الانتخابات الهندية محط أنظار العالم، لا سيما بالوعد الذي قطعه رئيس الوزراء ناريندرا مودي بأن يجعل الهند في صدارة الاقتصادات العالمية حال فوزه بفترة ثالثة، وهذه من دوافع الولايات المتحدة الأمريكية إلى تدعيم علاقاتها مع الهند، خصوصًا وأن الهند ورقة رابحة بالنسبة للولايات المتحدة في وجه الغزو الصيني الاقتصادي. تجرى الانتخابات العامة في الهند على سبع مراحل بداية من يوم الجمعة الموافق ١٩ من أبريل حتى الأول من يونيو ٢٠٢٤، على أن تعلن نتائجها في الرابع من يونيو بعد ثلاثة أيام من المرحلة الأخيرة منها، ويعد الفوز بعدد ٢٧٢ مقعدًا من أصل ٥٤٣ مقعدًا في مجلس النواب الهندي (Lok Sabha) أمرًا ضروريًّا ليتمكّن الحزب الفائز من تشكيل الحكومة.
توجه الناخبون في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب المكونة من سبع مراحل في الهند إلى صناديق الاقتراع في ١٩ من أبريل، واستمرت المرحلة على مدار أيام 26 من أبريل و٧ من مايو و١٣ من مايو و٢٠ من مايو؛ وتمتد حتى ٢٥ من مايو و١ من يونيو. ويُعلل إجراء الانتخابات على سبع مراحل بضمان أمن مراكز الاقتراع في بلد شاسع يضم عددًا ضخمًا من السكان. وتعد الانتخابات الهندية أكبر حملة انتخابية في العالم، إذ يبلغ عدد الناخبين المسجلين في البلاد نحو 968 مليون شخص، لهم حق الانتخاب وفقًا لبيانات لجنة الانتخابات الهندية في بلد بات هو الأكبر سكانيًّا على مستوى العالم بمجموع يناهز ١.٤ مليار نسمة.
تُستخدم الآلات الإلكترونية في عملية الاقتراع؛ وقد استخدمت لأول مرة في الانتخابات عام ١٩٨٢، وشهد العقدان الماضيان توسعًا كبيرًا في استخدامها.
أما فيما يتعلق بالصراع السياسي على السلطة، فمن ناحية يحاول رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الحصول على رئاسة الوزراء للمرة الثالثة. ومن ناحية أخرى، اصطفت أحزاب المعارضة في محاولة للإطاحة بحزب بهاراتيا جاناتا من السلطة. وفي ما يلي بعض الحقائق عن الانتخابات الهندية:
• يُطلق على مجلس النواب في البرلمان الهندي اسم "Lok Sabha"، ويضم ٥٤٣ مقعدًا بالانتخاب لمدة خمس سنوات. أما في ما يتعلق بالمقاعد المطلوبة لتشكيل الحكومة، فيحق للحزب السياسي أو ائتلاف الأحزاب الحاصل على ٢٧٢ مقعدًا من أصل ٥٤٣ مقعدًا تشكيل الحكومة، وقد حصل حزب بهاراتيا جاناتا على ٣٠٣ مقاعد في البرلمان في الانتخابات العامة لعام ٢٠١٩، فيما حصل حزب المؤتمر -الذي يشكل أكبر كتلة معارضة- على ٥٣ مقعدًا فقط.
• تقرر قواعد الترشيح والانتخاب في الهند أن حق التصويت مكفول لمن بلغ ١٨ عامًا فما أكبر؛ وأن الحد الأدنى لسن الترشح في الانتخابات البرلمانية هو ٢٥ عامًا. ويتحدد نجاح المرشح بحصوله على أكبر عدد من أصوات الناخبين؛ علمًا بأن الناخبين المسجلين، يزيد عدد الناخبين الذكور حيث يبلغ 497 مليونًا، في حين يزيد عدد الناخبات عن 471 مليونًا.
