11 ديسمبر, 2024

نظرة على أوضاع ذوي الاحتياجات الخاصة في ظل حرب الإبادة الصهيونية

نظرة على أوضاع ذوي الاحتياجات الخاصة في ظل حرب الإبادة الصهيونية

     يعاني الفلسطينيون في قطاع غزة منذ الــ(7) من أكتوبر 2023م، من القصف الصهيوني المتواصل، والتهجير القسري المتكرر، والأمراض، والتجويع، والعديد من التحديات الأخرى.

ولكن -وبحسب ما نشره موقع "كيكار هشبات" العبري- فإن عشرات الآلاف من الفلسطينيين من ذوي الاحتياجات الخاصة في قطاع غزة يعانون معاناة إضافية؛ بسبب حالتهم الصحية والعقلية.

إن الاضطرار إلى مغادرة المنزل في أي لحظة أمر صعب على الشخص العادي، فما بالنا بالأشخاص من ذوي الإعاقة؟!

ففي ظل أوامر الاحتلال بالإخلاء المتكرر، والذي طالَ أكثر من 80% من إجمالي مساحة قطاع غزة، يجد ذوو الإعاقة أنفسهم –ومن يعولهم- أمام تحديات ومعاناة غير عادية أثناء النزوح؛ هربًا من القصف والاستهداف.

ونظرًا لأن الغالبية العظمى من المستشفيات والعيادات والمراكز الطبية في قطاع غزة قد دُمِّرَت أو لم تعُد صالحة للعمل، أو حتى آمنة من القصف؛ فإن سكان غزة من "ذوي الإعاقة" لا يتمكنون من الوصول إلى الخدمات الطبية وإعادة التأهيل الذي يفتقرون إليه في تلقي الرعاية الصحية، أو حتى الركون إلى تلك المراكز والمستشفيات والاحتماء بها، على اعتبارها ملاذًا آمنًا من العدوان والقصف!

وحول معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة داخل القطاع؛ يشير موقع "كيكار هشابات": "يُهجَّرون من منازلهم دون مستلزماتهم الخاصة، لا يسمعون من أين تأتي الانفجارات، وأحيانًا أيضًا لا يدركون ما يحدث حولهم.

وفشل (الاحتلال) في حماية الأشخاص الأكثر ضعفًا بين المواطنين الفلسطينيين؛ في انتهاك صارخ لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة".  

وفي تصريح لـرئيس "شبكة الأجسام الممثلة للإعاقة" في قطاع غزة "ظريف الغرة"، لمجلة (972+): "لقد تزايد شعورهم بعدم القدرة على مواصلة العيش أو التعامل مع الوضع الحالي؛ الأمر الذي يزيد أيضًا من شعورهم بالدونية"، مضيفًا: "لم يتمكن الكثيرون من التغلب على الظروف، وأما مَن نجَا منهم، فلكل واحد منهم (وعائلاتهم) قصة حول ما مروا به للبقاء على قيد الحياة". 

وبحسب "مها الحسيني"، مديرة الإستراتيجية في الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، فإن: "جيش الاحتلال استخدم الكلاب بشكل ممنهج؛ لمهاجمة وإيذاء المدنيين الفلسطينيين، وخاصة في مناطق مثل الشجاعية، التي أمر الجيش سكانها بمغادرتها"، لافتةً: "تم استخدام الكلاب لتفتيش المناطق، والاعتداء على الأهالي كنوع من العقاب والانتقام؛ بسبب مخالفة التعليمات".

وتشير "الحسيني" إلى أن جيش الاحتلال يتعمد إطلاق العنان للكلاب المهاجِمة ضد المواطنين الأكثر ضعفًا، وصرحت لمجلة 972+: "لقد وثقنا حالات لنساء وأشخاص من "ذوي الإعاقة" تأثروا بالعديد من هجمات الكلاب داخل منازلهم". "وأفاد شهود عيان وضحايا أن الجنود وقفوا جانبًا ولم يفعلوا شيئًا خلال الهجمات، وفي بعض الحالات، كانوا يضحكون ويسخرون من الفلسطينيين".

ويقول "محمود بصل" الناطق باسم الدفاع المدني في غزة، لمجلة 972+: إن "أصعب الحالات التي نراها خلال عمليات الإنقاذ هي لأشخاص لا يدركون ما يحدث حولهم، نحاول التواصل معهم، ولكن يبدو أنهم لا يدركون ما نقوله".

وأكد "بصل" أن العديد من أبناء غزة الذين يعانون من "ضعف إدراكي" ماتوا خلال عمليات الإنقاذ؛ وذلك ببساطة لأنهم "لم يعرفوا كيف يتصرفون أثناء القصف، أو كيف يتبعون تعليمات الدفاع المدني. وفقد آخرون حياتهم –أيضًا- لأنهم ببساطة لم يستطيعوا التحرك، أو محاولة إخراج أنفسهم من تحت الركام؛ بسبب إعاقتهم الجسدية أو الشلل".

ويشير "قطاع تأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة" في "شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية": "يجد الآلاف من هؤلاء صعوبة بالعثور على مأوى ملائم، والحصول على المياه والغذاء والدواء والأجهزة المساعدة، مثل: الكراسي المتحركة، والمشايات، وأجهزة السمع، والفرشات الطبية الهوائية للمُقعدين حركيًّا، والتي يحتاجون إليها بشدة. كما أدى انقطاع الكهرباء إلى صعوبات كبيرة في إجلاء الأشخاص ذوي الإعاقة من المباني المرتفعة".

ووفق بيانات نشرها "قطاع التأهيل" في 29 يونيو 2024م، فإن المئات من ذوي الإعاقة في غزة قُتِلوا، والآلاف أصيبوا، بالإضافة إلى نزوح عشرات الآلاف من الأشخاص ذوي الإعاقة وتعرضهم لظروف النزوح الصعبة، فضلًا عن الصدمات النفسية الصعبة التي يتعرضون لها.

تصفية ذوي الإعاقة:

وهناك الكثير من القصص المأساوية التي رُويت على ألسنة شهود عيان، والتي تؤكد نوايا الاحتلال المبيَّتة في إبادة وتصفية كل من يقف في وجه مخطط التهجير، حتى وإن كان بسببٍ خارجٍ عن إرادته، كحال ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة. وفي هذا السياق، نسرد إحدى القصص التي نشرها الموقع العبري "كيكار هشابات" بتاريخ 30 سبتمبر 2024م:

ينقل الموقع على لسان أسرة "إياد" 37 عامًا (يعاني ضعفًا إدراكيًّا ومحدودية في الحركة)، أنه عقب ظهيرة يوم 23 يوليو 2024م، بدأت القذائف تتساقط من جميع الاتجاهات على مدينة "بني سهيلا" (إحدى مدن القطاع)، وفرت عائلة "إياد" من منزلها في حالة من الذعر، في محاولة يائسة للهروب من القصف العشوائي، وعقب فرارهم من خط النار المباشر؛ أدركوا أن أحدهم قد فُقِد.

ويقول شقيقه "محمد": "ظننا جميعًا أن شخصًا آخر قد أَخَذَ "إياد" معه. كان الوضع صعبًا في البداية، كان هناك قصفٌ عشوائيٌّ، ثم بدأت الدبابات في غزو المنطقة، ظل "إياد" طيلة هذا الوقت محاصرًا داخل المنزل".

ولم تتمكن عائلة "إياد" من العودة إلى منزلهم المحاصر، وانتظرت في مكان قريب لمدة ساعة؛ لكي ترى إن كان قد نجح في اللحاق بهم بطريقة أو بأخرى، على الرغم من أنه لم يكن قادرًا تقريبًا على التنقل بمفرده، وقال "محمد" لمجلة (972+): "كان لا يزال لدينا أملٌ في أنه سيظهر، لكن القصف ظل يقترب منا، واضطررنا للانتقال إلى مكان أكثر أمانًا".

وأمضت العائلة أسبوعًا في خيمة بالقرب من مستشفى "ناصر" قبل أن تتمكن من العودة إلى منزلها بعد انسحاب قوات الاحتلال من المنطقة، وعندما عادوا، وجدوا جثة "إياد" متعفنة في الحديقة ومليئة بالرصاص!

صُدم "محمد" عندما وجده هناك؛ لأنه كان يعلم مدى صعوبة أن يخرج "إياد" من غرفة المعيشة؛ حيث المكان الذي رأته فيه عائلته آخر مرة، ويضيف "محمد": "نحن على قناعة بأنه تم جَرُّه إلى الحديقة؛ ومن ثَمَّ قتله".

واستطرد محمد قائلًا: "كلُّ من يرى أخي "إياد" يدرك تمامًا أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ فلم يكن يشكل خطرًا على أحد". "وعلى الرغم من ذلك؛ قتلوه داخل منزله، كان من الممكن أن يتركه الجنود على قيد الحياة؛ فهو لم يكن ليفعل بهم أي شيء".  

  • أطفال يتحولون إلى معاقين:

أفادت "منظمة الأمم المتحدة للطفولة" (اليونيسيف) أن آلاف الأطفال أصبحت لديهم إعاقة؛ نتيجة إصابات ناجمة عن ذخائر متفجرة؛ ليضاف هذا الرقم إلى (98) ألف طفل فلسطيني في غـزة، كان لديهم في الأساس إعاقات قبل هذا التاريخ، وهي الإصابات التي قالت عنها منظمة الصحة العالمية "إصابات تغيِّر مجرى حياتهم".      

كما أشارت المنظمة إلى أن أكثر من (11) ألف فلسطيني بُتِرَت -على الأقل- أحد أطرافهم السفلية أو العلوية، بينهم (4) آلاف طفل (والرقم مرشح للزيادة)؛ لترتفع بذلك حصيلة ذوي الإعاقة ومحدودية الحركة داخل القطاع، بفعل حرب الإبادة الصهيونية.

 

وختامًا، يؤكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أن ما يصِلنا على ألسنة شهود العيان، أو حتى ما نشاهده بالصوت والصورة، ما هو إلا غيضٌ من فيض؛ حيث يستهدف الاحتلال الصحفيين أو المصورين؛ للتعتيم على فظائعه، كما يتعمد تطهير ساحة عملياته من شهود العيان.

ويشير المرصد إلى أن ما يجري داخل الساحة الفلسطينية، وفي لبنان الشقيق من عدوان سافر للاحتلال- يؤكد انسلاخ الكيان الصهيوني من كل ما هو إنساني وأخلاقي، فضلًا عن مجافاته للأعراف والقوانين الدولية؛ ما يؤكد أن الاحتلال الصهيوني ما هو إلا كيان همجي بربري، قد فاق بشريعته شريعة الغاب، تغذَّى على الدعم الأمريكي اللامحدود، وترعرع تحت مظلة عالم غربي عنصري، لا يحترم حتى قوانينه التي سنَّها، ولا يُلزم بها إلا الضعفاء، ممن سُلِبوا أرضهم ومقدساتهم؛ ما يؤكد صحة المقولة: "ما أُخِذَ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة"؛ إذ لم يترك الاحتلال للفلسطينيين خيارًا آخر سوى المقاومة (المشروعة). 

وحدة رصد اللغة العبرية

قراءة (278)/تعليقات (0)