08 نوفمبر, 2017

خلال الملتقى العالمي الثالث للشرق والغرب .. المشاركون يؤكدون ضرورة دعم الحوار الحضاري لصنع غدٍ أفضل

 -د. زقزوق: ملتقى روما من ثمار الحوار بين الأزهر والفاتيكان.. وجميع الأديان تدعو إلى التنوع وقَبول الآخر
-سوار الذهب: الحوار ضرورةٌ فرضَها الواقع العالمي .. ويجب القضاء على كل أفكار التطرف والإرهاب
-توران: السلام نبنيه معًا .. والحل يكمن في تعزيز التعاون والتقارب
- الأمين: المواطنة والعيش المشترَك يعنيان تجاوز كافة الامتيازات الدينية والمذهبية

 

أكد المشاركون في فعاليات الملتقى العالمي الثالث "الشرق والغرب.. نحو حوارٍ حضاري"، والمنعقد في العاصمة الإيطالية روما، ضرورة دعم الحوار الحضاري الذي يدعو لنشر قِيَم المحبة والتسامح والتعايش المشترك، لصنع غدٍ أفضل.

جاء ذلك خلال حلقةٍ نقاشية بعنوان: "الأديان والدولة الوطنية"، والتي عُقدت بمقر المستشارية الرسولية بمدينة روما الإيطالية، بحضور عددٍ من أبرز القيادات الدينية والسياسية والفكرية من الشرق والغرب .

وأكد أ.د/ محمود حمدي زقزوق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين، خلال كلمته التي ألقاها في افتتاح أعمال الملتقى، أن من ثمار الاتصالات التي قام بها الأزهر مع الفاتيكان والمجلس البابوي للحوار بين الأديان؛ الزيارة الناجحة التي قام بها شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين للفاتيكان في العام الماضي، وتركتْ صدى واسعًا ورَدَّ فعلٍ في مُختلِف أنحاء العالم، مضيفًا؛ أنه لا شك أن مثل هذه اللقاءات، ومنها لقاء اليوم، من شأنها أن تمهد للمزيد من التفاهم المشترك والتعاون البنّاء لخدمة السلام العالمي.

وأوضح د. زقزوق؛ أنه عندما نتحدث عن الدولة الوطنية والأديان، يجب أن ندرك أن الاختلاف بين البشر لا يُنسينا أخوتنا في الإنسانية؛ فنحن ننحدر من أصلٍ واحد، كما أن الأديان تنبع من مشكاةٍ واحدة، مضيفا: أن الإسلام أكد وجود التنوع وقَبول الآخَر، فقد شَكّل رسولُ الله نموذجًا مثاليًّا عن العَلاقة بين الدولة الوطنية والأديان؛ عندما آخى بين المهاجرين والأنصار، ووضَع وثيقةً لضمان حقوق غير المسلمين.

وأشار الدكتور زقزوق، إلى أن هذه الصورة المشرقة للتعايش بين الأديان قد أصابها  قدرٌ لا يستهان به من الفتور والضعف والانهيار، ليس فقط في عالمنا الإسلامي وإنما في العالم كله، وذلك نتيجة لما مَرّ بعالمنا من نزاعاتٍ جسام وحروبٍ نعاني منها حتى اليوم، ومهمتنا هنا ليست رصد الواقع، وإنما محاولة تغيير هذا الواقع عن طريق الفهم البنّاء والتعاون المشترك.

فيما أكد فخامة المشير سوار الذهب، عضو مجلس حكماء المسلمين ورئيس السودان الأسبق؛ أن الحروب أَوْدَتْ بالملايين من سكان الأرض بمختلِف معتقداتهم وتوجُّهاتهم في ظل غياب البوصلة التي تهدي الجميع إلى السلام والتعايش، مشيرًا إلى أن مثل هذه الفعاليات تُعَدّ وسيلةً من الوسائل التي تسعى إلى إرساء قيَم السلام والتعايش بين مُكَوِّنات العالَ،م الذي أصبح بمثابة قريةٍ صغيرة  تتوحّد فيها الأحلام والآمال.

وأضاف سوار الذهب: أن الحوار ضرورةٌ فرضَها الواقع العالمي، وهذا يدفعنا إلى فهم الآخرين، ومن ثَمّ السعي إلى التفاعل مع الآخَر، والعمل على تقريب سُبُل التفاعل والحوار، مشدّدًا على أن عقباتِ الحوار بين الغرب والشرق تؤدي إلى الغلو الديني، الذي يجب القضاء عليه في كل الأديان .

من جانبه، قال الكاردينال جان-لويس توران، رئيس المجلس البابوي، خلال كلمته التي ألقاها بالملتقى العالمي: إن السلام نبنيه معًا، ولا يمكن أن يُعرض بطرقٍ أُحاديّة الجانب، موضّحًا أن المسئولِين الدينيين لا يملكون حلولًا يقترحونها وحدهم؛ ولكن تأتي الحلول بالتعاون والتقارب، مضيفًا: أن كل ديانات العالم عليها دورٌ يجب أن تقوم به لبناء السلام .
وفي السياق ذاتِه، قال الشيخ علي الأمين، عضو مجلس حكماء المسلمين: إن الدولة هي مؤسسةٌ يصنعها الإنسان، وليست مؤسسةً تصنعها الأديان، مبيِّنًا أن تطور الدول يتوقف على قاعدة المواطنة والتعايش المشترك، الذي تجاوَز الامتيازاتِ الدينيةَ والمذهبية.
كان فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، قد ألقى خطابًا مُهمًّا في افتتاح الملتقى العالمي الثالث للشرق و الغرب؛ أكد خلاله أن الأديان الإلهيَّة لا يمكن أن تكون سببًا في شقاء الإنسان وهي ما نزلت إلّا لهداية البشر، موضّحًا: أن الأزهر مع مجلس حكماء المسلمين على استعدادٍ لتقديم كل ما يملكان من خبرةٍ لترويج فكرة السلام العالمي والتعايش المشترك.
كما عقَد الإمامُ الأكبر، لقاءَ قِمّةٍ مع البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، بحثَا خلاله سُبُل تنسيق الجهود لنشر ثقافة التعايش والسلام، ونبْذ العنف والكراهية والتعصب والإسلاموفوبيا، ودعْم الفقراء والضعفاء.
ومن المقرر، أن يلتقيَ شيخُ الأزهر اليومَ رئيسَ الوزراء الإيطالي؛ باولو جينتيلوني، ووزيرَ الخارجية، ورئيسَ مجلس الشيوخ الإيطالي، إضافةً إلى عددٍ من المسئولين الإيطاليين؛ لبحْث سُبُل التعاون المشترَك لمواجهة التطرف والإرهاب، ونشْر ثقافة التعايُش والسلام.