وكيل الأزهر: الأزهر لم يتخلَّف يومًا عن دوره في خدمة السُّنَّة النبوية
خلال احتفالية كبرى.. وكيل الأزهر يشيد بدور أ. د/ أحمد معبد في إحياء تراث الحديث
وكيل الأزهر: ختم "شرح علل الترمذي" بالأزهر.. وفاء للسُّنَّة وعرفان للعلماء
وكيل الأزهر: علماء الأزهر حماة السُّنَّة وحُرَّاس العقول من الانحراف والتشدد
قال فضيلة أ.د/ محمد الضويني، وكيل الأزهر: إننا نشهد اليوم ختما مباركًا لأحد كُتب الحديث الفريدة، وهو شرح علل الترمذي، للحافظ ابن رجب، وهو كتاب عظيم القَدْر، يعرف مكانته المشتغلون بالدراسات الحديثية، نستطيع أن نقول عن هذا الكتاب: إنه نسيج وحده في علوم الحديث.
وأضاف وكيل الأزهر -خلال الاحتفالية الكبرى التي عقدتها الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالجامع الأزهر لختم كتاب "شرح علل الترمذي"- أنه قد تميزت عبقرية «الماتن» وهو الإمام الترمذي في وضع قواعد لتعليل المرويات، وصارت مَعْلمًا هَاديًا للمشتغلين بعلم العلل خصوصًا، وعلم الحديث عمومًا، ثم جاء الشارح، وهو الحافظ ابن رجب ببراعته المشهودة، ودقته المعهودة، وسلاسته المعروفة؛ فكشف عن مخبئات هذه القواعد بتحليل عميق، وفهم عالٍ دقيق؛ أبان ذلك عن تبحره في قواعد الاصطلاح.
وتابع فضيلته، أن الحافظ ابن رجب من عظيم فوائده أنه ينقل في شرحه هذا من مصادر فقدناها، فاحتفظ هذا السفر الذي دَبَّجَه يَراعُه بفرائد من بطون تلك المصادر، كما أنه ربط القارئ لتلك القواعد الحديثية، والضوابط النقدية، بتطبيقات الأئمة الأوائل النُّقَّاد، من أصحاب التعليل للمتن والإسناد ممن عاينوا الأصول، واطلعوا على كثير من المرويات؛ فجاء شرحًا حافلًا ينهل منه شداة الحديث وطلبته، ويُفيد منه علماء الحديث ونقدته.
وأردف الدكتور/ الضويني، أنه مما يُسعد الخاطر، ويسر الفؤاد، أن قام بشرحه بين أروقة الأزهر عَلَمٌ من أعلام الحديث بالأزهر الشريف، فضيلة أ.د/ أحمد معبد عبد الكريم ، عضو هيئة كبار العلماء، وقد استغرق في شرح هذا الكتاب قرابة عامين، لم ينقطع عطاؤه العلمي عن طلاب الحديث، وقد كتب الله لدرسه القَبول التام؛ فأصبح الدرس محط نظر وعناية لدى طلاب الحديث الشريف في كل مكان، وانتفع الطلاب والباحثون بآرائه العلمية، ونقداته الحديثية، واختياراته العلمية التي تدل على سَعَةِ اطلاع، وطول باعٍ، وفهم عميق، ومعرفة دقيقة لعلل الأخبار، ورواة الآثار، مع سلاسة لا تخفى.
وأكد وكيل الأزهر، أنه ليس غريبًا على أزهرنا الشريف وجود هذا الحراك العلمي، والتنافس المعرفي؛ إذ نرى أنوار الفهوم تتحدَّرُ مِنْ عُقول عُلمائه؛ فتضيء الطريق أمام محبي العلم ودارسيه وسُفرائه من كل حَدَبٍ وصَوْبٍ، مبينًا أن الأزهر لم يغب يومًا من الأيام عن أداء دوره العلمي، ولم يتخلف أبدًا عن واجبه المعرفي تدريسًا وتعليمًا، وتأليفًا وتصنيفًا، مع جودة في الطرح، وسلاسة في العرض، ودقة في الإيراد والتقرير، ومبالغة في التهذيب والتحرير؛ لذلك تميز هذا المعهد المعمور، وشهد لعلمائه القاصي والداني على مَرِّ العصور والأزمان.
وأوضح فضيلته، أن عقد مجالس ختم كتب العلم سُنَّة درج عليها العلماء عبر القرون، ونحن إذ نقيم هذا الختم المبارك في الجامع الأزهر الشريف؛ وفاء وعرفانًا وإحياء لما قام به أئمة الحديث وفرسانه من جهود مباركة في هذا الباب؛ إذ هي عادة علمية كريمة، درج عليها العلماء في أزهرنا المبارك.
واختتم الدكتور/ الضويني، أن دور الأزهر الشريف واضح جلي في صناعة العلم، وتكوين الثقافة الإسلامية الصحيحة، ومواجهة الخرافة وألوان العنف والتطرف، ويأتي هذا المجلس دليلًا وشاهدًا على ذلك، كما أن هذا المجلس وغيره بأروقة الأزهر يؤكد بحق أن الأزهر يُولي السُّنَّة النبوية عناية فائقة في بابي الرواية والدراية، وأن علماء الأزهر هم أحد بناة صروح العلم بصبرهم وجَلَدِهِم على تعليم العلم ونشره؛ يبتغون بذلك فضلًا من الله ورضوانًا؛ فإنهم يحافظون بذلك على العقولِ مِنْ نَزَق فكرة متشددة، أو رؤية منحرفة متحللة، ويحافظون بذلك أيضًا على أوطانهم، ويسعون في رعايتها، وبنائها، ورُقيها.