أكد الدكتور يسري جعفر، أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين جامعة الأزهر، أن المذهب الأشعري والماتريدي الذي اتخذه الأزهر الشريف منهجًا له أحد الأسباب الرئيسة التي تحصن العقل الأزهري، وتجعله يواجه المتغيرات العالمية التي تلاحقه.
جاء ذلك خلال إحدى ندوات "نحو عقول محصنة" التي نظمها قطاع المعاهد ضمن البرنامج التثقيفي لمعلمي ومعلمات الأزهر الشريف، صباح اليوم الخميس 15 مارس بمنطقة القليوبية الأزهرية.
وأوضح الدكتور يسري جعفر، نائب رئيس مركز الفكر الأشعري، أن المتغيرات المتلاحقة في العالم أوجدت الكثير من الأسباب التي دفعت فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إلى إنشاء مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات.
وقال جعفر: إننا تعلمنا في الأزهر كيفية الجمع بين النقل والعقل، وهو ما يحقق الحصانة في العقول الأزهرية، فلا نترك النصوص ولا نعمل على ظاهر النص، بطريقة علمية منهجية، فالمنهج الأشعري -وهو منهج الأزهر- يحصن العقل من التطرف والتشدد من جهة، ومن التميع من جهة أخرى.
وأشار نائب رئيس مركز الفكر الأشعري إلى أن المنهج الأزهري حافظ على وسطية الشعب المصري بل وسطية العالم الإسلامي كله، وهو ما يعود في الأساس للمنهج الأشعري.
ولم يقتصر الأمر على تحصين العقل الأزهري، بل تجاوز المنهج الأشعري هذا الأمر، حيث امتد تأثيره على الشعب المصري المتدين بطبعه، فالكل لديه الثقة في العالم الأزهري ورأيه وفتواه.
بل إن الهجوم على الأشاعرة، يعود إلى قوتها، فالجميع يعلم أن الأزاهرة باختلاف مستوياتهم أقوياء محصنين بالمنهج الأزهري الأشعري؛ لأنهم يعبدون الله على علم وبصيرة.
وأوضح جعفر أنه لتحصين العقول يجب أن يتم التعامل مع الدين بالعقل وليس بالعاطفة، ولا يجب التعصب لشيوخ ليس لهم تاريخ علمي، بل يجب التصدي لهم؛ لأنهم يوجهون طعنة بخنجر مسموم في قلب الأزهر، وأخيرًا يجب إعانة العقول المحصنة ودعمها بمختلف الوسائل، في إطار دولة القانون والمؤسسات.
ومن جانبه، وجه الدكتور حسن خليل، مدير الشؤون الفنية بمشيخة الأزهر الشريف، عدة رسائل هامة إلى الحضور، أولها أننا أبناء مؤسسة يصل عمرها إلى أكثر من ألف عام قائمة على المسجد الأزهر الشريف، مهد العلم الديني الأصيل، وقامت على حراسة الدين والشرع أكثر من ألف عام.
الرسالة الثانية أن العقل المحصن هو السبيل لتكليف صحيح ينفذ به تعليمات الشرع، وبدون العقل لن تكون عالمًا ولا عابدًا معًا، فبالعقل والعلم نستطيع أن نعمر هذه الحياة ونكون خلفاء لله سبحانه وتعالى، مشيرًا إلى أن العقل لم يُذكر في القرآن الكريم ولا مرة، ولكنه ذكر أكثر من 50 مرة إعمال العقل.
وأشار إلى أن تحصين العقل يكون في المدرسة والمسجد والأسرة، فعقول أبنائنا أمانة في أعناقنا، وسط ظروف تغيرت وتيارات تتجاذب العقل كثيرًا، وهو ما قد يظهر في الزي والشكل، وضياع القيم والمبادئ والأخلاق الإسلامية.
والعقل إذا تحصن أصبح سدًّا منيعًا ضد الأعداء المتربصين، الذين يدلسون الحقائق ويزورون الواقع والتاريخ.
شهد الندوة الشيخ/ إبراهيم الحاج، رئيس منطقة القليوبية الأزهرية، والدكتورة دعاء صبري، والدكتور حمادة هزاع، عضوا المكتب الفني لرئيس قطاع المعاهد، بالإضافة إلى مديري المراحل التعليمية ومديري الإدارات والمراحل التعليمية بمنطقة القليوبية، وعدد كبير من المعلمين والوعاظ والمعلمات والطلاب.