أبرز المرشحين في الانتخابات
يعتبر ناريندرا مودي أهم مرشح في الانتخابات؛ فقد ترأس منصب رئيس الهند على مدى السنوات العشر الماضية. ويليه في الأهمية أميت شاه الذي يعد أهم شخصية في حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، وهو أيضًا أحد أهم المرشحين في هذه الانتخابات. أما أبرز المرشحين عن حزب المؤتمر، أكبر أحزاب المعارضة، فهو "راهول غاندي" – علمًا بأن والدته سونيا غاندي لن تشارك في الانتخابات هذه المرة.
أهمية انتخابات ٢٠٢٤
يحاول رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي البقاء في منصبه رئيسًا للوزراء لفترة ثالثة على التوالي. وفي حالة نجاحه، سيكون ثاني رئيس وزراء للبلاد يُنتَخَب لولاية ثالثة على التوالي؛ إذ أحرزها قبله جواهر لال نهرو الذي ما زال رئيس الوزراء الوحيد صاحب هذا الإنجاز في تاريخ الهند.
إلى ذلك، صرح ناريندرا مودي بأهمية فوز حليفه السياسي المتمثل في التحالف الوطني الديمقراطي (NDA)، وهو تحالف من الأحزاب السياسية بقيادة حزب بهاراتيا جاناتا؛ لأن مودي يعوّل كثيرًا على هذا الفوز من أجل تحقيق هدفه المتمثل في ضم الهند إلى قائمة الدول المتقدمة بحلول عام ٢٠٤٧. تجدر الإشارة إلى أن الهند تحل في المرتبة الخامسة حاليًا بين أكبر اقتصادات العالم، وقد حققت نموًا سريعًا في السنوات القليلة الماضية. وتشمل وعود ناريندرا مودي الانتخابية الصعود بالهند إلى المرتبة الثالثة حال استمراره في منصبه رئيسًا للوزراء.
دور مهم في التصويت
أوردت وكالة أنباء رويترز أن الحزب الحاكم في الهند، حزب بهاراتيا جاناتا، يتمتع بأكبر أغلبية من الهندوس في البلاد؛ علمًا بأن ٨٠ في المئة من سكان الهند الذين يناهز عددهم ١.٤ مليار نسمة هم من الهندوس. هذه الحقائق من الأسباب التي دعت ناريندرا مودي إلى المشاركة في حفل افتتاح معبد رام المشيّد على أنقاض مسجد بابري المتنازع عليه في وقت سابق من هذا العام، إذ تأمَّل من ذلك كسب تأييد هذا العدد الكبير من الهندوس في الانتخابات. وتجدر الإشارة إلى أن بناء معبد رام كان في موقع مسجد بابري الذي هدمه الهندوس في عام ١٩٩٢ قبل ثلاثة عقود، وكان ذلك من بين أهم المطالبات الانتخابية لحزب بهاراتيا جاناتا.
المعارضة
شكل أكثر من عشرين حزبًا معارضًا تحالفًا سياسيًّا يسمى "الهند" لمواجهة ناريندرا مودي الذي يرى بدوره أن نجاحه ضروري لحماية التقاليد الديمقراطية والقيم العلمانية للبلاد. وفي حين اشتمل البيان الرسمي لبرنامج مودي الانتخابي جوانبَ تتعلق بتنمية الأقليات المهمشة؛ فإن استطلاعات الرأي التي أجريت قبل الانتخابات في الهند حتى الآن ترجح فوز حزب بهاراتيا جاناتا بالانتخابات. ومع ذلك، فإن هذه الاستطلاعات ليست سوى وسيلة لتسجيل النقاط السياسية قبل ظهور نتائج الانتخابات، ولذا يترقب الجميع نتائج صناديق الاقتراع التي ستظهر بين يومي ٤ و٦ من يونيو ٢٠٢٤.