Al-Azhar Portal - بوابة الأزهر - ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر: النبي ﷺ غرس في الأمة ضوابط التفاؤل.. وجبر الخواطر والمساواة
الجديد على بوابة الأزهر الإلكترونية
بوابة الأزهر الإلكترونية
AZHAR.EG

ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر: النبي ﷺ غرس في الأمة ضوابط التفاؤل.. وجبر الخواطر والمساواة

  • | الأربعاء, 18 يونيو, 2025
ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر: النبي ﷺ غرس في الأمة ضوابط التفاؤل.. وجبر الخواطر والمساواة

السيرة ليست سردًا تاريخيًّا.. بل ترجمة عملية للدِّين ومقاصده

شباب اليوم أحوج ما يكون إلى أخلاق النبوة في زمن التواصل الرقمي

عقد الجامع الأزهر، اليوم الأربعاء، ملتقى «مع السيرة النبوية» الأسبوعي، تحت عنوان: «الضوابط الأخلاقية في السيرة النبوية»، وذلك بحضور: أ.د/ عبد الفتاح خضر، عميد كلية القرآن الكريم السابق، وأستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر، وأ.د/ حبيب الله حسن، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، وأدار اللقاء الإعلامي/ سعد المطعني، كبير مذيعي الإذاعة المصرية.

وخلال اللقاء، قال الدكتور/ عبد الفتاح خضر: إن أول ضابطٍ أخلاقيٍّ ترسَّخ في هدي النبي ﷺ هو ضابط التفاؤل وغرس الأمل في نفوس الناس، حتى في أحلك الظروف، مستشهدًا بموقف النبي ﷺ حين عَرَضَ عليه مَلَكُ الجبال أن يُطبق الأخشبين على من آذوه، فرفض قائلًا: «لعل الله يُخرج من أصلابهم من يقول لا إله إلا الله»، مشيرًا إلى أن هذا الموقف يحمل من المعاني ما يفيض على قلوب المكروبين والمكتئبين نورًا ورحمة، ويجعل الأمل شعارًا دائمًا في قلب المؤمن.

وأشار الدكتور/ عبد الفتاح خضر، إلى أن ضابط الأخوَّة والمساواة بين أبناء الأمة كان مبدأً أصيلًا في سيرة النبي ﷺ، مؤكدًا أن الأخوَّة لا بُدَّ أن تكون واقعًا معاشًا لا مجرد شعار، واستشهد بقول أهل اللغة: «إن من لا أخًا له كساعٍ إلى الهيجاء بغير سلاح»، داعيًا إلى أن تُنشر ثقافة الأخوَّة في البيوت والمؤسسات والمجتمعات؛ لأنها هي الحصن الذي يُحفظ به الصف، وتُصان به الكرامة.

وأضاف أن من أعظم الضوابط التي يجب أن نُحييها: ضابط جبر الخاطر، مبينًا أن اسم الله «الجبار» لا يدل فقط على القهر، بل هو من أبلغ صفات الرحمة؛ إذ يجبر كسور المنكسرين، ويحنو على المكلومين، وعلينا أن نتخلَّق بهذه الصفة؛ فنكون جابرين للخواطر، لا كاسرين لها، رافعين لمن سقط لا مُثقلين عليه، منصفين في القول، عطوفين في الفعل، فذلك هو الإسلام الذي تَمثَّل في حياة رسول الله ﷺ.

من جانبه، قال الدكتور/ حبيب الله حسن: إن السيرة النبوية ليست مجرد سردٍ تاريخي، بل هي تجسيد حي للدين في صورته المتكاملة، عقيدةً، وعبادةً، وأخلاقًا، ومعاملةً، مؤكدًا أن من أسباب ابتعاد كثير من الناس عن الدين وانتشار الإلحاد هو الجهل بحقيقته وتجزئة فهمه، معتبرًا أن من يأخذ ببعض الدين ويترك بعضه قد وقع في معنى قوله تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ}، فالدين وحدةٌ متكاملة لا تقوم إلَّا بجميع أركانه.

وأوضح أن الدين نزل ليُعالج جميع شئون الحياة، من الإيمان والعبادة، إلى الأخلاق والسلوك، فليس الدين عاطفةً مجرَّدةً ولا أحكامًا جامدة، بل هو نورٌ يهدي الإنسان في ظلمات الحياة، يرسم له الصراط المستقيم في كل لحظة من لحظاته. مشيرًا إلى أننا نُردِّد في صلاتنا {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} مرارًا، فهل عرفنا حقيقة هذا الصراط؟ إنه الدين الذي جسَّده النبي ﷺ بأفعاله وأقواله، لا بما يُنتزع من السياقات، ويُستعمل لتبرير الأهواء.

وأكد الدكتور/ حبيب الله حسن، على أن حياة النبي ﷺ كانت نموذجًا متكاملًا للقدوة الإنسانية، في إيمانه، وعبادته، وأخلاقه، وتعامله مع الناس، وأن من أراد أن يَحيَا حياةً مستقيمة؛ فليجعل من سيرة النبي ﷺ مرآةً يرى فيها كيف يكون الدين سلوكًا حيًّا، لا مجرد أقوالٍ تُتلى، ولا شعاراتٍ تُعلَّق.

وفي السياق ذاته، أكَّد الإعلامي/ سعد المطعني، أن الحديث عن الضوابط الأخلاقية في السيرة النبوية لا ينفكُّ عن واقعنا المعاصر، لاسيَّما في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وما أفرزته من ظواهر مؤلمة في الأخلاق والتعاملات، مشيرًا إلى أن الشباب الذين يُمسكون بهواتفهم ليلًا ونهارًا، بحاجة ماسَّة إلى أن يُراجعوا ما يكتبون، ويشاركوا في ضوء ضوابط النبوة، كحُسن الظن، والتَّثبُّت، وجبر الخاطر، وتوقير الكلمة. وهذه الضوابط جديرة بأن تكون منهاجًا عمليًّا لصناعة وعيٍ أخلاقيٍّ رشيد في هذا العصر المتشابك.


 

طباعة
كلمات دالة: