة لانتشو
1. معهد الثقافة الإسلامية بجامعة لانتشو
كان لِثقل مدينة "لانتشو" وأهميتها بوصفها مدينة تاريخية وإسلامية أثرٌ كبير في رعاية الدولة الصينية لمسلمي المدينة، مما دفع لإنشاء معهد الثقافة الإسلامية بجامعة لانتشو في يوليو 2006م، وهو تابع لكلية الفلسفة وعلم الاجتماع بجامعة لانتشو. منذ إنشائه، وذلك بدعمٍ قوي من القادة على جميع مستويات الجامعة، ويَصُبُّ الاهتمام -في الدراسة داخلَ المعهد- بآخرِ التطورات في تطور الثقافة الإسلامية داخلَ الصين وخارجَها، ولتحقيق ذلك يستعين المعهد بالخبراء والعلماء المعروفين، للعمل باحثين غيرِ متفرغين في المعهد، كما يعتمد المعهد على كثير من أبناء الصين الحاصلين على درجة الدكتوراه، ممن عادوا من الدراسة في الدول الإسلامية، وتهدف الجامعة -من إنشاء هذا المعهد- إلى تحسين مستوى المعلمين، ودارسي اللغة العربية، والصينية، وتحسين جودتها بشكل عام، وذلك بالاعتماد على الموارد التعليمية للجامعات، كما تعمل على تطوير التعليم العالي للمسلمين في الصين.
2. معهد لانتشو للعلوم الإسلامية
كان لكثرة أعداد مسلمي المدينة وتنوعهم إشارةٌ لاحتياج المدينة وجودَ معاهدَ متخصصةٍ، يَـتِمُّ فيها دراسة الدين، وتهتم بتخريج دفعات من الأئمة يقودون الشئون الإسلامية في الصين، فكان معهد "لانتشو" للعلوم الإسلامية، هو أحد مؤسسات التعليم العالي لدراسة العلوم الإسلامية، والتي تأسست عام 1984م بموافقة مجلس الدولة، وفي عام 2008م تَمَّ إنشاء المعهد العالي للعلوم الإسلامية وأُطلق عليه "المركز التدريبي لرجال الدين" بمقاطعة قانسوا، والذي يضم أكثر من (45) عضو هيئة تدريسٍ، منهم إداريون ومدرسون، ومعظم هؤلاء المعلمين حاصلون على درجة علمية جامعية، ودرسوا في جامعات أجنبية معروفة جيدًا، ولديهم معرفة عالية بالتعاليم الإسلامية. كما يستعين المعهد بأئمة مشهورين وعلماء مسلمين معروفين. ويغطي حَرَم الكلية مساحة (8.72) فدانًا، يضم مبنًى تعليميًّا شاملًا ومبنى خدماتٍ للمعيشة، بمساحة بناء تزيد عن (7300) متر مربع، يحتوي على قاعةِ عبادة، ومكتبة، وفصول دراسية مختلفة.
أما نظام الدراسة فهو عبارة عن دورة جامعية مدتها (5) سنوات. تسلط الكلية الضوء في المناهج ومحتوى التدريس على دراسة الثقافية الإسلامية، وتعلق أهمية كبيرة على تنمية قدرة الطلاب العملية على الانخراط في خدمة الشئون الإسلامية، كما أن بها فصولًا لدراسة اللغة العربية، في السنوات الخمس والعشرين الماضية منذ إنشاء المعهد تم تدريب ما مجموعه (338) خريجًا قد حظي الخريجون بدرجات علمية رفيعة فقد أصبح بعض الخريجين الشباب أئمةً مؤثرين في المناطق المحلية؛ ومنهم من دَرَسَ في جامعاتٍ خارجَ الصين، وحَصَل على الماجستير والدكتوراه، ليصبح المعهد أحد روافد الثقافة الإسلامية في الصين.

الآثار الإسلامية في المدينة
كان لتقارب الثقافات المتعددة تأثير عميق على الأشكال المعمارية للمنطقة، ومن أبرز تلك المظاهر المعمارية المساجد، والتي تحتوي على دلالات دينية وعِرقية وثقافية عميقة، وتعكس الإنجازات التاريخية والدينية والفنية العالية للمسلمين في المنطقة. والتي تنعكس بشكل رئيسي في الشكل المعماري للمسجد وفن الزخرفة المعمارية. وبالرغم من تضرر العديد من المساجد التاريخية في المدينة بسبب تعاقب الأحداث السياسية والتاريخية إلا إنها ما زالت محتفظة برونقها ومعمارها الصيني، ومن أهم تلك المساجد (مسجد نانغوان الكبير-شيوا خا يان- مسجد شيجوان -مسجد بوابة جسر لانتشو )
1: مسجد شيجوان(xinguan)西关清真寺 وهو أشهر تلك المساجد في المدينة تم بناء مسجد شيجوان في عهد أسرة مينغ الصينية القديمة (بين 1368- 1644م)، ويتميز المسجد بطرازه، كما أنه متعدد الطوابق وبه مصلى للنساء، وتزيد مساحة على (4800) متر مربع. يحتل المصلى الذي تبلغ مساحته (3000) مترٍ مربع، وارتفاعه نحو 37 مترًا، وقد تم بناؤه على أيدي التجار من المسلمين في عام 1684م، وقد تم هدم المسجد في القرن الماضي لكن وفي عام 1983م، وبمساعدة قادة المقاطعات والبلديات والمسلمين، أعيد بناء مسجد شيجوان الكبير في الموقع الأصلي عن طريق التخصيص الوطني والتبرعات الطوعية من المسلمين. وبعد اكتمال بنائه عام 1986م، تم فتحه للصلاة، ليستعيد مكانته التاريخية كـ "كمسجد تاريخي". وبالرغم من فقدانه طرازه القديم فإن المبنى قد صنف حديثًا في عام 1992م واحدًا من أفضل عشرة مبانٍ بارزة في مدينة لانتشو. وقد حظِي المسجد بموقعه المتميز عام 1958م في أثناء عملية إعادة أعمار المدين فقد تم هدم عدد من المنازل المجاورة ليظهر المسجد في موقع بارز ويبرز هندسته المعمارية الرائعة.
2: كما تم اكتشاف أقدم نسخة باللغة الصينية للقرآن الكريم تعود لعام 1912م، وتم كتابتها باللغة الصينية تم العثور عليها ضمن أرشيف السجلات القديمة بمعهد الثقافة الإسلامية بجامعة لانتشو، ويرجح الخبراء أنها من ترجمة "شا تشونج"، و"ما فو لو"، وهما اثنان من الأئمة الصينيين البارزين، والخطاطين للغة العربية في "لانتشو"، وتتميز الترجمة باستخدام اللهجة الداخلية لمنطقة "لانتشو"، والمعروف أن ترجمة القرآن الكريم لم تتم بشكل كامل إلا مُنذ بداية القرن العشرين، لذلك تُعَدُّ هذه الترجمة من أولى التراجم للقرآن الكريم باللغة الصينية.

طباعة