Al-Azhar Portal - بوابة الأزهر - ‏الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر:‏ علماء المسلمين خلَّدوا أسماءهم في سجلات الطب العالمي.. والأزهر يحمل ‏إرثهم
الجديد على بوابة الأزهر الإلكترونية
بوابة الأزهر الإلكترونية
AZHAR.EG

‏الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر:‏ علماء المسلمين خلَّدوا أسماءهم في سجلات الطب العالمي.. والأزهر يحمل ‏إرثهم

‏ ‏الرسول يُعلِّمنا أن المرض والدواء من قدر الله.. ودفع البلاء كمال التوكل

  • | الإثنين, 12 مايو, 2025
‏الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر:‏ علماء المسلمين خلَّدوا أسماءهم في سجلات الطب العالمي.. والأزهر يحمل ‏إرثهم

رسولنا الكريم حثَّ على التداوي وطلب الشفاء.. وعدم الاستسلام للمرض

عقد الجامع الأزهر اليوم الإثنين، الملتقى الفقهي الثامن عشر-رؤية معاصرة، تحت عنوان: ‏‏«فقه التداوي بين الشرع والطب»، بحضور: أ.د/ أحمد ‏ربيع، أستاذ أصول اللغة ووكيل كلية اللغة العربية للدراسات العليا سابقًا بجامعة الأزهر، وأ.د/ إسلام شوقي ‏عبد العزيز، أستاذ ورئيس قسم أمراض القلب بكلية الطب جامعة الأزهر بالقاهرة، وأدار اللقاء الشيخ/ أحمد ‏الطباخ، مدير المكتب الفني بالجامع الأزهر.

وخلال اللقاء، قال أ.د/ أحمد ربيع: إنَّ الناظر في سلوك النبي ﷺ وتعاملاته يجدها تعاملات راقية ‏واعية، تتلمس موطن الداء، ثم تشخص له الدواء، مستنيرةً بنور الوحي، ومستلهمةً من هدي الله تعالى الذي ‏علَّمه لنبيِّه الكريم ﷺ. وقد سمعنا تلاوةً مباركة من كتاب الله، فيها قوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ ‏شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}، وهي آية تؤكد أن للقرآن الكريم وظيفة علاجية روحية، تتكرر الإشارة إليها في ‏مواطن متعددة، منها قوله تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء}.‏

وأضاف أن القرآن الكريم يُعامَل بوصفه وسيلة من وسائل الشفاء، والنبي ﷺ نفسه تعامَلَ معه على ‏هذا النحو، يعلمنا بذلك أن الله تعالى هو الشافي الحقيقي، وأن الطب وغيره من الوسائل إنما هي أسباب ‏مأذون بها شرعًا؛ للوصول إلى الشفاء؛ قال تعالى على لسان نبي الله إبراهيم: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}، ‏فالنبي ﷺ كان إذا أتاه مريض رقاه وقال: «اللَّهُمَّ ربَّ الناس، أذهب البأس، واشفِ أنتَ الشافي، لا شفاءَ إلا ‏شفاؤك، شفاءً لا يُغادِرُ سقمًا».‏

وأشار د/ أحمد ربيع، إلى أن الطبيب ما هو إلا وسيلة سخَّرها الله ليدلَّ بها على الدواء، لكن الشفاء في حقيقته من ‏عند الله وحده. وقد ورد إلى النبي ﷺ مرضى؛ فقرأ عليهم ودعا لهم، كما في قصة المرأة التي كانت تُصرع؛ ‏فينكشف جسدها، فطلبت منه ﷺ أن يدعو الله لها، فخيَّرها بين الصبر ولها الجنة، أو الدعاء بالشفاء؛ ‏فقالت: بل ادعُ الله ألا أتكشف؛ فدعا لها بذلك.

ولفت إلى دور علماء المسلمين في ‏الطب، كابن سينا، وابن النفيس، وغيرهم، الذين أسهموا في النهضة الطبية، وكانت كتبهم تُدرَّس في أوروبا ‏قرونًا، مشيرًا إلى أن الأزهر الشريف لا يزال يحمل هذا الإرث في خدمة العلم والإنسانية.‏

من جانبه، أكد الدكتور/ إسلام شوقي، أن التداوي أمرٌ عظيم الشأن، بل هو في غاية الأهمية؛ لأنه يمسُّ ‏صميم الإنسان، ويتعلق بصحته وحياته. والتداوي كما بيَّن أهل العلم: هو استعمال ما يكون به الشفاء بإذن ‏الله تعالى، من علاجٍ، أو دواءٍ، أو رُقًى شرعية، أو اجتنابٍ لبعض الأطعمة، أو تناول لأخرى، أو علاجٍ ‏طبيعي كرياضة أو نحوها، فكل ذلك يندرج تحت مفهوم التداوي المشروع، وهناك حديث أصيل في هذا ‏الباب، وهو ما رواه البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله ﷺ قال: «ما أنزلَ اللهُ داءً إلا جَعَلَ ‏له شفاء»، وفي رواية مسلم عن جابر: «فإذا أصابَ الدواءُ الداءَ؛ برأ بإذن الله»، وزاد النبي ﷺ في الحديث: ‏‏«عَلِمَه من عَلِمَه، وجَهِلَه من جَهِلَه».‏

وأضاف أستاذ ورئيس قسم أمراض القلب بالأزهر، أنه قد ورد في «صحيح أبي داود» من حديث أسامة بن ‏شريك -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله ﷺ قال: «تَداوَوا؛ فإنَّ اللهَ عز وجل لم يضعْ داءً، إلا وضع له دواء، إلا ‏الهَرَم»؛ أي: التقدُّم في السن. وهذا يُبيِّن أن كل داءٍ له دواء، وأنه لا يُستثنى من ذلك إلا الشيخوخة؛ فإنها ‏أمرٌ طبيعيٌّ جارٍ بقدر الله، لا يُعالج ولا يُرد، وفي هذا الحديث دعوةٌ واضحة إلى عدم الاستسلام للمرض، ‏بل السعي في طلب الشفاء، فإن الطب والرُقية والدواء كلُّها أسباب مأذونٌ بها شرعًا.‏

وأشار إلى أن بعض الناس ـــ قديمًا وحديثًا ـــ يُعارضون التداوي بدعوى أن المرض من قَدَر الله، وأنَّ ‏ترك العلاج هو تسليمٌ ورضًا بالقضاء، وهذا فهمٌ فاسد؛ فإنَّ النبي ﷺ ردَّ على مثل هذا الفهم حين سُئل عن ‏الرقى والدواء والتوقِّي من المرض: هل يردُّ ذلك من قدر الله شيئًا؟ فقال ﷺ كما في حديث ابن أبي خزامة ‏عن أبيه: «هي من قدر الله». فما أعظم هذا الجواب، وما أفقهه، الدواء من قَدَر الله، كما أن المرض من ‏قَدَر الله، والسعي في دفع البلاء لا يُنافي الرضا، بل هو من كمال التوكل.‏

وفي السياق ذاته، أكد الشيخ/ أحمد الطباخ، إلى أن الشريعة الإسلامية ما جاءت إلا لصيانة الإنسان، وتهذيب فطرته، ‏وتوجيهه إلى سبل الخير والرشاد.
 

طباعة
كلمات دالة: