Al-Azhar Portal - بوابة الأزهر - الاحتكار.. الأخطار والسلبيات وسبل العلاج
الجديد على بوابة الأزهر الإلكترونية
بوابة الأزهر الإلكترونية
AZHAR.EG

الاحتكار.. الأخطار والسلبيات وسبل العلاج

  • | السبت, 27 أبريل, 2024
الاحتكار.. الأخطار والسلبيات وسبل العلاج

       
       الاحتكار بمعناه العام هو التسلط على أموال الناس بشراء ما بين أيديهم بأبخس الأثمان، ثم فرض البضائع عليهم بأغلى الأثمان على وجه الغصب والإكراه في الشراء والبيع.
وقد اكتسب مصطلح الاحتكار أبعادًا جديدة ولم يقتصر مفهومه على الطّعام أو السّلع، وإنّما شمل الخدمات الأخرى والامتيازات الممنوحة للشّركات والأفراد، ويؤكّد هذا ما جاء في معجم المصطلحات الاقتصاديّة من أنّ الاحتكار هو السّيطرة الخالصة على عرض سلعة أو خدمة ما في سوق معلومة أو على الامتياز الخالص للشّراء أو البيع دون مزاحم أو منافس.
أما عن حكم الاحتكار في الشريعة الإسلامية فقد ذهب الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة إلى القول بعدم جواز الاحتكار.
والاحتكار محرم بشرطين: أن يكون المحتكِر في غنى عنه، و أن يقع ضررٌ على المسلمين باحتكاره هذا، فإذا توافر الشرطان السابقان في أي سلعة قوتًا كانت أو غير قوت فيحرم الاحتكار؛ إذ إن الدليل في السُّنة عام وهو قول النبي- صلى الله عليه وسلم -:«لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ».
ومفاسد الاحتكار كثيرة جدا؛ فهو من أشدّ الظلم، وسببُ إفساد العمران والدولة، وهو مِن أَكْلِ أموال الناس بالباطل، وهو يقوم على الفرض والقسر والإكراه والغصب، لا سيما أنه دليل على دناءة النّفس وسوء الخلق، حيث يورث الضغينة والحقد والكراهية.
والأدلة على تحريم الاحتكار كثيرة، فعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يحتكر إلّا خاطىء»  
وعن عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «مَن احتكر على المسلمين طعامًا ضربه الله بالجذام والإفلاس» 
وعلّة تحريم الاحتكار هي إلحاق الضرر بالناس من فساد الأسواق، ومنع الطعام مِن الرواج بها، وإبطال مصالح الرعية، وغلاء الأسعار، والزيادة في المكوس والضرائب، وانتشار الفقر والجوع، وقيام شركات الاحتكار، وإلغاء التعامل الحرّ.
وقد واجهت الشريعة هذا التصرّف المقيت بإجراءات وقائية كمنع تلقي الركبان وبيع الحاضر للبادي، وهدفها من ذلك قطع السبل على المحتكرين. إضافةً إلى السيطرة على المال المحتكَر، وتعزير المحتكرين، وجبرهم على البيع، وتسعير البضائع عليهم.
وهكذا نظرت الشريعة الإسلامية إلى الاحتكار من زاوية المصلحة العامة للناس، وجعلت منه محرَّمًا ومذمومًا، ونهت عنه وحرّمته على الفرد والمؤسسات وجموع الجماهير، لما فيه من تضييق على الناس في معيشتهم والإضرارٍ بهم، وأباح النظام الرأسمالي الاحتكار للفرد، وبنى عليه نظامه، وأباحته الاشتراكية للدولة (القطاع العام) توفيرًا لمواردها المالية ومدًّا لخزائنها بما تحتاج إليه من موارد .
وواجهت التشريعاتُ الإسلامية احتكارَ الأفراد والدول، فقضت بإبطال الاحتكار وإبطال ما يترتب عليه من نتائج، جاعلة المقصد الأعظم في المعاملات رواج الأموال، وحماية المجتمع والأفراد من عبث العابثين وكيد المحتكرين، مع ضرورة نشر الأمن المجتمعي، وتوفير أسباب الراحة والسعة في الحياة الفردية والاجتماعية.

   مقال بقلم / د محمود سليمان أحمد - وعظ قنا

طباعة