Al-Azhar Portal - بوابة الأزهر - الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: وثيقة المدينة المنورة إطار حضاري لتنظيم المجتمع.. وضبط العلاقات بين أفراده
الجديد على بوابة الأزهر الإلكترونية
بوابة الأزهر الإلكترونية
AZHAR.EG

الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: وثيقة المدينة المنورة إطار حضاري لتنظيم المجتمع.. وضبط العلاقات بين أفراده

  • | الثلاثاء, 1 يوليه, 2025
الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: وثيقة المدينة المنورة إطار حضاري لتنظيم المجتمع.. وضبط العلاقات بين أفراده

     عقد الجامع الأزهر أمس الإثنين، اللقاء الأسبوعي للملتقى الفقهي (رؤية معاصرة)، تحت عنوان: "العهود والمواثيق في ضوء وثيقة المدينة المنورة.. دروس من الهجرة"، بحضور: أ.د/ عبد الفتاح العواري، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وأ.د/ عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وأدار الحوار الشيخ/ أحمد عبد العظيم الطباخ، مدير المكتب الفني بالجامع الأزهر.

في بداية الملتقى، قال الدكتور/ عبد الله النجار: إن الباحث في وثيقة المدينة، يجد أنها أحد الأركان التي أقام عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- مجتمع المدينة بعد الهجرة الشريفة، من خلال بيان الحقوق والواجبات اللازمة لبناء مجتمع إسلامي متكامل؛ فهي لم تكن مجرد تنظيم إداري، ولكن إطار يحدد الحقوق والواجبات اللازمة لبناء مجتمع متوازن، وهذا الإطار المستمد من شرع الله، هو السبب في ظهور مجتمع المدينة في شكل حضاري؛ لأن الإسلام لا يُكره أحدًا على العقيدة، وإنما يُنظِّم حركة الناس بما يضمن سعادة الأفراد واستقرار المجتمع.

وأوضح الدكتور/ عبد الله النجار، أن وثيقة المدينة المنورة لم تكن مجرد صدفة، بل جاءت كضرورة ملحة لضبط وتنظيم مجتمع المدينة الذي يتسم بالتنوع الكبير، وذلك يتطلب إطارًا واضحًا لتحديد العلاقات بين الأفراد، وضمان استقرار الجميع، حتى إن الدخول إلى المدينة لخارج أفراده وضع له النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يُنظمه؛ من أجل الحفاظ على هُوية المجتمع واستقراره وأمانه.

من جانبه، قال الدكتور/ عبد الفتاح العواري: إن وثيقة المدينة المنورة تُمثل دستورًا يُحتذى به في بناء المجتمعات؛ لهذا نجد كل القوانين والدساتير التي عرفتها البشرية بعدها -والتي تضمن استقرار وأمن المجتمعات- هي انعكاس لما جاءت به وثيقة المدينة المنورة؛ لأنها شملت حقوقًا كاملةً للإنسان غير منقوصة، كما تضمنت كامل الحقوق والواجبات، التي من شأنها أن تحافظ على نسيج المجتمع مهما تشابكت خيوطه، وتعددت أطيافه، وهو ترجمة مدنية لما جاء به القرآن الكريم من أوامر ونواهٍ، مشيرًا إلى أن وثيقة المدينة المنورة كانت خير دليل على انفتاح المجتمع المسلم وقَبوله للآخر مهما كان دينه ولونه وعرقه؛ لهذا لا تعرف المجتمعات البشرية مجتمعًا أكثر حضارة مما كان عليه المجتمع الإسلامي.

وأضاف الدكتور/ عبد الفتاح العواري: إن وثيقة المدينة جاءت بالمعنى الحقيقي للمواطنة التي لا تعرف العنصرية لدين أو مذهب، أو التشدد لعرقٍ دون الآخر، وعززت معنى مشاركة الجميع في بناء المجتمع، من خلال توجيه التعددية إلى التكامل، مشيرًا إلى أن نقض وثيقة المدينة كان من قبل اليهود الذين خانوا العهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولو التزموا بعهدهم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي نصت عليه وثيقة المدينة لما حدث خلاف بينهم وبين المسلمين؛ لأن الإسلام بشريعته دين يحترم العهود والمواثيق، ولا يسمح لأتباعه أن يخونوا أي عهود أو مواثيق قطعوها، لكنه في الوقت ذاته يأمرهم أن يتعاملوا بحزم مع كل من يعتدي عليهم أو يخونهم.

وفي السياق ذاته، أكد الشيخ/ أحمد الطباخ، أن الدين الإسلامي اهتم بالمواثيق والعهود بين البشر؛ لما فيها من تنظيم للعلاقات وضبطها، والحفاظ على حركة الحياة في إطارها المنضبط؛ لهذا قال الحق سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ۚ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ۗ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ}؛ لهذا كانت وثيقة المدينة المنورة ضمانة لكي يكون المجتمع قويًّا من الداخل وقادرًا على مواجهة التحديات من الخارج، والباحث في تاريخ المواثيق والعهود المدنية؛ يجد أن وثيقة المدينة هي أول شكل لهذه المواثيق والدساتير، كما كانت هذ الوثيقة شاملة ومتكاملة؛ بما يجعلها ضمانة لنجاح أي مجتمع.

يُذكر أن الملتقى الفقهي يُعقد الإثنين من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية: فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وبتوجيهات من الأستاذ الدكتور/ محمد الضويني، وكيل الأزهر، ويهدف الملتقى إلى مناقشة المسائل الفقهية المعاصرة التي تواجه المجتمعات الإسلامية، والعمل على إيجاد حلول لها وَفقًا للشريعة.
 

طباعة
كلمات دالة: