استكمل جناح الأزهر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب سلسلة "قراءة في كتاب"، بلقاء ثقافي جديد يتناول كتاب: "أزمة العالم المعاصر"، بقلم العلامة الفرنسي رينيه جينو، المعروف بالشيخ عبد الواحد يحيى، ترجمة سامي محمد عبد الحميد، حاضر فيه الدكتور محمد مهنى، أستاذ القانون الدولي.
بين الدكتور محمد مهنى، أستاذ القانون الدولي بجامعة الأزهر، أن مؤلف الكتاب تطرق إلى نقد الماديات التي اعتنقها الغرب وبُعدهم عن الدين وتهميشه، حيث قال عنهم: "رغم أن الغرب كان يسيطر على العالم - شرقه وغربه – فإن أصحاب النفوس النقية كانوا يتساءلون عن مصير الحضارة الغربية التي رأوا أنها انحرفت عن الدين وعن الفطرة السوية، واعتبروا أن تقدمها المادي الذي لا شك فيه يقابله انحسار فكري وروحي".
كما أشار أستاذ القانون الدولي إلى أهم مقولة لمؤلف الكتاب والتي ينصف فيها الشريعة الإسلامية والتي قال فيها: "وتشمل الشريعة كل ما هو (ديني) في المفهوم الغربي خاصة الجانب الاجتماعي والتشريعي، الذي يندمج في الإسلام اندماجًا جوهريًّا مع الدين، ويمكن القول بأن الشريعة منهاج عمل أما الحقيقة فإنها معرفة مجردة غير أنه يجب إدراك أن هذه المعرفة هي التي تعطي الشريعة معناها الأسمى العميق وسبب وجودها الحقيقي".
وتطرق الدكتور مهنى إلى إجابة مؤلف الكتاب عن العلاقة بين أوروبا والإسلام؟ وكان الجواب: أن ابتعاد الأوروبيين عن الدين بعد عصر النهضة الذي عادوا فيه إلى الثقافة اليونانية القديمة جعلهم يحرصون على المتع الدنيوية ولا يبالون بما سواها، أما الإسلام فإنه ظل متوازنًا في حرصه على السعادتين الدنيوية والأخروية، لا يهمل المادة ولا يزدري الفكر، وإنما يوافق بينهما ويأمر أتباعه بأن يسلكوا طريقًا وسطًا لا إفراط فيه ولا تفريط، ومن هنا كان (سوء الفهم) الذي لازم أوروبا الحديثة في فهمها للإسلام، ولا سيما أنها تقف موقف العداء من الأديان عامة ومن الإسلام خاصة.
وتناول الدكتور مهنى مخاوف مؤلف الكتاب عن التقليد الأعمى من المسلمين للغرب قائلًا: "أخطر ما يتعرض له المسلمون أن يسارعوا إلى تقليد الأوروبيين فيما سلكوا من طرق لتحقيق القوة المادية على حساب الفكر والدين، غير أن المسلمين مضطرون في أيامنا هذه إلى اكتساب العلوم والصناعة لمواجهة الهجمة الغربية التي لن تهدأ ولن تكفكف من غلوائها إلا إذا عادت أوروبا إلى رشدها بإصلاح داخلي فيها أو بقوة تصمد أمامها فتجعلها تفيق من كبريائها ونشوتها وزهوها بالقوة على الضعفاء".
ويختتم أستاذ القانون الدولي بذكر التحديات التي ذكرها المؤلف أمام الإسلام والتي قال فيها: "التحدي أمام الإسلام ليس سهلًا لكنه قادر على المضي فيه والنجاح فيه، لأن القوة التي تزهو الحضارة الحديثة بامتلاكها سلاحًا ذا حدين يهدد هذه الحضارة مثلما يهدد غيرها، ومن يطالبوننا بتقليد أوروبا تقليدًا مطلقًا مخطئون ويعانون من جمود في التفكير؛ لأن التاريخ لا يعيد نفسه كما يزعم البعض؛ وذلك لأن القدرة الإلهية على الخلق المتجدد ليس لها حدود".
ويشارك الأزهر الشريف -للعام السابع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 54 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.